قام أحد المواطنين الكويتيين بتوجيه سؤال إلى لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف حول رأي الشرع في الاكتتاب في شركتين تم طرح أسهمهما مؤخراً، وكان رد اللجنة بأن الرأي الشرعي أن هذا الاكتتاب محرم شرعاً لمخالفته أحكام الشريعة الإسلامية، وذكرت تفاصيل ذلك!
ولأن بعض رموز وواجهات التيار العلماني بالكويت ما عندهم ما ينشغلون به، فقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على هذه اللجنة التي أصدرت فتوى تحرم «الربا»! وبدؤوا في إظهار سطحيتهم في الطرح، وانكشف للناس سخافة حججهم وتفاهة مطالبهم، فقال أحد رموزهم: إن دولة الكويت دولة علمانية لا دينية، وقال آخر: إن النظام بالكويت دستوري وليس دينياً، وتساءل ثالث: هل نحن دولة داخل دولة؟ ثم جاء مثقفهم ليستغرب من هذه الفتوى التي تناست أن الناس يأخذون رواتبهم من دولة تستثمر أموالها بالربا!
أولاً يا سادة، ووفقاً للدستور الكويتي الذي تدعون التزامكم بتوجيهاته، فإنه ووفقاً للمادة الثانية منه «دين الدولة الإسلام»؛ أي أنها ليست دولة علمانية لا دينية، كما أن «الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، وشيء طبيعي أن لجنة الفتوى تستمد فتاواها من مصادر الشريعة الإسلامية لا من ديكارت ولا أفلاطون! فلماذا الاستغراب من صدور فتوى تحرم الربا الذي تتعامل به هذه الشركات؟!
وكلنا نعلم أن فتاوى هذه اللجنة غير ملزمة، فمن أراد أن يستبرئ لدينه فليأخذ بها، ومن أراد ألا يأخذ بها فهو وحده يتحمل وزر عمله، والوزارة لم تتدخل في الفتوى ولم تصدرها وتتبناها، ولم تطالب بالعمل بها، مع أن كل ذلك من واجباتها.
وأما القول: إن رواتبنا من استثمارات ربوية، فهذا دليل على جهل قائلها، لأن الرواتب من إيرادات النفط، وليس من عوائد استثمار هذه الإيرادات!
الناس بالكويت مسلمون، وما زال فيهم خير كثير، ويحبون الحلال ويتجنبون الحرام، لذلك ثارت ثائرة بعض رموز التيار العلماني خوفاً من ظهور هذه الحقيقة، وهي حرص الناس على الالتزام بأوامر الدين والابتعاد عن نواهيه، ولو كان في ذلك تفويت مصالح كبيرة لهم! لكن السؤال الآن: لماذا تحرم الحكومة قطاعاً كبيراً من المواطنين من الكسب الحلال، وتتيحه لمن لا يهمه في أي بيئة يستثمر أمواله؟ أليس الأولى إقرار تعديل على نظام هاتين الشركتين تقدم به بعض النواب ليتيحوا لجميع المواطنين من دون استثناء فرصة الاستثمار في أسهم هاتين الشركتين؟ خاصة أن هذه أموال عامة والاستفادة منها يجب أن تكون لجميع المواطنين سواء بسواء!
خلصنا من البغدادي.. اقلب الصفحة
انتهى دور “داعش”، وانتهت معه الحاجة إلى شخصية البغدادي، بعد أن تحقق لهم ما يريدون، فتم تشويه الإسلام وتمت شيطنة الجهاد، وارتبط الدعاة المصلحون الوسطيون بالإرهاب رغماً عن أنوفهم، وتمت محاربة كل ذلك تحت مظلة الأمم المتحدة، والآن حان الوقت للتخلص من “داعش” والبحث عن أيقونة جديدة يحققون معها وبها ومن خلالها أهدافاً أخرى، اقلب الصفحة!
_________________________
المقال منشور بصحيفة “القبس” الكويتية.