مع تمكن الجيش الليبي من السيطرة على أهم المعسكرات الإستراتيجية وانتزاعها من أيدي مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، باتت قضية إنقاذ طرابلس بالكامل من الهجمات الصاروخية للميليشيا مسألة وقت، وذلك من خلال استعادته السيطرة على المطار القديم في العاصمة.
وفي الفترة ما بين 22-24 مايو الجاري، تمكن أفراد الجيش الليبي، وبعملية خاطفة من استعادة السيطرة على معسكرات اليرموك وحمزة وتكبالي العسكرية، التي كانت خاضعة لسيطرة الميليشيا التابعة لخليفة حفتر، قائد القوات المسلحة غير الشرعية في شرق البلاد.
وتبرز الأهمية الإستراتيجية لهذه المعسكرات في أنها كانت تشكل منطلقًا لمليشيا حفتر في قصف العاصمة طرابلس، اعتبارًا من يناير الماضي. حيث أصيب وقتل المئات من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، جراء تلك الهجمات.
معسكر اليرموك
يعتبر المقر العسكري الرئيس والأكثر إستراتيجية في جنوب طرابلس، ويقع المعسكر في منطقة خلة الفرجان على بعد 15 كيلومترًا جنوب العاصمة.
سيطر الجيش الليبي على معسكر الصواريخ الأصغر، الذي يقع على بعد كيلومتر واحد عن اليرموك، في 23 مايو الجاري، ثم حقق كامل السيطرة على المعسكر في اليوم التالي، 24 مايو.
تمكنت مليشيا حفتر، منذ نوفمبر 2019، من الحفاظ على سيطرتها على معسكر اليرموك، الذي توالت السيطرة عليه بين القوات الحكومية الليبية والمليشيا منذ أبريل 2019.
وعلى الرغم من أن هذا الموقع يعتبر نقطة إستراتيجية مهمة بسبب قربه من العاصمة، فإنه من المعروف أيضًا أنه منطقة يصعب الدفاع عنها من الناحية العسكرية ويمكن استهدافه بالصواريخ وقذائف الهاون؛ لهذا السبب، واجه كلا الجانبين صعوبة في السيطرة على هذا المعسكر لفترة طويلة وتكبد الطرفان خلال ذلك خسائر فادحة.
ومع السيطرة على معسكر اليرموك، تمت إزالة العقبة أمام الطريق إلى مطار طرابلس القديم ومعسكر الشرطة العسكرية في منطقة قصر بن غشير، حيث تقع إحدى أهم نقاط الإمداد التابعة لمليشيا حفتر.
إضافة إلى ما سبق، فإن سيطرة القوات الحكومية على قصر بن غشير والمطار القديم، يعني بالضرورة نجاح القوات الحكومية في طرد مليشيا حفتر من العاصمة، حتى وإن بقيت بعض الجيوب في محوري عين زارة ووادي الربيع.
معسكر حمزة
يقع معسكر حمزة في منطقة “مشروع الهضبة”، على بُعد 15 كيلومتراً من وسط العاصمة، بموازاة معسكر اليرموك تقريباً، وكان يمثل قاعدة رئيسة لمليشيا حفتر المتقدمة نحو حي “أبو سليم”، أكبر أحياء طرابلس من حيث الكثافة السكانية.
سيطرت مليشيا حفتر على المعسكر في منتصف ديسمبر 2019، وتسبب توغلها في الأحياء المحاذية لـ”أبوسليم”، بوقوع العديد من القتلى في صفوف المدنيين، بما في ذلك مرضى فيروس كورونا الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى الخضراء.
يشتهر حي “أبو سليم” بوجود سجن يحمل نفس الاسم، وذاع صيته عقب ارتباطه بمذبحة وقعت خلال فترة حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في 29 يونيو 1996، حيث قتل 1269 سجيناً سياسياً هناك.
ورغم أن القوات الحكومية شنت عدة هجمات على محور “مشروع الهضبة” وسيطرت على عدة أجزاء منه، منذ إطلاقها عملية “عاصفة السلام”، في 25 مارس الماضي، غير أنها لم تتمكن من تحرير “معسكر حمزة” إلا في 23 مايو.
وبذلك تكون القوات الحكومية قد أكملت سيطرتها على منطقة “مشروع الهضبة”، بالإضافة إلى شارع “المطبات”، لينتقل القتال إلى منطقة “الخلاطات”، مما يسمح لسكان “أبوسليم” والأحياء المجاورة بالتخلص من تهديد المعارك لحياتهم.
معسكر تكبالي
أما معسكر التكبالي، وهو الأقرب إلى قلب العاصمة طرابلس، فلا يبعد عن قلعة “السراي الحمراء” التاريخية سوى 10 كيلومترات، في منطقة “صلاح الدين”، حيث توجد عدة مؤسسات حكومية، مثل مصلحة الجوازات والجنسية، وكلية الشرطة، وقسم البحث الجنائي، التي حررتها القوات الحكومية جميعها، في 22 مايو.
تعتبر منطقة صلاح الدين إستراتيجية وحساسة على الصعيد الأمني لوجودها بالقرب من أحياء سكنية ومواقع حكومية حساسة.
وأوقعت المعارك بحي صلاح الدين قتلى من المدنيين بعد استعمال مليشيا حفتر الأسلحة الثقيلة، كما اتهمها وزير الداخلية فتحي باشاغا، في أبريل الماضي، باستعمال أسلحة كيماوية، استناداً إلى تقارير أولية.
وفي محور صلاح الدين، ألقى مرتزقة شركة “فاغنر” الروسية بثقلهم في نهاية ديسمبر الماضي، فمكّنهم ذلك من السيطرة على معسكر تكبالي والمناطق المجاورة رغم المقاومة الشرسة للقوات الحكومية.
وبعد شهر واحد بالضبط من تصريحات باشاغا، تمكن الجيش الليبي من استعادة السيطرة على المعسكر، بتاريخ 22 مايو، فيما هرب مرتزقة فاغنر إلى معسكر اليرموك في نفس اليوم تاركين خلفهم جثة جندي روسي.
وإلى جانب المعسكرات الإستراتيجية الثلاثة، هناك معسكر “النقلية” بالإضافة إلى مقر قيادة الأركان، ولا يقلان أهمية عن باقي المعسكرات، ويقعان تحت سيطرة قوات الحكومة الليبية.
يقع معسكر النقلية على طريق المطار، ويبعد 20 كيلومتراً عن وسط العاصمة، ورغم قربه من معاقل مليشيا حفتر في المطار القديم (5 كيلومترات فقط)، فإن الأخيرة لم تتمكن من السيطرة عليه إلا لفترات قصيرة، آخرها في 28 ديسمبر الماضي لكن لساعات فقط.
ووفقًا لمعلومات من مصادر عسكرية، فإن الجيش الليبي بدأ في هذه الأثناء عملية عسكرية للسيطرة على المطار القديم والمناطق المجاورة.