يختلف التعامل في فترة الامتحانات بين مدرسة وأخرى وفق «الرغبة» الإدارية في الخروج بنتائج جيدة، من خلال توفير البيئة المناسبة للاختبارات، وحسن تعامل المعلمين والمراقبين مع الطلبة.
والطالب في الامتحانات هو محور الارتكاز ومرمى السهام من عدة جهات، فهو بداية يقع في تحد مع واضعي الامتحانات الذين يتعاملون مع ورق وليس مع عقول، وهم بعيدون عن الميدان الحقيقي، معتمدين على الخبرات القديمة، متجاوزين مستوى وواقع التعليم، وقدرات المعلمين والإمكانات المعينة، وكلنا يذكر مأساة اختبارات الفصل الدراسي الأول.
ثم يقع الطالب في مستنقع الشك وسوء الظن بالرغبة الأكيدة للغش في الامتحان، فتجد بعض المراقبين هداهم الله يشددون حتى في تحريك العضلات النائمة للطالب (التمغط وطقطقة الأصابع)، ولا يعيرون أي اهتمام للضغط النفسي الذي يعيشه الطالب، لدرجة التسلط في بعض الأحيان، متجاوزين الجانب التربوي في ذلك، مما يؤدي الى تشتيت تركيز الطالب.
وبالمقابل، هناك مراقبون أبويون تربويون يراعون الجانب النفسي للطالب، ويتجاوزون عن الزلات، ويعطون الفرص، ويرفعون المعنويات، ويوزعون الابتسامات، ويمنحون الثقة للطلبة، فيزيلون الرهبة من قلوب الطلبة، تلك الرهبة التي تجعل حاجزاً بينها وبين العقل والذاكرة.
ويأتي دور البيئة الذي تهيئه الإدارة المدرسية، من تكييف قاعات الامتحانات، وإضفاء جو الهدوء، وتوفير الماء البارد بكميات كافية طول الوقت، وتوفير أماكن للراحة بين الامتحانين، لا أن يظلوا طول الوقت في الممرات أو في الشمس أو في الساحات تحت اللاهوب والغبار، وهم يستعدون أو ينتظرون الاختبار التالي أو الورقة الثانية.
ولا أجد غضاضة في تدليل الطلبة، وتوفير الشاي والعصير مع الماء، ولا أجد مانعاً من ذهاب الطالب إلى دورة المياه عند الحاجة.
وأعجبتني طريقة بعض المدارس وضع لوحات تشجيعية في قاعات الامتحانات والممرات، مثل: الامتحان سهل، سأتفوق بإذن الله، سأحقق أحلام النجاح.. إلخ، بالإضافة الى الأدعية والأذكار التي تساعد على تطمين النفوس.
والضغط الأخير على الطلبة هو التصريحات المتوالية من بعض قيادات وزارة التربية وبعض النواب فيما يخص معدلات القبول في الكليات والمعاهد، لأنها تجعل طلبة الثانوية العامة في توتر مستمر، فإما أن يعلن ذلك قبل الامتحانات، أو يعلن بعد انتهائها مباشرة، حتى لا نزيد الطالب هماً على هم.
أخيراً، كل الشكر والتقدير لجميع العاملين في وزارة التربية من قياديين وموظفين، ولا ننسى جهود أ. منى اللوغاني خلال توليها التعليم العام، فهي طاقة بلا حدود، وإنجازاتها تشهد لها، وكل الشكر للمناطق التعليمية والخدمات الاجتماعية والنشاط التربوي والمراقبين والإدارات المدرسية والمعلمين والاختصاصيين الاجتماعيين والسكرتارية الذين بذلوا الجهود الكبيرة من أجل أبنائنا، لكل هؤلاء أقول لهم: جزاكم الله خيراً، ومن قال جزاك الله خيراً فقد أبلغ الثناء.
وتمنياتي لجميع أبنائنا الطلبة التوفيق والنجاح، وأقول للآباء: لا تنسوا الدعاء لأبنائكم بالتوفيق والنجاح.
وقد نبهنا أحد الظرفاء بقوله: أرجو من الأمهات ألا يدعين بهذا الدعاء: «اللهم أعط ابني على قدر تعبه»؛ لأنه لن ينجح!
*****
قال ابن القيم: «فملك لا يتأيد بعلم لا يقوم، وسيف بلا علم مخراق لاعب، وقلم بلا علم حركة عابث، والعلم مسلط حاكم على ذلك كله».
____________________________________
المصدر: جريدة «الوطن».