مرثية خطها الشاب العشريني عبد الله النجل الأصغر لمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، قبل نحو شهرين، ليبر بقسمه ويلحق بوالده بعد 79 يومًا على وفاته، عاملًا بالمثل القائل”من شابَهُ أبهُ فما ظلم” حتى في الموت.
مساء الأربعاء، سار “عبد الله” الذي لم يبارح منتصف عقده الثاني بخطى ثابتة نحو نهاية تقتفي أثر وفاة والده بأزمة قلبية مفاجئة، لم تتضح أسبابها بعد، وفق إعلان من الأسرة ومحاميها.
وتوفي مرسي (الأب) وفق أحاديث رسمية، متأثرا بأزمة قلبية أثناء محاكمته يوم 17 يونيو الماضي، وسط تشكيك من أنصاره في سبب الوفاة.
واختار النجل الأصغر أيضا أن يودع رسالته الأخيرة، عبر صفحته على فيسبوك في 25 أغسطس الماضي، مقتبسا من كلمات والده الراحل، وكأنها رسالة وداع، وحده فقط من عرف مغزاها.
وأعاد عبد الله مرسي نشر رسالة الرئيس الراحل التي قال فيها: “إنني رفضت ولا زلت أرفض كل محاولات التفاوض على ثوابت الثورة ودماء الشهداء، تلك المحاولات الهادفة إلى أن يستمر المجرمون وينعموا باستعباد شعبٍ لم يستحقوا يوما الانتماء له”.
وبذاك ينتقل النجل الأصغر لمرسي تاركا معاناة السلطة والإطاحة، إلى والده في حياة الآخرة التي كان يطلبها بعدما آلمه فقد أبيه، مثلما افتقده منذ الإطاحة به من صدارة الحكم صيف 2013، بسبب سجن تجاوز السنوات الستة وزيارات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، كما تقول الأسرة.
ولم تكن أسرة مرسي وأبناؤه في صدارة المشهد الرئاسي والإعلامي، إبان توليه الرئاسة من 2012- 2013، غير أنهم صاروا الأكثر حضورا منذ توقيفه وحتى وفاته.
وكان عبد الله مرسي أكثر المتحدثين عن رفض سجن والده وطلبا لحريته بعد حبس شقيقه أسامة وفق اتهامات تنفيها الأسرة بشأن ارتكاب أعمال عنف.
كما كان عبد الله مرسي بعد وفات والده أكثر تألما في رسائله، لا سيما في نعيه له والتي لم يلتفت الكثير لها إلا بعد موته المفاجئ.
وتقدمت كلمات نعيه منصات التواصل الاجتماعي إذ نشر في 18 يوليو الماضي عبر فيسبوك، “دُفن قلبي يا أبى يوم دُفنت وتفاصيل كثيرة دُفِنت بجوار أبى”.
ويضيف بألم: “والله يا أبي لا يشفي صدري ويجبر روحي المكسورة ويذهب حزني إلا أن ألحق بك على دربك وطريقك، فلم تعد لدي رغبة في الحياه من بعدك”.
ويكتب الخاتمة مبكرا لحياته وهو يتساءل في أسى: “فارقت الحياة فكيف لي أن أعيش بدون وجودك فيها؟ كنت أصبر نفسي بأنك يوماً ستعود ونجتمع مرة أخرى”.
ويؤكد ذلك قائلا: “فقدانك يا أبي موت على قيد الحياة، برغم كونك رحلت من الدنيا إلّا أنّك لم ترحل مني لا زلت تسكننى، ولا زلت أراك في كل مكان وأسمع صوتك طوال الوقت”.
ومنذ 17 يونيو الماضي حين توفي والده لم ينقطع عبدالله عن كتابة الرسائل وبث الدعوات واستدعاء الأشعار عبر صفحته بفيسبوك.
وكان من أبرز رسائله أيضا لوالدته نجلاء مسيل، في 7 أغسطس الماضي، وكأنها رسالة وداع قائلا: “كنتِ دائماً لى الأم والأب معاً فأنتِ الأم، الصديقة والأخت، المربية والقدوة”.
وبضيف: “إنى لأدعو الله دائماً أن يرزقني زوجةً مثلك، ولكن أعلم أني لو بحثت في الأرض كلها ما وجدت أحداً مثلك أو يشبهك”.
كما يخاطب شقيقه أسامة المحامي والمتحدث السابق باسم الأسرة والمحبوس حاليا، قائلا في رسالة عبر فيسبوك: “إنك رجل كأبيك (..) اعلم أنك ستكون صاحب شأن ومكانة عالية”.
ولم تتركه السلطة، كما لم يتركها منتقدا ومدافعا عن والده، فسبق لـ”عبد الله” أن أُوقف في مارس 2014، على خلفية اتهاماته بحيازة مخدرات، وهو ما نفاه بشدة آنذاك واعتبره تهمة ملفقة، ردا على مواقفه الرافضة لما يحدث لوالده في محبسه من انتهاكات نفتها القاهرة.
وصدر حكم بحقه بعد 3 أشهر من توقيفه، أيدته محكمة النقض في 2015 بالحبس عامًا، وقضاها محبوسا قبل أن يتم الإفراج عنه عقب انتهاء المدة.
ولم تتحمله السلطات مرة أخرى، ففي أكتوبر أول 2018، قالت أسرة مرسي، إن الأمن المصري أوقف “عبد الله” من منزله غربي القاهرة، قبل أن تطلق سراحه بعد وقت قصير، بسبب دفاعه عن والده في منصات إعلامية خارجية كثيرا، وفق تقارير إعلامية آنذاك.
ولم يهمل القدر عبد الله مرسي كثيرا، بعد تلك الرسائل وهذه المواقف، حتى جاء خبر وفاته مفاجئا للجميع ودهشة لهم، كما كانت نهاية والده مفاجأة لم تتخيل آنذاك.
ورغم كثرة النعي بمنصات التواصل، لوفاة النجل الأصغر لوالده، إلا أن أبرز التعليقات من أنصاره، وفق الرصد هي “أبلغ أباك السلام.. إننا على العهد”.