تحدثنا في المقال السابق عن أهمية الكتابة في ورق أو على اللوح، ومن أجل تأكيد أهمية الكتابة بصفتها وسيلة من وسائل جذب المتدربين، نذكر هذا المثال:
في إحدى الدورات التدريبية بعنوان «التحكم في ضغوط العمل»، طلبنا من المتدربين اتباع تعليمات معينة، مع كتابتها على ورقة خارجية، لمعرفة صدقهم في اتباع التعليمات، من أجل تقليص ضغوط العمل، ولكن لم يستطع أغلبهم اتباع التعليمات، حيث إنهم بادروا بالحل دون قراءة المكتوب في الورقة، وهذه تفاصيل التمرين:
اقرأ الإرشادات التالية بعناية فائقة قبل البدء باتباعها، ولك من الوقت نصف دقيقة لإنهاء المطلوب:
– اكتب اسمك على ورقة خارجية.
– ضع دائرة حول اسمك.
– ارسم خمس مربعات صغيرة على ورقتك.
– ضع علامة «x» داخل المربعات المذكورة في الجملة الثالثة.
– ارسم دائرة حول كل مربع من تلك المربعات الخمسة.
– عندما تنتهي من قراءة الإرشادات بعناية فائقة، اتبع الإرشادات المذكورة في البندين الأولين فقط.
من أصل 20 متدرباً، لم يلتزم بالتعليمات سوى متدرب واحد!
إذاً، استعمال المدرب وسيلة الكتابة أثناء الدورة التدريبية مهم جداً في تثبيت المفاهيم بأذهان المتدربين.
– الزيارات الميدانية:
من المهم جداً أن يجعل المدرب المتألق بعض أيام الدورة زيارات ميدانية؛ وذلك لكسر الروتين، وتثبيت المفاهيم بالتطبيق العملي.
مثال (1): في دورة تدريبية للحرس الوطني الكويتي تحت إشراف مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر، في الفترة من 3 – 14 ديسمبر 2024م، بعنوان «أسرار القيادة الفعالة»، وكانت تركز على 3 سمات في القائد الفذ؛ وهي: الثقة بالنفس، والقدوة الحسنة، والهيبة والكاريزما.
مهم جداً أن يجعل المدرب بعض أيام الدورة زيارات ميدانية وذلك لكسر الروتين وتثبيت المفاهيم بالتطبيق العملي
وفي أحد أيام الدورة، كانت لنا زيارة ميدانية لشركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية، وقد تخطت الزيارة توقعات المتدربين! حيث التقى المتدربون برئيس مجلس الإدارة، ومدير إدارة الموارد البشرية، ومدير إدارة العقود في الشركة.
وتعلم المتدربون من هذه الزيارة فنون الإدارة والقيادة في الواقع العملي، بعيداً عن التنظير الشفوي.
مثال (2): في إحدى الدورات التدريبية حول التفكير الإبداعي في بيئة العمل، كانت لنا زيارة لمطعم في فندق كراون بلازا، وطلبنا من المتدربين -قبل تناول وجبة الإفطار- أن يجدوا حلاً للغز العالمي المعروف بـ«لغز آينشتاين»، الذي يجيب عن سؤال واحد: من أكل السمكة؟
هذا اللغز يتناول 5 أشخاص من 5 دول مختلفة، ويسكنون في 5 بيوت مختلفة، ويشربون 5 أشربة مختلفة، ويأكلون 5 أطعمة مختلفة، ويمارسون 5 أنواع من الرياضة.
ويفرض هذا اللغز شروطاً يصعب التوفيق بينها، وذلك للإجابة عن سؤال واحد؛ وهو: من أكل السمكة؟ ففي هذا اللغز إعمال للفكر من أجل إيجاد حل مُبتَكَر!
مثال (3): في دورة تدريبية –مدتها أسبوعان- حول «كيف تتعلم اللغة التركية»، كنت أنا المتدرب الوحيد.
ففي أحد أيام الدورة، خرجت مع المدرب الأستاذ التركي إمرح في زيارة ميدانية إلى مركز البيرق للتسوق، ومررنا على محلات المركز والأستاذ إمرح يعلمني كيفية التعامل مع أصحاب المحلات في البيع والشراء باللغة التركية، ويذكر لي أسماء المنتجات باللغة التركية، وكانت هذه الزيارة الميدانية بحق هي أفضل من الدروس التعليمية داخل الفصول الدراسية.
وعرفت يومها أن الجملة التي تحتوي على فعل باللغة التركية دائماً تنتهي بالفعل! ومثال ذلك، لا نقول: أنا ذهبت إلى المدرسة، وإنما نقول: أنا إلى المدرسة ذهبت!
مثال (4): في دورة «التفكير الإبداعي لشركة المشروعات السياحية»، كانت للمتدربين زيارة ميدانية من نوع مختلف، حيث تم عقد أحد أيام الدورة على ظهر سفينة -في وسط البحر- من سفن شركة المشروعات السياحية!
كان ذلك اليوم من أفضل أيام الدورة، إذ يوجد فيه تجديد بمكان انعقاد الدورة، وتم القضاء على الظواهر السلبية لدى بعض المتدربين؛ وهي كثرة الاستئذانات لقضاء بعض الحاجات الشخصية والمنزلية!
مثال (5): في زيارة ميدانية لتجار الكويت في أحد أيام دورة تدريبية حول «كيف تجمع التبرعات لمصلحة المشاريع الخيرية؟»، كنا نتكلم معهم وفق معلومات مؤكدة حول العمل الخيري، ونفرق بين المعلومات والانطباعات، ونتحاشى استعمال الكلمات التالية في حديثنا معهم: معظم، أكثر، غالب، قليل من، نظن، نعتقد، تقريباً، حوالي، وكنا نستبدل بهذه الكلمات حقائق وإحصائيات ومعلومات مؤكدة، لأنها أوقع على مسامعهم وقلوبهم.
على المدرب المتألق أن يتجنب استعمال الكلمات التي تعطي انطباعات ولا تقرر حقائق ومعلومات للمتدربين
لتوضيح الأمر، إليكم بعض العبارات التي توحي بانطباعات، وكيفية تحويلها إلى حقائق ومعلومات:
في هذه الأيام، يعاني كثير من الأطفال الجوع في الصومال (هذا انطباع)، نستطيع تحويلها إلى حقيقة، بتوضيح العبارة بأرقام، أو نسب مئوية كما يلي:
في هذه الأيام، يعاني نصف الأطفال في الصومال من الجوع.
ومثال آخر:
سقطت طائرة في باكستان وقتل معظم ركابها، ونقل الناجون منهم إلى المستشفيات (هذا انطباع)، نستطيع تحويلها إلى حقيقة، بتوضيح العبارة بأرقام، أو نسب مئوية كما يلي:
سقطت طائرة في باكستان وقتل جميع ركابها، ولم ينجُ منهم سوى 10 أشخاص، نُقلوا إلى المستشفيات.
وفي إحدى الدورات التدريبية، التي عقدت في مقر الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، كنا نشجع المتدربين على زيارات ميدانية لتجار الكويت، لجمع التبرعات للعمل الخيري، وكنا نحثهم على تجنب الكلمات التي تعطي انطباعات للتجار، ولا تعطيهم حقائق ومعلومات.
لذلك على المدرب المتألق أن يتجنب استعمال الكلمات التي تعطي انطباعات ولا تعطي حقائق ومعلومات للمتدربين.