الاحتلال للأراضي الفلسطينية لا يقتصر تزويره للجغرافيا والتاريخ، بل وصل هذا التزوير للنباتات الفلسطينية التي تنبت على تلال الضفة الغربية وسهولها.
د. بنان الشيخ، الخبير في التنوع الحيوي والنباتي في المركز الوطني للدراسات والأبحاث الزراعية، يقول في لقاء مع “المجتمع”: الاحتلال يحارب كل ما هو فلسطيني، فعلى سبيل المثال اعتمد الاحتلال عام 2013م تسمية بديلة عن زهرة شقائق النعمان ويقوم بتصدير الملايين منها باعتبارها زهرة وطنية لدولة الاحتلال، مع أن الزهرة أطلق عليها شقائق النعمان نسبة للقائد الإسلامي النعمان بن المنذر التي نبتت على قبره بعد أن دافع عن نساء المسلمين ضد أحد ملوك الفرس.
قرصنة
وأضاف الشيخ: القرصنة “الإسرائيلية” ليست على شقائق النعمان فقط، بل على نباتات كثيرة مثل نبات بطم فلسطيني يطلقوا عليه “بطم أرض أسرائيل”، نبات اللوف الفلسطيني يطلقوا عليه “لوف أرض إسرائيل”، وهذا بحد ذاته استحواذ على الثقافة واللغة والتاريخ، ونحن بدورنا نقاوم هذا الاستحواذ على الأسماء بالتوثيق ونشر الحقيقة الساطعة أن هذه الأرض فلسطينية، ونباتها يحمل اسمها، ولا علاقة للأسماء الغريبة التي تطلقها سلطات الاحتلال على النباتات وغيرها.
ويتابع الشيخ قائلاً: الفلسطينيون لديهم مئات النباتات تستخدم في الطب الشعبي والتداوي والتغذية، إضافة إلى 55 نبتة في التجميل وصناعة العطور، ومحاولة السطو عليها بسرقتها وتصديرها أو تغيير أسمائها يلحق الضرر عليهم بشكل صامت بدون أسلحة أو ضجة إعلامية.
إجراءات قاتلة
وتعرض الشيخ إلى الإجراءات القاتلة التي تقود إلى انقراض النباتات الفلسطينية منها سرقة مياه الينابيع في الضفة الغربية؛ الأمر الذي أدى إلى انقراض النباتات المائية بعد جفاف الأودية، إضافة إلى ضخ المخلفات السامة والمياه العادمة في أودية الضفة الغربية والقضاء على كل النباتات فيها كما يجري في وادي المطوي في سلفيت من خلال المياه العادمة القادمة منها والمخلفات الكيمائية السامة من مناطق صناعية.
وأضاف: المواقع العسكرية تحرم الفلسطينيين من النباتات المهمة كما هو في موقع تل الرأس العسكري في نابلس، والقضاء على نبتة السرخس النادرة، إضافة إلى منع الرعي في مساحات واسعة، الأمر الذي يؤدي إلى رعي جائر والقضاء على الأعشاب في منطقة الرعي، وعدم نمو النباتات فيها لصغر المساحة المسموح بها، وهذا شكل ضراراً واغتيالاً للحياة النباتية.
تناقض “إسرائيلي”
يتحدث د. بنان الشيخ عن تناقض “إسرائيلي” في التعامل مع النباتات البرية الطبيعية في الضفة الغربية، ويقول: سلطات الاحتلال تلاحق كل فلسطيني يجمع النباتات البرية، بينما في ذات الوقت يدمر هذه النباتات بالمستوطنات والمياه العادمة والمواقع العسكرية، وسلطة البيئة “الإسرائيلية” وافقت على اغتيال مواقع في الضفة الغربية تعتبر مستودعاً للحياة البرية، ومن الأمثلة الشاهدة على هذا الاغتيال منطقة واد قانا الذي يعتبر من المحميات الطبيعية القديمة، حيث وافقت سلطة ما يسمى بحماية البيئة على بناء 7 مستوطنات ضخمة في الوادي، وقامت بسحب المياه الجوفية وتجفيف مصادر المياه الطبيعية لهذه النباتات، ويمكن اعتبار ما يجري في واد قانا جريمة بحق البيئة الفلسطينية، وفي أحد المؤتمرات العالمية التي شاركت فيها ممثلاً عن فلسطين، استعرضت ما يجري في الضفة الغربية من سياسة ممنهجة للقضاء على النباتات الوطنية البرية الفلسطينية، وكيف أن الاحتلال يلاحق الفلسطيني في أرضه ويمنعه من الاستفادة من مقدراتها الطبيعية، وفي ذات الوقت يطبق إجراءات تعدم هذه الحياة بالكامل.
ونوه الشيخ قائلاً: نشر الخنازير البرية بكثرة في أراضي الضفة الغربية له الأثر السلبي في تدمير هذه النباتات في المحميات والمناطق الجبلية الفلسطينية.
تدمير للبيئة
أما المهندس الزراعي رائد بغدادي يقول: الاحتلال يدمر البيئة الفلسطينية بأسنان الجرافات وبالثقافة البديلة من خلال التزوير الثقافي لكل مكونات البيئة الفلسطينية، فالمستوطنات ساهمت في تدمير البيئة الفلسطينية من خلال التمدد المرعب في تلال الضفة الغربية ونشر الكتل الأسمنتية والأسيجة في معظم مناطق الضفة الغربية إضافة إلى الطرق الأمنية.