من المتوقع أن تسلم كرواتيا قاتل الشهيد محمد الزواري بعد أن أعلن القضاء الكرواتي، يوم الأربعاء 9 مايو، أنه وافق مبدئياً على تسليم تونس بوسنياً يشتبه في أنه وراء اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري، أحد قادة حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، واعتبرت محكمة فليكا غوريتسا قرب زغرب خلال جلسة لها اليوم أن الشروط القانونية لتسليم ألن تشامجيتش المقيم في سراييفو ليحاكم أمام محكمة تونسية متوافرة.
ألن تشامجيتش
وفق صحيفة “سلوبودنا بوسنة” البوسنيّة (Slobodna Bosna) في عددها الصّادر الأحد السّادس من مايو، فإن المواطن البوسني المقبوض عليه لدى السّلطات الكرواتية للاشتباه بقتله المهندس التّونسي الزواري هو ألن تشامجيتش (وليس علم) الملقّب بـ”تشاماتس”، وكان محارباً ذا كفاءة عالية في حصار سراييفو 1992/ 1995.
وذكرت الصّحيفة أنّ ألن تشامجيتش معروف في دوائر وسائل الإعلام بسبب إسهاماته الحربية، إذ كان ذا مهارات متنوّعة منها التّسلّل خلف صفوف العدوّ وإلحاق أضرار فادحة به، والتحق في خريف 1992 بصفوف الشّرطة الخاصّة البوسنية، يصفه أحد زملائه الجنود بـ”المغرم بـ “تشاك لورنس” و”رامبو” و”فالتر”، وأبطال أفلام آخرين”، ونتيجة لذلك الشّغف بالأفلام صُوّر فيلم وثائقي عنه يروي مسيرته الحربيّة بعنوان” تشاماتس” كان مشاركاً فيه، وبقي الفيلم معروضاً على “اليوتيوب” إلى أن أزيل في فترة لاحقة.
وعمل بعد نهاية الحرب في البوسنة كجنديّ محترف، ويزعم معارفه أنه في تلك الفترة بدأ التعاون مع الشركة الأمريكية “Military Professional Resources Inc MPRI”، التي كانت مسؤولة عن تدريب جيش اتحاد البوسنة والهرسك آنذاك.
ثم زعم أنه يمثل شركة “إسرائيلية” تتعامل في بيع معدات التنصت والاتصالات، وغادر البوسنة والهرسك بعد ذلك، ووفقاً لشهادات من أشخاص التقوا به في سراييفو، تحدث لهم عن عمله في العراق لصالح وكالات غربية تقوم بمهمّات تدريب الجيش المحلي.
اعتقال تشامجيتش
المشتبه به الثّاني في تنفيذ عمليّة الاغتيال هو الفير تشاراتس الموجود في البوسنة، وليست هناك أي معلومات متوافرة عنه، وحتّى الآن لم تصرّح السّلطات البوسنيّة بأي شيء لتجلية الحقيقة حول موضوع كلا المشتبه بهما.
وقد كانت السلطات الكرواتيّة قد أعلنت في الثّالث عشر من مارس هذا العام عن إلقائها القبض على أحد المتّهمين الرئيسين بالتّورّط في اغتيال المهندس الزواري بموجب مذكرة قبض صادرة عن الإنتربول، في أثناء توجّهه للسّفر إلى فيينّا، وكانت الإجراءات ماضية في تسليمه لتونس لولا تدخّل السّلطات البوسنيّة لمنع تسليمه بحكم أنّ قوانينها لا تسمح بمحاكمة مواطنيها في دولة أخرى .
مصادر بوسنيّة ذكرت أنه البوسنة ستطالب السلطات الكرواتية بتسليم المتّهم لها، لتقوم بمحاكمته على أرضها حول التّهم الموجّهة إليه.
محاكمة سرية
وفي تطوّر للأحداث، جرى نقل المتّهم ألن تشامجيتش تحت حراسة مشدّدة إلى محكمة مقاطعة فيليكا غوريسا يوم الثّلاثاء 8 مايو 2018م، وقال محاميه: إنّ موكّله معرّض لعقوبة الإعدام في تونس، ولا تقوم كرواتيا كعضو في الاتحاد الأوروبي بتسليم المعتقلين إلى دول يوجد فيها حكم بالإعدام، وهذا هو موقف وزارة العدل، وقال أيضاً بعد الجلسة: إن موكله اعترض على التسليم، وإن الأدلة في القضية غير كافية.
الجلسة التي بحثت قرار تسليم تشامجيتش إلى تونس جرت وراء أبواب مغلقة.
ويبدو أن كرواتيا ستقوم بتسليم المتهم، ولكن ذلك سيأخذ بعض الوقت لأن قرار المحكمة قد يستأنف أمام المحكمة العليا، بعد أن أعلن محامي المتهم أنه سيطعن في الحكم.
دواعي التسليم
هناك دواعٍ كثيرة قضائية وسياسية وتاريخية تدفع كرواتيا لتسليم ألن تشامجيتش إلى تونس، وفي مقدمتها أنه قاتل ضد الجيش الكرواتي بين 1992 و1995م إبان الحرب في البوسنة، ثانياً: كونه بوسنياً ومن شأن تسليمه وضع أسافين بين البوسنة وتونس، وثالثاً: لإظهار كرواتيا في جبهة محاربة الإرهاب الدولي بغض النظر عن القومية والدين والجنس، وهو ما يؤهلها لممارسة دور في هذا المجال لمنافسة الجار الغريم صربيا.
وتم اغتيال الشهيد الزواري البالغ 49 عاماً بحوالي 20 رصاصة داخل سيارته في 15 ديسمبر 2016م أمام منزله في صفاقس.