أياماً ويكون قد مر 50 عاماً على صدور أول عدد من مجلة «المجتمع» التي كانت نتيجة طبيعية للصحوة الإسلامية المعتدلة ومساحة الحرية في بداية العقد الثامن من القرن الماضي، وهي أحد أهم أنشطة جمعية الإصلاح الاجتماعي، صدرت وسط فرحة العاملين في الوسط والحقل الإسلامي في العالم العربي والإسلامي، تحمل وتتبنى فكرهم وهمهم وتنشر أنشطتهم.
صدرت «المجتمع» في ظروف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، وقد وضعت في نصب أعينها أن تعمل في هذا المحيط في حدود المستطاع والمتاح من مساحة الحرية النسبية، وكذلك الإمكانات البشرية والمادية، مستغلة تميز الكويت عن باقي دول المنطقة باستقطابها الكفاءات الإعلامية العربية التي أثرت.
كان هَمُّ العاملين في جمعية الإصلاح الاجتماعي أن توصل الكلمة الطيبة والتحليل الرصين وأنشطة العمل الإسلامي، رغم الضعف الشديد، وندرة العاملين في الحقل الإعلامي عند أفراد وأعضاء جمعية الإصلاح الاجتماعي، وكذلك المحبين.
بدأ العمل معتمداً بشكل كليّ تقريباً على كوادر غير كويتية، سواء على مستوى هيئة التحرير (مدير التحرير، سكرتير التحرير)، أو المحررين، أو العمل بالقطعة..
كان جُل العاملين في أنشطة جمعية الإصلاح الاجتماعي -يقويهم الحس الديني- منشغلين في محاربة الفساد الذي استشرى في المجتمع الكويتي على مستوى التعليم ووسائل الإعلام.
لم تكن هناك جهود أو خطة لإعداد أعضاء الجمعية ومحبيها في أعمال التحرير والطباعة والإخراج.
نعم، ساهم بعض الإخوة في سد النقص، لكنها جهود فردية لا ترقى إلى سد النقص والمضي به إلى النمو والاكتفاء الذاتي، ولم تكن هناك جهود منظمة من أعضاء هيئة التحرير لتدريب مجموعة للعمل الصحفي، واستمر هذا الوضع إلى وقت قريب.
بعد أن لمس الإخوة في الجمعية هذه المشكلة التي تهدد «المجتمع» إلى التوقف أو الانحراف عن هدف الإنشاء؛ كان لزاماً أن يحدث تحول رغم الضعف في الممارسة والخبرة سواء في التحرير أو الإدارة.
ومن أبرز المشكلات والمصاعب التي واجهتنا يمكن تلخيصها بالتالي:
– ضعف الأرشيف الصحفي، وقد تم تدارك هذا الأمر باختيار إخوة من الجمعية قاموا بأعمال الأرشفة، وكان مقر الأرشيف مركز الشباب القديم الذي أصبح نواة أرشيف «المجتمع» الحالي.
– ضعف التغطية المحلية؛ وهذا كان له أثر سلبي في ضعف التوزيع المحلي، وكذلك الاشتراكات، بعكس الاشتراكات والتوزيع الخارجي وخاصة السعودية.
– ضعف التوزيع في مصر وسورية وشمال أفريقيا، وله أسبابه السياسية وصعوبة التحصيل.
– قلة الموارد المالية وخاصة الذاتية.
– ضعف الإعلان في «المجتمع»، وهذا مرتبط بالتوزيع.
– إغلاق مجلس الأمة وبعض جمعيات النفع العام.
– رقابة وزارة الإعلام، وكثرة إغلاق المجلة خاصة أثناء الحرب الأهلية في لبنان وغزو سورية للبنان.
– المواءمة بين ما يطلبه القرَّاء ومجلة تُصدرها جمعية الإصلاح الاجتماعي، وهي جمعية نفع عام تحكمها نظم وقوانين الحكومة في تغيرات سياسية محلية وضغوطات خارجية.
– فرز ضعيف للعمل الصحفي والإداري في «المجتمع»، نعم كانت هناك تجربة للعمل كفريق لإدارة العمل التحريري والفني لكنها غير منتظمة، وكانت مهمة شاقة كونها فناً جديداً ومجالاً لم يعتد عليه أعضاء الجمعية ولم يتدربوا عليه، لكنها كانت جهوداً مباركة ساهمت في استمرار صدور أعداد «المجتمع»، حتى إن البعض كان يسهر حتى الفجر!
– النظرة للعمل الصحفي خلاف العمل الخيري والإغاثي –في نظري- أنه عمل ثانوي.
– لم تقم هيئة التحرير متمثلة في مدير التحرير أو السكرتير بأعمال التدريب واكتشاف المواهب لأفراد الجمعية.
– لم تكن هناك خطة تدريب ولم تتبلور بشكل تنفيذي إلا في فترة متأخرة وأظنها لم تستمر.