مستوطنات أم مستعمرات أم مستخربات.. نقاش يعلو بين الشباب مزايدة على مشاعر الوطنية والعروبة والفهم الصحيح لمفردات الخطاب المشوب بصبغة قومية وإسلامية، بينما الواقع يقفز قفزات بعيدة ليترسخ وجود هذه المستوطنات أو المستخربات -سمِّها ما شئت- على الأرض اغتصاباً صريحاً لا يقدر أحد على مواجهته سوى بعبارات الإدانة والشجب!
وحينما تريد التعرف على هذه الكيانات الاستعمارية على الأرض الفلسطينية؛ تاريخها، وطبيعتها، وسوسيولوجيتها، وديموغرافيتها، تصدمك بكل التفاصيل؛ أرقام مفزعة، وقفزات هائلة، بينما كثيرون لا يعلمون عنها شيئاً، بل الأنكى أن آخرين من بني جلدتنا أصبحوا يرون فيها امتداداً طبيعياً لكيان ترسخ وجوده في دنيا العرب يسمونه «إسرائيل» وعلينا قبوله كجار يمكننا أن نتعاون معه!
في الصراع العربي الصهيوني حدِّث ولا حرج عن الصدمات غير المتوقعة؛ فعلى مدار الخمسين عاماً الماضية، وكما تؤكد منظمة العفو الدولية، فإن «إسرائيل» طردت آلاف الفلسطينيين عنوة من أراضيهم، التي احتلتها واستخدمتها بشكل غير قانوني في بناء مستوطنات لا يسكنها سوى مستوطنين «إسرائيليين» يهود.
وقد شُرد أبناء مجتمعات فلسطينية بأكملها بسبب هذه المستوطنات؛ حيث دُمرت منازلهم وسبل عيشهم، وفُرضت قيود على تنقلاتهم، وعلى وصولهم إلى أراضيهم ومصادر مياههم، وغير ذلك من الموارد الطبيعية، كما تعرضت هذه المجتمعات لاعتداءات عنيفة من جيش الاحتلال، ومن المستوطنين.
وفي السطور التالية، نتعرف على تلك «المستوطنات» عن قرب أكثر؛ كيف نشأت؟ وما طبيعة تطورها؟ وكيف هم ساكنوها؟ ولماذا يحرصون على الإقامة فيها؟ وما طبيعة الخط البياني لتلك المستوطنات؟ وما الذي تمثله من هموم وأزمات للمواطن الفلسطيني على مستوى حياته اليومية؟ وهل تأثرت «إسرائيل» بالقانون الدولي وما يقرره بخصوص تلك المستوطنات؟
صدمة الأرقام:
– 600 ألف.. مجموع المستوطنين اليهود الذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
– 100 ألف هكتار.. مساحة الأراضي التي استولت عليها دولة الاحتلال من الفلسطينيين منذ عام 1967م (الهكتار يساوي 100 ألف متر مربع).
– 50 ألف منزل وبناية.. مجموع المنازل والمباني التي هدمتها دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة على مدى الخمسين عاماً الماضية.
– 5 ملايين نسمة.. مجموع الفلسطينيين الذين يواجهون قيوداً يومية على تنقلاتهم بسبب انتشار هذه المستعمرات المشؤومة.
– من 95 – 99%.. نسبة القضايا التي نظرتها محاكم الاحتلال العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وانتهت إلى إصدار أحكام بالإدانة ضد الفلسطينيين، في حين يُحاكم المستوطنون اليهود أمام محاكم مدنية.
– صفر.. نسبة التحقيقات في شكاوى التعذيب؛ حيث لم يتم إجراء أي تحقيقات جنائية بخصوص ما يزيد على ألف شكوى من التعذيب قُدمت إلى السلطات «الإسرائيلية: منذ عام 2001م.
– أكثر من 60%.. مناطق الضفة الغربية الخاضعة بشكل كامل للحكم «الإسرائيلي».
– نحو 13%.. مساحة مناطق القدس الشرقية التي يُسمح فيها للفلسطينيين بالبناء، وتغطي المستوطنات اليهودية نحو 35% من مساحة القدس الشرقية، وقد ضم الاحتلال القدس الشرقية رسمياً، بشكل غير قانوني، في عام 1980م.
صدمتك الأرقام إذن، وهي بالقطع صادمة، لكن الأكثر صدمة هو ما تحمله تلك الأرقام من دلالات على تفاصيل حياة الفلسطينيين اليومية، التي تحولت مع تلك الأرقام -المرشحة للزيادة قطعاً بقرار الضم الأخير- إلى جحيم لا يُطاق.
ومن الجدير بالذكر، وحسب العفو الدولية؛ فإن وجود المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة في حد ذاته يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، كما أنه يشكل جريمة حرب.
وبالرغم من قرارات عدَّة أصدرتها الأمم المتحدة، فقد واصل الاحتلال الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين ودعم ما لا يقل عن 600 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وحتى عام 2005م كان ما يزيد على 9 آلاف مستوطن يهودي يقيمون بشكل غير قانوني في قطاع غزة.
اغتصاب للموارد
وبحسب منظمات حقوقية، فإن الكيان الصهيوني يحاول -إضافة إلى بناء مساكن ومرافق أساسية- إقامة مؤسسات تجارية دولية للإبقاء على وجوده وتوسعه.
ويعتمد هذا «المشروع الاستيطاني» على الاستيلاء بشكل غير قانوني على موارد الفلسطينيين، بما في ذلك المياه والمعادن، من أجل إنتاج بضائع تُصدر وتُباع للحصول على أرباح خاصة، حيث تُصدر بضائع من منتجات المستوطنات بمئات الملايين من الدولارات إلى دول شتى كل عام.
ومعلوم أن سلطات الاحتلال تفرض قيوداً تعسفية تجعلها تتحكم في سبل وصول الفلسطينيين إلى المياه الآمنة والنظيفة، كما أن استهلاك اليهود من المياه يعادل على الأقل أربعة أضعاف استهلاك الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويرى حقوقيون أن تقييد سبل حصول الفلسطينيين على المياه، من خلال نظام تخصيص حصص المياه، لا يفي بالاحتياجات الأساسية للسكان الفلسطينيين، ولا يوفر التوزيع العادل لمصادر المياه المشتركة.
وقد أكدت العفو الدولية على موقعها، في اتهام صريح لـ «إسرائيل»، أن «مشهد حمامات السباحة، والمروج الزاخرة بالمياه، والمزارع الشاسعة المروية في المستوطنات «الإسرائيلية» المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تشع خضرة حتى في ذروة موسم الجفاف، يتناقض بشكل صارخ مع المشهد في القرى الفلسطينية القاحلة والمجدبة الملاصقة لهذه المستوطنات؛ حيث يعاني سكانها أشد المعاناة من أجل الحصول على ما يكفي من المياه للاغتسال والاستحمام والطهي والتنظيف أو الشرب، ناهيك عن توفير المياه لري محاصيلهم..».
وبالطبع، فإن هذه السرقة الممنهجة للموارد يتبعها تضييق على السكان الأصليين الذين تترابط مصالحهم اليومية مع مفردات حياة المستوطنين، فعلى سبيل المثال؛ رصدت منظمات حقوقية مئات من عمليات الإغلاق التي يفرضها جيش الاحتلال في الضفة الغربية، من خلال نقاط التفتيش وحواجز الطرق، إضافة إلى تخصيصه طرقاً خاصة بالمستوطنين فقط؛ مما يجعل من أبسط الأمور اليومية للفلسطينيين، الذين يحاولون الذهاب إلى العمل أو المدارس أو المستشفيات، نوعاً من المشقة المستمرة.
وتؤكد العفو الدولية أن ادعاء سلطات الاحتلال أن الجدار/ السور الذي يمتد بطول حوالي 700 كيلومتر يهدف إلى منع الهجمات المسلحة التي يشنها فلسطينيون على دولة الاحتلال، إلا أن ذلك لا يفسر السبب في بناء حوالي 85% من هذا الجدار على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك أراضٍ في عمق الضفة الغربية.
وترى منظمات حقوقية أن هذا الجدار يفصل مجتمعات فلسطينية عن بعضها بعضاً، ويمزق شمل عائلات بأكملها، كما يحرم الفلسطينيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويفصل المزارعين عن أراضيهم، وغيرها من الموارد؛ مما يؤدي إلى شل الاقتصاد الفلسطيني، وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن القوانين الجائرة التي تنطوي على تمييز في جوهرها تمنع الكثيرين من القدرة على الزواج، أو السفر داخل الأراضي المحتلة، أو السفر إلى داخل كيان الاحتلال، أو العيش مع أقاربهم وأحبائهم أو حتى زيارتهم، وتنطوي هذه القيود التعسفية على تمييز، وتُعتبر منافية للقانون، ومن ثم ينبغي أن تُلغى فوراً.
وجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية أصدرت، في عام 2004م، رأيها الاستشاري الذي ينص على أن «إسرائيل مُلزمةٌ بإعادة الأراضي والبساتين وكروم الزيتون وغيرها من الممتلكات الثابتة التي استولت عليها لأغراض بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجميع دول العالم مُلزمةٌ بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار».
خط المستوطنات البياني
وتلك قصة أخرى، قصة أخرى على مستوى طبيعتهم، وما يحملونه من أفكار ومعتقدات، وعلى مستوى حالتهم الاقتصادية، ودوافعهم للبقاء على تلك الأراضي، والخط البياني لنموهم الطبيعي منذ بدأت متوالية الاغتصاب الممنهجة للأرض الفلسطينية.
فهناك معطيات «إسرائيلية» رسمية عن ارتفاع ملحوظ في عدد المستوطنين بالضفة الغربية المحتلة وغور الأردن خلال عام 2019م، بعد «انخفاض مقلق» دام لنحو 6 أعوام، حيث سجل في عام 2019م ارتفاعاً بمعدل 3.4% في حجم المستوطنين في المنطقة، بحسب ما ورد في إحصائية لما يسمى «السجل السكاني ليهودا والسامرة (المسمى اليهودي للضفة الغربية) في 2019م»، ونقلته صحيفة «إسرائيل اليوم» التي أكدت أن الارتفاع وإن لم يكن كبيراً، ولكنه جميل، ففي مجلس «يشع» للمستوطنين ينسبون ذلك لوتيرة البناء السريع نسبياً في المنطقة.
وفي تحليلها لتلك المعطيات، قالت الصحيفة: «يتبين أن الارتفاع السنوي بعدد المستوطنين في عام 2019م، الذي وصل إلى 3.4%، أكثر بضعفين من الارتفاع السنوي المتوسط في «إسرائيل»، الذي بلغت نسبته في بداية عام 2020م نحو 1.9%».
وأوضحت أن «الارتفاع السنوي في المناطق يشكل نهوضاً، بعد ميل الهبوط الذي بدأ في عام 2012م، حين بلغت وتيرة النمو السنوي 4.7%، كما يتبين من المعطيات أن الارتفاع في عدد النفوس في المناطق ارتفع من 12964 نسمة في عام 2018م إلى 15229 نسمة في عام 2019م».
وقالت: «في العقد الأخير، ارتفع الاستيطان في المناطق 152263 نسمة، وهذا ارتفاع نسبته أكثر من 48% في 10 سنوات، في الإجمالي، بلغ عدد المستوطنين في عام 2019م بالمناطق 463901 نسمة يسكنون في 150 مستوطنة».
حتى على مستوى الصور الفضائية، فقد أظهرت نمو المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بمرور الزمن، فمثلاً في عام 2004م كان يسكن في مستوطنة غيفات زئيف نحو 10 آلاف مستوطن، أما الآن فقد ارتفع عدد سكانها إلى 17 ألفاً، وتمددت هذه المستوطنة غرباً وشُيدت فيها مساكن ومراكز تسوق وكنيس.
ويتراوح حجم المستوطنات بشكل كبير، فلا يسكن بعضها إلا المئات، أما المستوطنة الأكبر حجماً ومساحة، وهي مستوطنة موديعين إليت، فيبلغ عدد سكانها نحو 73080 نسمة، فقد تضاعف عدد سكانها 3 مرات في السنوات الـ15 الأخيرة.
سكان المستوطنات
تفيد الإحصاءات الواردة من داخل الكيان المحتل التي أعدها «يينون كوهين»، و»يوسف حييم يروشالمي»، أستاذا الدراسات اليهودية والإسرائيلية في جامعة كولومبيا، أن «المستوطِنة الإسرائيلية» تلد في المعدل أكثر من 7 أطفال (يذكر أن معدل الولادات في «إسرائيل» مرتفع أصلاً، إذ يبلغ 3.1 طفل لكل امرأة، بينما يبلغ المعدل في الاتحاد الأوروبي 1.58 طفل)، لكن هذا المعدل يرتفع في المستوطنات بشكل لافت؛ فمعدل الإنجاب في مستوطنة موديعين عيليت، على سبيل المثال، يتجاوز معدلات كل المدن «الإسرائيلية» والفلسطينية؛ إذ يبلغ 7.59.
أما معدل تكاثر الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بحسب المركز الفلسطيني للإحصاء، فقد وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق؛ إذ يبلغ الآن 3.2 طفل لكل امرأة، ولكن تأثير هذا الاختلاف لن يظهر إلا بعد جيل كامل.
وبعيداً عن النمو السكاني الكبير لسكان المستوطنات، فإن كثيراً منهم ينتقل إلى المستوطنات لأسباب اقتصادية، حيث إن الإعانات المقدمة من حكومة الاحتلال توفر لهم سكناً بأقل كلفة؛ وبالتالي التمتع بمستوى معيشي أفضل، بحسب منظمة «السلام الآن».
غير أن الاعتقاد الديني سبب رئيس في وجود كثير من هؤلاء داخل هذه الكيانات؛ فيعتقد بعضهم أن الله منح اليهود هذه الأرض، وعليهم الاستقرار فيها، بحسب ما جاء في كتابهم المقدس (التوراة)، وهذا ما يفسر كثرة التجمعات المتشددة داخل تلك المستوطنات.
ومعلوم، بحسب إحصاءات المكتب المركزي «الإسرائيلي» للإحصاء والموجودة في قاعدة بيانات منظمة «السلام الآن»، أن ثلث المستوطنين في الضفة الغربية هم من الأرثوذكس المتشددين، وغالباً ما يكون حجم الأسر فيها كبيراً وأكثر فقراً، لذلك فإن مستوى المعيشة يعد عاملاً أساسياً كما أشرنا.
وبحسب منظمة «السلام الآن»، فإن المستوطنين في الضفة الغربية يتوزعون على الفئات الثلاث بالتساوي.
المستوطنات والقانون الدولي
وتلك حكاية طويلة، ربما تختصرها هذه العبارة: «افعلوا ما شئتم فبغير القوة لن أتراجع».
هذه الحكاية تبدأ من عام 1917م، حيث رسمت اتفاقية «سايكس بيكو» أول الحدود الجغرافية لدولة فلسطين، لكن الأمم المتحدة التي ينبغي أن تراعي الاتفاقيات المبرمة أصدرت قراراً بالتقسيم في عام 1947م يقضي بإقامة دولة عربية وأخرى يهودية في فلسطين.
وتبعاً لذلك، تم إيجاد كيان اسمه «إسرائيل» على الخريطة بعد عام 1948م، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، إنما صار هذا الكيان يكبر في فراغ الانشغال العربي بصورة مريبة.
فبعد حرب فلسطين كانت الهزيمة الكبرى للعرب في عام 1967م، التي قامت على إثرها دولة الكيان باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وهضبة الجولان السورية، وظل التوسع يراوح مكانه إلى أن جاءت هزيمة «أوسلو»؛ التي جرى التوقيع عليها عام 1993م، وقسمت الضفة الغربية إلى 3 مناطق («أ»، «ب»، «ج»).
وبموجب هذه الاتفاقية، تخضع مناطق «أ» لسيطرة أمنية ومدنية فلسطينية بالكامل، بينما تخضع المنطقة «ب» لسيادة مدنية فلسطينية وسيادة أمنية «إسرائيلية»، أما المنطقة «ج» فتخضع للسيطرة «الإسرائيلية» بالكامل.
وها نحن ننتظر الآن مزيداً من هذا التوسع وبمباركة أمريكية بعد الإعلان عن «صفقة القرن» التي ستشهد الضفة الغربية على إثر تنفيذها انكماشاً ضخماً يحولها إلى «كانتونات» سكانية؛ حيث تتضمن الخطة إعلان سيطرة دولة الاحتلال على 30% من الضفة الغربية ضمن المناطق التي تعرف باسم «ج»، وفق تصنيفات اتفاق أوسلو المبرم عام 1993م.
كل هذا وسط صمت دولي وعربي مطبق، اللهم إلا من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، وتغييب كامل لمواد القانون الدولي الذي يتغنى به العالم الحر بمنظماته الدولية!
وقد قالت منظمة العفو الدولية، في بيان لها: إن عملية «الضم» انتهاك صارخ للقانون الدولي، ولا يمكن أن يكون لها أي تأثير على الوضع القانوني للأرض، التي تظل محتلة بحكم القانون، وفي سياق الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعني خطة «الضم» توسيع نطاق القانون «الإسرائيلي» ليشمل مناطق يُعترف بأنها محتلة، ومعاملتها كجزء من أراضي «إسرائيل».
وأكدت أن القانون الدولي واضح للغاية في هذا الشأن (الضم غير قانوني)، والواقع أن استمرار «إسرائيل» في اتباع هذه السياسة يوضح مزيداً من الاستخفاف السافر بالقانون الدولي؛ فمثل هذه السياسات لا تغير الوضع القانوني للأراضي بموجب القانون الدولي، ووضع سكانها الواقعين تحت الاحتلال، ولا تلغي مسؤوليات «إسرائيل» كسلطة احتلال، بل تشير إلى الحاجة، التي طال أمدها، من قبل المجتمع الدولي إلى وضع حد للإفلات من العقاب عن انتهاكات «إسرائيل» للقانون الدولي.
جريمة حرب
وبلغة واضحة، قالت العفو الدولية، في بيانها: إن سياسة «إسرائيل» المتمثلة في توطين مدنيِّيها في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتشريد السكان المحليين، تتعارض مع القواعد الأساسية للقانون الإنساني الدولي.
ومعلوم أن المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على ما يلي: «لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحِّل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها»، كما يحظر «النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة».
ومعلوم أن إنشاء المستوطنات يتم لغرض وحيد يتمثل في إقامة «مدنيين إسرائيليين» بشكل دائم على الأراضي المحتلة؛ وهذا يعتبر جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا تؤثر عملية «الضم» على هذا التوصيف القانوني.
وفي الآونة الأخيرة، أعرب عشرات من خبراء الأمم المتحدة عن بواعث قلقهم من أن خطة «الضم» المقترحة من شأنها أن تخلق «عملية فصل عنصري في القرن الحادي والعشرين».