- ما حكم المبيت بمنى؟ وهل يجزئ عن الحاج أن يرمي جمراته كل يوم، ويبيت بمكة أو في جدة؟
– بات الرسول صلى الله عليه وسلم بمنى ليالي أيام التشريق، وذلك لقربه من المكان الذي يسهل عليه الرمي منه، ومن كان يشق عليه المبيت بمنى، أو كانت له حاجة أو مصلحة في عدم المبيت بمنى، فلا حرج عليه في ذلك، إذ لا دليل يدل على الوجوب، وهذا قول الحسن البصري، وعبد الله بن عباس، ورواية في المذهب الحنبلي.
قال ابن قدام في “المغني”: السُّنة لمن أفاض يوم النحر أن يرجع إلى منى، لما روى ابن عمر: “أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى” (متفق عليه)، وقالت عائشة: “أفاض رسول الله صلى لله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق (رواه أبو داود).
قال ابن قدامة: وظاهر كلام الخرقي أن المبيت بمنى ليالي التشريق واجب، لقوله: “ولا يبيت بمكة ليالي منى”، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وقال ابن عباس: “لا يبيتن أحد من وراء العقبة ليلاً”، وهو قول عروة، وإبراهيم، ومجاهد، وعطاء، وروى ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو قول مالك، والشافعي.
والثانية: ليس بواجب، روى ذلك عن الحسن، وروى عن ابن عباس: إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت، قال: ولأنه قد حل من حجه (أي تحلل التحلل النهائي) فلم يجب عليه المبيت بموضع معين، ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بات بمنى ليالي أيام التشريق، وكان مبيته بها أمراً طبيعياً: لأنه لم يكن له ولا لأصحابه بيوت في مكة، وهو محتاج إلى البقاء في منى من أجل رمي الجمرات، فهو يبيت في المكان الذي يسهل عليه الرمي منه، ومن هنا كان المبيت بمنى أسهل عليه وعلى أصحابه، ليظلوا معاً في تجمع إسلامي فريد، بعد أداء المناسك، يرمون الجمرات، ويذكرون الله في أيام معدودات، ويأكلون ويشربون ويتمتعون بما أحل الله لهم من أشياء كانت محظورة عليهم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: “أيام منى (أو أيام التشريق) أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى”.
فمن لم يكن له حاجة ولا مصلحة في ترك المبيت بمنى فيُسن له أن يبقى بها تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو تأسٍّ مطلوب طلب الاستحباب، وليس طلب الوجوب فيما أرى.
العدد (2027)، ص55 – 3 المحرم 1434 ه – 17/11/2012م