قال خبير قانوني جزائري: إن تمرير مراجعة الدستور الراهنة عبر استفتاء شعبي سيجعل الدستور المقبل مختلفاً عن سابقيه من حيث الشرعية.
وبشأن الاختلافات بين مسار التعديل الدستوري، الذي أطلقه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، والتعديلات السابقة، رأى بوحنية قوي، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة ورقلة، أن الاختلاف يكمن في الأولوية والاستفتاء الشعبي.
ومنذ استقلال الجزائر عن فرنسا، عام 1962، عرفت سبعة تعديلات دستورية وصفت كلها بالعميقة، وجرت خلال حكم الرؤساء أحمد بن بلة (1962-1965)، هواري بومدين (1965-1978)، الشاذلي بن جديد (1979-1991)، اليمين زروال (1995-1999) وعبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019).
وأكثر الرؤساء تعديلاً للدستور هو بوتفليقة، الذي استقال في 2 أبريل الماضي تحت ضغط احتجاجات شعبية، حيث أجرى ثلاثة تعديلات في سنوات 2002، 2008 و2016.
وأضاف بوحنية قوي أن الذي يجعل المراجعة الدستورية التي أطلقها عبدالمجيد تبون مختلفة عن سابقاتها، هو أنه جعلها أولوية في تعهداته الانتخابية، وهو بصدد الالتزام بتنفيذها عكس سابقيه.
وتابع: يوجد عامل آخر مهم أيضاً، وهو عرضها (المراجعة الدستورية) على الاستفتاء الشعبي، بينما كانت التعديلات تمرر في عهد بوتفليقة عبر البرلمان المطعون في شرعيته.
تعهدات تبون
خلال حملته للانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر الماضي، أطلق تبون ثلاثة تعهدات، هي: تعديل دستوري عميق يلغي الحكم الفردي، ويقلص صلاحيات الرئيس، ويفصل ويوازن بين السلطات، إضافة إلى استعادة الأموال المنهوبة وإعادة الاعتبار للمظلومين من حكم حاشية بوتفليقة.
وكلف تبون، في 8 يناير الجاري، لجنة خبراء من 17 عضواً، بقيادة أحمد لعرابة الخبير في القانون الدولي، بإعداد مسودة دستور جديد، خلال شهرين.
ولتقليص صلاحيات الرئيس، وتحقيق التوازن بين السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية، القضائية)، تبحث اللجنة وضع نمط حكم يعوض النظام الرئاسي المطلق القائم حالياً.
ومن البدائل المطروحة، النظام الشبه الرئاسي، الذي يعتمد على منصب رئيس الحكومة، بدل الوزير الأول، حيث يضع الأول برنامج عمل خاصاً به، بينما يضع الثاني مخطط عمل لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية.
مؤسسات تشريعية فعالة
شدد بوحنية قوي على أن أهم شيء في التعديل الدستوري المقبل هو نزاهة العملية الانتخابية.
وأردف قائلاً: سواء كان نظام الحكم رئاسياً أو شبه رئاسي، فلا معنى لذلك، في حالة عدم وجود مؤسسات دستورية شرعية.
وتابع: عليه فإن إعادة النظر في قانون الانتخابات وقانون سلطة الانتخابات، يرتبط بهما وضع أدوات تضمن نزاهة العملية الانتخابية، وهذا كفيل بتوليد مؤسسات تشريعية نزيهة وفعالة.
توسيع الاستشارة
بشأن إسناد مهمة صياغة مقترحات المراجعة الدستورية للجنة خبراء في القانون الدستوري، قال بوحنية قوي: إن توسيع لجان الخبرة والانفتاح على آراء المجتمع المدني أكثر من ضروري.
وأضاف أن وجود لجنة الخبراء مهم، لكن الدستور لا يصيغه القانون فقط، فهي عملية بناء وليس عملية تقنية، لذلك فإشراك رجال السياسة والاجتماع والفقه مهم أيضاً.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية، عبر بيان في 9 يناير الماضي، أن مشروع مراجعة الدستور سيكون محل مشاورات واسعة لدى الفاعلين في الحياة السياسية والمجتمع المدني قبل إحالته إلى البرلمان للمصادقة عليه، ليُطرح النص بعدها لاستفتاء شعبي.