- أنا شاب تزوجت منذ 8 سنوات، ولم يرزقنا الله أطفالاً، وفي يوم من الأيام قمت صباحاً على صوت الأذان، ورفعت يدي إلى الله مستغيثاً وقلت: “نذر عليَّ إذا حملت زوجتي أن أعمل حفلة لأصدقائي”، واستجاب الله تعالى إلى طلبي، وحملت زوجتي، وقد قررت إقامة الحفلة، ولكن هناك بعض الأصدقاء أشاروا عليَّ ألا أقيمها إلا بعد الولادة، ومنهم من أشار بإعطاء تكاليفها إلى الفقراء، وقد وضعت زوجتي طفلة، وكانت صحيحة تماماً، إلا أنه لم يمض على ولادتها أكثر من 15 يوماً حتى اختارها الله إلى جواره.. هل الطفلة توفيت بسبب عدم تنفيذ النذر قبل ولادتها؟ وهل النذر لا يزال ساري المفعول بعد موتها؟
– عوضك الله خيراً من ابنتك، وجعلها في ميزانك يوم القيامة.
وأما موت البنت فهو قضاء الله الذي لا راد له، ولا معقب لحكمه، ولكل حي أجل، فإذا انقضى فلا مجال لإمهال أو تأخير، كما قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: 34).
وليس هناك علاقة سببية بين الموت وعدم الوفاء بالنذر، فالموت ظاهرة طبيعية، مبنية على سنن وأسباب، منها ما نعلمه، ومنها ما لا يعلمه إلا الله تعالى: (وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ) (فاطر: 11).
وأما النذر الذي جعلته لله على نفسك فقد لزمك الوفاء به، فإن الله تعالى أثنى على عباده الأبرار فقال: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (الإنسان: 7)، وذم الذين ينذرون ولا يوفون فقال جل شأنه: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ {76} فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ) (التوبة)، وروى أبو داود أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف –تغني إظهاراً للفرحة والبهجة– فقال لها: “أوفي بنذرك”، وموت البنت بعد ذلك لا يسقط وجوب الوفاء بالنذر؛ لأن النذر لم يكن معلقاً على حياتها، بل على حمل الزوجة بها، وقد حملت، وتم الحمل حتى وضعت، وعاشت بعد الوضع أياماً.
العدد (2035)، ص52-53 – 30 صفر 1434ه – 12/1/2013م