تبنت لجنة التراث العالمي التابعة لـ”اليونسكو” في دورتها الحادية والأربعين، المنعقدة حالياً بمدينة كراكوف في بولندا، قرار “بلدة القدس القديمة وأسوارها” المعدّ من الأردن وفلسطين، والمقدم من المجموعة العربية.
وجاء تبني القرار، الذي أيدته 10 دول، وعارضته 3، رغم الضغوط الهائلة التي مارستها “إسرائيل” على الدول الأعضاء و”اليونسكو” لإفشال القرار، الذي أكد اعتماد 12 قراراً سابقاً للمجلس التنفيذي لـ”اليونسكو”، و7 قرارات سابقة للجنة التراث العالمي، وجميعها تنص على أن تعريف الوضع التاريخي القائم في القدس هو ما كان عليه تراث المدينة المقدسة قبل احتلال القدس عام 1967م.
وأيدت 10 دول القرار الفلسطيني، وهي: أذربيجان، إندونيسيا، لبنان، تونس، كازاخستان، الكويت، تركيا، فيتنام، زمبابوي وكوبا.
وعارضته ثلاث دول، هي: الفلبين، وجاميكا، وبوركينا فاسو، وامتنعت 8 دول عن التصويت: أنجولا، كرواتيا، فنلندا، بيرو، بولندا، البرتغال، كوريا وتنزانيا.
وأكد القرار عدم شرعية أي تغيير أحدثه الاحتلال في بلدة القدس القديمة ومحيطها بعد احتلال القدس عام 1967م خاصة بطلان الانتهاكات والنصوص القانونية التي بنيت على ما يسمى “القانون الأساس” الذي أقره “الكنيست الإسرائيلي” لتوحيد القدس كعاصمة دولة “إسرائيل” عام 1980م باعتبار أن جميع هذه الإجراءات باطلة ولاغية، وأن “إسرائيل” مطالبة بإلغائها، وملزمة بالتراجع عنها حسب قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، وخصوصا قرار مجلس الأمن الأخير (2334) عام 2016م.
كما أدان القرار بشدة الحفريات تحت القدس والمقدسات، وطالبها بالوقف الفوري لجميع أعمال الحفريات غير القانونية، باعتبارها تدخلات صارخة ضد تراث القدس والأماكن المقدسة.
وأدان بشد اقتحامات المتطرفين وقوات الاحتلال، وتدنيس قداسة المسجد الأقصى/ الحرم الشريف باعتباره مكان عبادة للمسلمين فقط، وأن إدارته من حق الأوقاف الإسلامية الأردنية حسب تعريف الوضع التاريخي القائم منذ قبل احتلال عام 1967م.
كما طالب سلطات الاحتلال بتسهيل تنفيذ مشاريع الإعمار الهاشمي في المسجد الأقصى/ الحرم الشريف مع التشديد على وقف التدخل في مبنى باب الرحمة، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من المسجد الأقصى.
وأيضاً طالب قرار “يونسكو” “إسرائيل” بالسماح غير المشروط لوصول السلطة المعنية والمتمثلة بخبراء الأوقاف الأردنية من أجل المحافظة على بلدة القدس القديمة وأسوارها من الداخل والخارج، بما في ذلك حق الوصول وترميم طريق باب المغاربة الذي يعدّ جزءا لا يتجزأ من المسجد الأقصى.
كما طالب سلطات الاحتلال بوقف جميع مشاريع التهويد مثل “بيت هليبا” و”بيت شتراوس” والمصاعد الكهربائية والتلفريك الهوائي والقطار الخفيف الذي يمر بمحاذاة سور القدس، وإزالة آثار الدمار الناجم عن هذه المشاريع.
وطالبها أيضا بإعادة الآثار المسروقة، وتزويد مركز التراث العالمي في “اليونسكو” بتوثيق واضح لما تمت إزالته أو تزوير تاريخه من آثار في بلدة القدس القديمة ومحيطها.
وأدانت “يونسكو” في قرارها استمرار “إسرائيل” بمنع بعثة المراقبة، وتعيين ممثل دائم لليونسكو في شرق القدس لكتابة تقارير دورية حول حالة الحفاظ على تراث مدينة القدس وأسوارها والمخالفات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بهذا الخصوص.
كما دعا القرار مدير عام “اليونسكو” ومركز التراث العالمي، لبذل كل الجهود والسبل الممكنة لتنفيذ قرارات وتوصيات “اليونسكو” المتعلقة بالقدس.
وأكد الإبقاء على “بلدة القدس القديمة وأسوارها” على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر موقعاً مسجلاً من الأردن عام 1981م.
ويشمل جدول أعمال الدورة الـ41 للجنة التراث العالمي في “اليونسكو” التي تعقد في مدينة كراكوف البولندية، بين يومي 2 و12 يوليو، إعادة التصويت على قرار سابق قدّمه الأردن بشأن القدس تحت عنوان “بلدة القدس القديمة وأسوارها”.
كما ستنظر اللجنة في ترشيحات إدراج مواقع جديدة في قائمة “اليونسكو” للتراث العالمي، وحالة صون المواقع المدرجة في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، فضلا عن عدد من المسائل الأخرى المتعلقة بتنفيذ اتفاقية “التراث العالمي”.
و”لجنة التراث العالمي” تتألف من ممثلين من 21 دولة طرفًا في الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، تنتخبهم الجمعية العامة للدول الأطراف في الاتفاقية.
ويؤكد القرار بشأن القدس، الذي صوّت عليه المجلس التنفيذي لليونسكو، في 26 أكتوبر 2016م، أن “المدينة محتلة”، ويدعو “إسرائيل”، القوة القائمة بالاحتلال، إلى “وقف أعمالها في المدينة”.
يذكر أنه مع انعقاد كل دورة جديدة لـ”يونسكو”، فإنه يجرى التأكيد على القرارات التي صوتت عليها في السنوات الماضية، وبدورها تأمل “إسرائيل” في أن تنجح في تغيير مواقف الدول من هذه القرارات.
وفي الخامس من مايو الماضي، أقر المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” نهائيا، جميع القرارات التي اتخذها خلال الدورة 201 بما في ذلك قرار “فلسطين المحتلة”، وقرار “المؤسسات التعليمية والثقافية في الأراضي العربية المحتلة”، اللذان أعادا التنديد بانتهاكات قوة الاحتلال في مجالات اختصاص “اليونسكو”.