في عالم العمل الخيري، تقوم المنظمات الإنسانية على أساس الثقة والالتزام بالقيم الأخلاقية، حيث يُعهد إليها بإدارة الموارد المالية والبشرية لتحقيق أهداف نبيلة، ومن هنا يأتي مفهوم «تضارب المصالح» كعنصر حساس في العمل الخيري، إذ يجب على أعضاء المجالس الإدارية والمسؤولين التنفيذيين اتخاذ قرارات تخدم المصلحة العامة دون التأثر بمصالح شخصية، فما تضارب المصالح؟ وما أهميته؟ وكيف يمكن تجنب الأخطار التي قد تترتب عليه؟
ما تضارب المصالح؟
تضارب المصالح هو حالة تنشأ عندما تتداخل المصالح الشخصية لأعضاء المجلس أو الموظفين مع مصلحة المنظمة؛ ما قد يؤثر على موضوعية القرار ويضر بمصداقية المنظمة، قد يظهر هذا التضارب في صور متعددة، مثل التعاقد مع شركات ذات صلة شخصية، أو التوجيه غير النزيه للتمويل، أو التوظيف العائلي.
أهمية إدارة تضارب المصالح في العمل الخيري
إدارة تضارب المصالح تضمن اتخاذ القرارات بموضوعية وعدالة؛ ما يعزز الثقة بين المنظمة ومجتمع المتبرعين، ويضمن استمرار دعمهم لتحقيق أهداف العمل الخيري، كما أن عدم السيطرة على تضارب المصالح قد يؤدي إلى فقدان الثقة وتعريض المنظمة للمساءلة القانونية؛ ما يؤثر سلبًا على سمعتها.
أمثلة على تضارب المصالح في العمل الخيري
1- التعاقد مع شركات ذات صلة بأعضاء المجلس: إذا كان أحد أعضاء المجلس يمتلك شركة تقدم خدمات تحتاجها المنظمة، فقد يؤدي هذا إلى اتخاذ قرار غير موضوعي في اختيار الموردين.
2- التوظيف العائلي: تعيين أحد أقارب عضو المجلس في منصب إداري دون اتباع معايير عادلة وشفافة؛ ما قد يُظهر تفضيلًا غير مبرر ويُفقد المنظمة مصداقيتها.
3- توجيه التمويل لجهات معينة: توجيه التبرعات لجمعيات أو مشروعات يربطها علاقة شخصية مع أحد الأعضاء قد يؤثر سلبًا على إستراتيجيات المنظمة ويضر بالمصلحة العامة.
فوائد إدارة تضارب المصالح بشكل فعال
– تعزيز الثقة: الإدارة الجيدة لتضارب المصالح تؤدي إلى تعزيز الثقة بين المتبرعين والمنظمة؛ ما يشجعهم على مواصلة دعمهم.
– تحقيق العدالة والشفافية: يؤدي التعامل مع تضارب المصالح بموضوعية إلى تعزيز الشفافية؛ ما يُظهر النزاهة ويلهم الآخرين.
– الحفاظ على سمعة المنظمة: تجنب تضارب المصالح يضمن للمنظمة استمرار سمعتها الطيبة، وهو ما يُعتبر من أهم أصولها.
كيف يمكن للمنظمات الخيرية تجنب تضارب المصالح؟
1- وضع سياسات واضحة: إعداد دليل شامل لإدارة تضارب المصالح يشمل سياسات الإفصاح، والإجراءات الواجب اتباعها عند حدوث تضارب.
2- الإفصاح الكامل: من الضروري على أعضاء المجلس الإفصاح عن أي تضارب مصالح محتمل قبل اتخاذ القرارات.
3- المراجعة الدورية: عقد اجتماعات دورية لمراجعة الوضع وتقييم أي حالات تضارب، لضمان الالتزام بسياسات المنظمة.
4- إجراء العقوبات عند المخالفة: وجود عقوبات محددة للتعامل مع حالات تضارب المصالح التي لم يُفصح عنها.
إدارة تضارب المصالح ليست مجرد خطوة لحماية المنظمة، بل هي مسؤولية أخلاقية تعزز من أمانة العمل الخيري وتضمن استمراريته في تحقيق أهدافه النبيلة، كلما زادت النزاهة والشفافية في العمل؛ زاد أثر المنظمة في تحسين حياة المستفيدين.