حذرت مجلة “اﻹيكونوميست” البريطانية الرئيس عبد الفتاح السيسي “من أنه لن يستطيع التعامل مع تزايد الانتقادات ضد حكمه والتي تبلورت في صورة مظاهرات قوية خرجت للشارع، طالبت بإسقاط نظامه ﻷول مرة منذ توليه سدة الحكم في 2014، مشيرة إلى “أنه لم يتعلم من ثورة يناير إلا قمع المعارضة فقط” بحسب مصر العربية.
وفيما يلي نص التقرير..
على مائدة مستديرة كانت هناك جولة من النقاش، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ليس لديه نية لترك الضيوف يتحدثون بحرية.
تقريبا لمدة ساعتين يوم 13 أبريل الجاري دافع الرئيس السيسي عن سياساته أمام مجموعة من المسؤولين، والصحفيين من الجرائد القومية، وعندما توقف أخيرا، كان هناك تصفيق، ثم صمت. وحاول أحد السياسيين طرح سؤال، لكن الرئيس السيسي قاطعه قائلة : “لم أعط الإذن لأحد بالكلام”.
الرئيس يسعى للسيطرة على الجمهور بهذه الطريقة، وحاول ذلك بتضييق الخناق على المجتمع المدني والاحتجاجات الخطيرة.
ولكن الانتقادات للرئيس السيسي أصبحت أقوى في الآونة الأخيرة، وبلغت ذروتها خلال موجة من الغضب بعد قراره التخلي عن اثنين من الجزر غير المأهولة في البحر الأحمر “تيران وصنافير” للسعودية.
ومع تصاعد الضغوط، فإن نظام الرئيس السيسي بدا غير مستقر، ولمرة واحدة أنصار الجنرال السابق يشعرون بالصدمة والغضب.
التخلي عن الجزر، التي قال الرئيس السيسي “إنهما عادا ﻷصحابهما الشرعيين”، ربما يكون على حق السعودية سمحت لمصر بالسيطرة على جزيرتي تيران وصنافير عام 1950 خوفا من احتلال إسرائيل لهما، ولكن قلة من المصريين فقط من يعلمون ذلك.
وبعد شهور من الحادثات السرية التي أعلنت خلال زيارة الملك السعودي سلمان للقاهرة، مع إعلان المملكة إنشاء صندوق استثمارات في مصر بمليارات الدولارات، اﻷمر الذي دفع الكثيرين للقول إنها “صفقة لبيع الارض مقابل الدولارات”، وهو ما يعتبر إهانة لكرامة المواطن المصري.
ردة الفعل يبدو فأجت الرئيس الذي سارع أنصاره لتبرير تلك الخطوة، قائلين هل “نسي الناس أن الرئيس السيسي هو الذي يحميهم، وهو من أكد سابقا أنه سوف يمحو أي شخص من على وجه اﻷرض إذا حاول تهديد الدولة”.
إلا أن كل هذه المحاولات لم تنجح بشكل جيد، وفي 15 إبريل الجاري تظاهر أكثر من ألف شخص في وسط القاهرة، في تحد لقانون التظاهر، واعتبرت من أكبر المظاهرات المناهضة للرئيس السيسي منذ توليه سدة الحكم قبل عامين .
الجزر أشعلت شرارة التظاهرات، وخرج الكثير للشارع بسبب العديد من اﻷسباب التي تراوحت بين سوء إدارة الاقتصاد، وانتهاكات الأجهزة الأمنية، وقال شادي أحد المتظاهرين: لقد كنا نحتج بسبب الكثير من الأسباب.. احتجاج الشباب كان الهدف منه واضح، وخلالها عادة هتافات يناير مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” من جديد.
وفي الوقت الراهن، رغم أن أساليب الرئيس السيسي من المحتمل أن تثير السخرية أكثر من الثورة، فالرئيس يسعى بطرق غريبة وغير تقليدية لحل المشاكل الاقتصادية، مثل دعوته للمصريين بالتبرع يوميا بجنيه لصالح مصر.
ومع تصريحاته مثل:إن” علاج مشاكل مصر بسيط، ولا تستمع ﻷحد غيري” يشير مراقبون لوجود تشابه مع الرئيس السابق أنور السادات، الذي تسامح مع المعارضة الموالية، وأدان “المحرضين والخونة الحاقدين الذين يسعون بشكل متعمد لتشوية صورة مصر”، الرئيس السيسي وصفهم “بأهل الشر الذين يعملون على تخريب إنجازاتنا باﻷكاذيب”.
المؤسسة التي يثق فيها الرئيس السيسي أكثر من غيرها هي الجيش، الذي منحه منذ توليه الحكم امتيازات كثيرة، وأسند إليه مشاريع ضخمة مثل توسعة قناة السويس، اﻷمر الذي مكنه من منافسة القطاع الخاص، والرئيس يتوقع حاليا نفس الولاء من الشعب المصري، إلا أن خالد داوود المتحدث باسم ائتلاف المعارضة يقول : “نحن ( الشعب) لسنا جنود”.
احتجاجات أخرى ضخمة مقررة يوم 25 إبريل القادم، حيث يسعى النشطاء للعودة للشارع مرة أخرى بعد فترة من الخمول، بحسب داود الذي قال “شرارة 25 يناير لازالت موجودة”، في إشارة للثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في 2011.
وأضاف:” تلك الثورة يحتاج السيسي ألا ينساها.. لكن الدرس الذي تعلمه الرئيس السيسي منها هو أن أي شرارة للمعارضة يجب إخمادها بسرعة”.