يمكن وصف تفجير الحافلة “الإسرائيلية” في مدينة القدس المحتلة، عصر يوم الإثنين 18 أبريل، أنها عملية نوعية، أو ضربة معلّم، كما يقال.
هذه العملية تمّت من خلال تفجير عبوة داخل حافلة صهيونية، في هجوم فدائي، داخل القدس المحتلة، وما يمثّل ذلك من رمزية سياسية واضحة، تؤكد تمسّك الفلسطينيين بأرضهم وعاصمتهم.
وهذه العملية تعتبر تطوراً في أداء انتفاضة القدس التي دخلت شهرها السادس، وبرزت أكثر ما برزت في مدينة القدس المحتلة، ومحيط المسجد الأقصى المبارك، والتي استخدم فيها الفلسطينيون عمليات الطعن والدهس، وأحياناً الرصاص والقنص، وكان الجمهور الفلسطيني ينتظر عمليات تفجيرية، كما كان يحصل في انتفاضة الأقصى بين عامي 2000 و2002م.
وجاءت عملية تفجير الحافلة في القدس في أيام الاحتفالات “الإسرائيلية” بعيد الفصح، حيث تبذل جهود أمنية ضخمة في المراقبة والتفتيش، وبعد أن وجّه أكثر من مسؤول “إسرائيلي” دعوة للمستوطنين للاحتفال بالأعياد باطمئنان، حيث أعرب نتنياهو شخصياً عن قدرة قواته العسكرية والأمنية على ضرب انتفاضة القدس.
في السياسة، جاءت العملية صفعة لجهود نتنياهو، ومحمود عباس.
منذ فترة، بدأ نتنياهو مجموعة من التحركات لإظهار قوته الأمنية بعد إخفاقه أمام انتفاضة القدس، زار عدداً من مواقع الجيش “الإسرائيلي”، جلس مع الجنود والتقط معهم الصور، فاوض محمود عباس على تسليمه عدداً من المدن لممارسة مزيد من القمع ضدّ الفلسطينيين، زار الجولان السوري المحتل، أعلن الاحتلال عن اكتشاف نفق في محيط غزة – قلّلت “حماس” من أهميته – استفاد الاحتلال من الواقع السياسي العربي والإقليمي المأزوم، هنا صوّر نتنياهو نفسه أنه الرجل الخارق.
على مسار مقابل، كان محمود عباس يجدّد الدعوة لـ”الإسرائيليين” للتعامل معه وإعطائه صلاحيات للتصرّف في التجمعات السكانية الفلسطينية الكبرى لضرب انتفاضة القدس، وذهب عباس إلى باريس وموسكو ليعرض صفقة سياسية جديدة: مفاوضات تحت المبادرة الفرنسية.
الرد الفلسطيني في القدس جاء عملياً:
1- ضرب عمق المجتمع “الإسرائيلي” وفي قلب مدينة القدس التي تحظى بأكبر اهتمام أمني.
2- نوعية العملية، التفجير، يعبّر عن قدرة الفلسطينيين على امتلاك هذه التقنية.
3- المكان في القدس يعني قدرة الفلسطينيين على اختراق قلعة الإجراءات، رغم كل محاولات التنسيق الأمني التي أسفرت عن إحباط أكثر من 300 عملية.
نتائج العملية على المستويات السياسية والأمنية تعتبر نصراً كبيراً للفلسطينيين، وضربة في العمق للاحتلال، ومن شأنها أن ترفع مستوى الأزمة الصهيونية الناتجة عن انتفاضة القدس.