«غزة» كلمة سامية فيما يبدو، وتعني «قُوَى» أو «كنوز» أو «مخازن»، وقد عرفها العبرانيون باسم «عزة»، والفرس باسم «هازاتو»، وسماها العرب «غزة هاشم» نسبة إلى هاشم بن عبد مناف، جد الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي مات ودُفن فيها.
وتشير الكلمة في الثقافة العربية إلى كلٍّ من قطاع غزة ومدينة غزة، وتَبعُد المدينة ثلاثة أميال عن ساحل البحر المتوسط إلى الشرق، وعشرة أميال إلى الجنوب من عسقلان، ويمر بها الطريق الساحلي الرئيس الممتد من لبنان إلى مصر ماراً من شمال فلسطين إلى جنوبها، وغزة آخر مدينة كبيرة قبل الوصول إلى سيناء، وآخر محطة لمن يريد دخول مصر، وأول محطة لمن يريد دخول فلسطين من ناحية الجنوب، ونظراً لموقعها الجغرافي، كان الاستيلاء على غزة يعني السيطرة على طرق الحرب والتجارة بين آسيا وأفريقيا في العالم القديم.
كانت غزة من نصيب قبيلة يهودا عند تقسيم أرض كنعان بين القبائل العبرانية، ولكن الفلستيين طردوهم منها واسترجعوها.
وقد كانت غزة أيضاً مركز نشاط شمشون، كما كانت مركزاً لعبادة داجون الفلستية، وبقيت هياكل هذا «الإله» فيها حتى سنة 400م حيث حُطِّمت المعابد الوثنية فيها بمرسوم إمبراطوري حينما تحولت روما إلى المسيحية.
وكانت غزة على حدود المملكة العبرانية المتحدة حين احتلها الآشوريون عام 720 ق.م، وعلى هذا، فقد اشتركت في التمرد ضد الحكم الآشوري ثم ضد نخاو (فرعون مصر) عام 608 ق.م، وكانت غزة المدينة الوحيدة في فلسطين التي لم تستسلم للإسكندر، فنكَّل بها وهدم أسوارها، وقد قاومت غزة المكابيين حينما قاموا بثورتهم وأبت الخضوع لهم، لكنها استسلمت لهم عام 145ق.م، ثم تمرَّدت عام 95 ق.م، فحاصرها ألكسندر يانايوس لمدة عام، وبعد أن دخلها، أحرقها وقتل أعداداً كبيرة من أهلها.
وقد قاومت غزة الغزو الروماني لمدة طويلة، وبعد أن أخضعها الرومان تحوَّلت إلى مستعمرة عسكرية، ولما نكَّل هادريان باليهود الذين ثاروا ضد الإمبراطورية الرومانية، بعث بأسراهم إليها حيث قُتلوا في المصارعة التي أُقيمت في حفلة الألعاب الهدريانية.
وظلت غزة تحت حكم الرومان إلى أن فتحها العرب عام 634م، واستولى الفرنجة عليها عام 1100م، فظلت بحوزتهم حتى تحررت بعد معركة «حطين» عام 1187م، ثم احتلها الإنجليز عام 1917م.
وبعد عام 1948م، دخلت غزة تحت الحكم الإداري المصري، ومنها قام الفدائيون الفلسطينيون بشن هجماتهم على «إسرائيل»، وفي عام 1967م، ضمَّتها «إسرائيل»، ولكنها قاومت الاحتلال بضراوة، وقد اعترف موشيه ديان، وزير الدفاع «الإسرائيلي» حينذاك، بأن غزة «يحكمها الفدائيون في الليل»، وقد اندلعت منها الانتفاضة الفلسطينية في ديسمبر 1987م، واستمرت في التصاعد، وبمقتضى اتفاقية أوسلو أصبحت غزة خاضعة للسلطة الفلسطينية.
__________________________
المصدر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.