بات الشارع الفلسطيني في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأمور عقب اقتحام وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال “الإسرائيلي” إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من قوات الاحتلال.
ولم تتوقف ردود الفعل “الكلامية” فلسطينيا وعربيا ودوليا، ضد اقتحام الفاشي بن غفير للأقصى، فيما انشغل المحللون بالحديث عن خطورة الاقتحام وتبعاته وإمكانية أن تؤدي هذه الاستفزازات لإشعال المنطقة.
واتفق غالبية المحللين، على أن بن غفير اقتحم الأقصى بعد تضليل مارسه الاحتلال وإعلامه؛ خشية من رد فعل الجماهير والمقاومة الفلسطينية، لكنهم حذروا من خطورة ما حدث، وأنه لا بد من الرد والتصدي له.
“حسم الصراع”
الباحث في الشأن “الإسرائيلي” صالح النعامي، ذكر أن بن غفير وشرطة وحكومة الاحتلال حرصوا على التضليل قبل اقتحام الوزير المتطرف للأقصى؛ “حتى لا يستعد الفلسطينيون للمقاومة”، وقال: “حتى عندما اقتحم الأقصى اقتحمه في الصباح الباكر مع افتراض أن حضور الفلسطينيين في المكان قليل”.
وبحسب النعامي، لولا الخوف من ردة الفعل الفلسطينية مقاومة وجماهير لما اضطر أقوى كيان في المنطقة إلى هذه الألاعيب، مضيفا: “رغم مكابرته، فإن بن غفير بات يعي الدرس، فليس كل مرة تسلم الجرة”.
رغم ذلك، يرى الباحث النعامي، ضرورة النظر إلى اقتحام بن غفير للأقصى في إطار تطبيق الحكومة الحالية من إستراتيجية “حسم الصراع” بدل “إدارته”.
وقال: “اقتحام بن غفير للأقصى أضفى طابعا رسميا على المس بالأقصى، وسيكون مقدمة لخطوات الحسم القادمة: صلاة اليهود فيه، تقاسم زماني، مكاني، تهويد كامل، وبناء الهكيل على انقاضه”.
ووفق النعامي، فإن حسم الصراع سيتمثل أيضا في ضم مناطق “ج” فعليا عبر تشريع كل البؤر الاستيطانية التي دشنت بدون إذن حكومة الاحتلال وصولا إلى فرض السيادة “الإسرائيلية” على المنطقة.
وأضاف أن “الحسم الديمغرافي” سيكون عبر تطبيق برنامج حركة “المنعة اليهودية” الذي ينص بشكل صريح على تهجير الفلسطينيين في الضفة والقدس وفلسطيني الداخل إلى الدول العربية.
ونبه إلى أن استراتيجية “حسم الصراع” تفرض على الفلسطينيين برنامج مقاوم شامل، يتم فيها توحيد كل ساحات النضال الفلسطيني وتكامل أدواتها بشكل فعال، وليس عبر خطوات مجتزئة، مثل ترك الضفة لوحدها، أو الاكتفاء بإطلاق صواريخ من غزة، بل فعل مقاوم مستدام يجبي أثمانا باهظة من “إسرائيل” على كل الصعد.
“القادم أخطر ويجب الرد”
كما اعتبر المختص في الشأن “الإسرائيلي” عادل ياسين أن بن غفير تبنى الخداع لاقتحام الأقصى، وهو أسلوب الجبناء والضعفاء الذين لا يمتلكون القدرة على المواجهة ويبحثون عن طرق التفافية لتحقيق أهدافهم والحفاظ على قاعدتهم الحزبية قدر الإمكان.
وقال ياسين إن تبنى بن غفير هذا الأسلوب لاقتحام الأقصى هو دليل ضعف وخشية من التداعيات المحتملة لهذه الخطوة الاستفزازية، متسائلا: “وإلا لماذا اضطر لاقتحامه في ساعات الصباح التي تخلو عادة من المصلين وتحت حراسة مشددة وارتداء سترة واقية، ولماذا لم يعلن بشكل رسمي عن موعد اقتحامه، وفي وقت الظهيرة على سبيل المثال، ولماذا اضطر على الانسحاب فورا بعد التقاط صورة الانتصار الوهمية”.
واستطرد قائلا: “رغم ذلك لا يمكن التقليل من هذه الخطوة باعتبارها تحديا للفلسطينيين ولمشاعر المسلمين وإصرار على إهانتهم في أحد أهم مقدساتهم”.
وأضاف أن “ما يزيد من خطورة هذه الخطوة هي أنها ستكون بمثابة دافع لجماعات اليمين المتطرف لتحقيق حلمها بالسيطرة تدريجيا على الأقصى والبدء بخطوات لذبح القرابين وإقامة كنيس أولي، يتلوه هدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم”.
وأكد أهمية ” شحذ الهمة وتوحيد الصف والقيام بخطوات عملية؛ لمنع تحقق سيناريو هدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم، حتى لو تطلب ذلك الدخول في مواجهة عسكرية”.
القادم أسوأ وأخطر
ويرى المختص ياسين، أنه لا بد من الرد الفوري والحازم على أي اعتداء على المسجد الأقصى، حتى لو تطلب الأمر الدخول في جولة قتالية أو مواجهة عسكرية، كما أنه على الجماهير الفلسطينية بالضفة الغربية والداخل المحتل وأيضا في الشارع العربي، التحرك السريع وقول كلمتهم، وعدم الاكتفاء بشجب واستنكار وتحذير الأنظمة العربية، متابعا: “وإلا فالقادم أسوأ وأخطر”. وفق تعبيره.
“الانتفاضة!” الباحث في الشون “الإسرائيلية” عدنان أبو عامر، قال إن ابن غفير فاجأ الجميع تقريبًا باستثناء أجهزة أمن الاحتلال التي منحته الضوء الأخضر بتنفيذ الاقتحام، ولو في ساعات مبكرة بعد مغادرة المصلين من صلاة الفجر، وقبيل حشودهم في ساعات النهار، الأمر الذي يحقق له مراده، ويظهره كمن أوفى بوعوده لناخبيه اليمينيين من جهة، ومن جهة أخرى، الحيلولة دون أن يكون هذا الاقتحام حدثًا متفجرًا.
وأضاف أنه مع تزامن اقتحام الأقصى في ظل الظروف الحالية مع تشكيل الحكومة، وإعلان خطوطها الأساسية، فإنه يُنظر إليه بالفعل على أنه استفزاز سياسي، لأنه لا يحمل سوى معنى واحد وهو تثبيت العديد من الوقائع على الأرض، وخوض سباق مع الزمن، واتخاذ المزيد من الإجراءات الساعية لتغيير ما يعرف بـ”الوضع الراهن” في المسجد الأقصى، مما يتطلب مزيدًا من الاهتمام والتحضير من جانب جيش الاحتلال.