– لم يصدر رد فعل أمريكي حتى الآن على تحدي النظام المصري لهم وشرائه الطائرات الروسية رغم التهديد بقطع المعونات
– موقع أمريكي: سوف تمنح هذه المقاتلات الثقيلة طويلة المدى الجيش المصري تفوقاً في الأجواء الإقليمية
– الصفقة الروسية أعادت طرح تساؤلات حول أفق العلاقات المصرية الأمريكية
– خبراء روس قللوا من التهديدات الأمريكية لمصر بشأن العقوبات عليها ورجحوا استمرار الصفقة
بعد سلسلة تهديدات من وزير الخارجية الأمريكي والكونجرس لمصر بوقف المعونة العسكرية التي تقدر بـ1.1 مليار دولار سنوياً، فاجأت الصحف الروسية العالم بتأكيد انطلاق 5 مقاتلات جوية روسية من أحدث طراز “سوخوي 35″، يوم 27 يوليو الماضي، في طريقها لمصر ضمن صفقة وقعت في مارس 2019م، اتفاقية لشراء 20 مقاتلة من طراز “سوخوي 35” بقيمة ملياري دولار.
وأفاد موقع “Top War” الروسي، الذي يركز على شؤون الدفاع، في 23 يوليو الماضي بأن الدفعة الأولى من مقاتلات “سوخوي 35” أقلعت من مصنع “غاغارين كومسومولسك أون أمور” واتجهت نحو الجانب الأوروبي من روسيا، حيث سيجري تسليمها إلى مصر، وأنه لا يوجد أي علامات تعريفية على الطائرات، لكن أرقام الذيل على القواعد تسلسلت من (9210) إلى (9214).
الخبر الذي أكده موقع “روسيا اليوم” نقلاً عن مصادر عسكرية لم يذكر أسماءها، وموقع “Top War” كان من المفترض أن يترتب عليه توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، إذ سبق أن هدد مسؤولون أمريكيون، في نوفمبر الماضي، بفرض عقوبات على مصر لو استمرت في عملية الشراء، وهو ما لم يحدث.
فلم يصدر رد فعل أمريكي حتى الآن على تحدي مصر لهم وشرائه الطائرات الروسية رغم التهديد بقطع المعونات؛ ما اعتبره مراقبون أمراً متوقعاً في ظل العلاقات الحميمية بين ترمب والنظام الحالي.
“بوابة الدفاع المصرية”، القريبة من الجيش المصري، أكدت أنه من المستبعد أن تفرض واشنطن على القاهرة أي عقوبات، نظراً للمصالح الإستراتيجية التي تربطهما معاً، التي يأتي على رأسها الدور المصري في استقرار الإقليم وحفظ السلام والأمن ومكافحة الإرهاب ومعالجة النزاعات وتأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر وشرق وجنوب البحر المتوسط.
لهذه الأسباب لا تعبأ مصر بتحذيرات واشنطن
بحسب تقرير نشره موقع “Al-Monitor” الأمريكي، أول أمس الإثنين 3 أغسطس، سوف تمنح هذه المقاتلات الثقيلة طويلة المدى الجيش المصري تفوقاً في الأجواء الإقليمية، تحتاجه بسبب رغبتها في التدخل خارج أراضيها في ليبيا مثلاً وربما إثيوبيا، ولكن تهديد هذه الطائرات للتفوق الصهيوني هو السبب الذي جعل الولايات المتحدة تبدي اعتراضاً قوياً.
وقد أكد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، اللواء حمدي بخيت، في حديثه مع موقع “Al-Monitor” أن مقاتلات “سوخوي” تمثل إضافة إلى القوات الجوية المصرية في ضوء التهديدات الحالية التي تتعرض لها المنطقة.
وأضاف بخيت أن مقاتلات “سوخوي 35” لديها قدرة عالية على أداء المناورات، وأنها طائرة تستطيع الاضطلاع بأدوار متعددة تتيح لها القدرة على شن هجمات ضد أهداف أرضية نائية، ولا سيما الأهداف الخرسانية الثقيلة، مثل التحصينات ومدرجات الطائرات، وهو ما يتزامن مع إعلان عبدالفتاح السيسي، في 20 يونيو 2020م، أن التدخل العسكري المباشر للقوات المسلحة المصرية في ليبيا اكتسب شرعية.
أيضاً قال اللواء نصر سالم، الرئيس الأسبق لجهاز الاستطلاع بالجيش المصري وأستاذ العلوم الإستراتيجية في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، لموقع “Al-Monitor”: إن حيازة مصر مقاتلات “سوخوي 35″، مع مقاتلات “ميج-29 إم”، ومقاتلات “رافال”، ومقاتلات “فالكون إف-16″، سوف تضمن السيطرة الجوية كي تحمي المصالح المصرية.
وحول العقوبات الأمريكية المحتملة، قال اللواء سالم متسائلاً: لماذا لا تمد الولايات المتحدة مصر بمقاتلات “إف-35” التي أمدت بها “إسرائيل”، ما دامت تعترض على صفقة المقاتلات الروسية “سوخوي 35″؟ مضيفاً أن الجيش المصري يسعى للحصول على المعدات التي تساوي ما تملكه “إسرائيل”.
وقال اللواء بخيت: الأمن القومي لمصر فوق كل شيء آخر، إذا كان هذا يتطلب امتلاك مصر مقاتلات “سوخوي 35″، فيجب عليها أن تفعل ذلك، ولديها الحرية في اتخاذ قرار حول المسألة، أعطت الولايات المتحدة “إسرائيل” أحدث الأسلحة في ترسانتها، وهي المقاتلة “إف 35″، لذا فإن الولايات المتحدة تلجأ إلى معايير مزدوجة مع مصر عندما تهدد بفرض عقوبات عليها.
سبب التهديدات الأمريكية
وكانت صحيفة “The Wall Street Journal” ذكرت، في 14 نوفمبر 2019م، أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ووزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر حذرا وزير الدفاع المصري صدقي صبحي من احتمالية فرض عقوبات بسبب شراء القاهرة مقاتلات روسية، وذلك بموجب بند قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، الذي يحظر شراء المعدات العسكرية الروسية.
وحذر معهد “ستراتفور” الأمريكي للدراسات الأمنية والسياسية من أن اتفاق صفقة “سوخوي 35” قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، ولم يمض شهر واحد على تحذير معهد “ستراتفور”، حتى انقلب الاحتفاء بالنظام المصري في واشنطن خلال زيارته الأخيرة، أبريل 2019م، إلى تهديدات وتحذيرات وانتقادات ووجد نفسه إزاء أزمة جديدة في ملفات خارجية حساسة، لأن الصفقة أعادت طرح تساؤلات حول أفق العلاقات المصرية الأمريكية ودور صفقات السلاح المصرية في هندسة طبيعة العلاقات العسكرية المصرية مع روسيا وأمريكا.
فالهدف الرئيس من وراء المعونة العسكرية الأمريكية التي تقررت لمصر عقب اتفاقية السلام مع “إسرائيل” عام 1979م، كان ربط العسكرية المصرية بالأهداف الأمريكية، بينما صفقات السلاح المصرية الأخيرة مع روسيا تطرح تساؤلات حول تعارض هذه الصفقات مع “العقيدة العسكرية” التي تسعى واشنطن لدفع الجيش المصري لاتباعها، إضافة لأسباب تتعلق بسعي واشنطن للتفوق الكمي والنوعي لـ”إسرائيل” على مصر ودول المنطقة.
وقد أعرب أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم إزاء التقارب المصري الروسي وصفقة شراء مصر 24 طائرة “سوخوي 35″، وحثوا في رسالتهم بومبيو على الطلب من النظام المصري إعادة النظر بقراراته ذات الصلة.
فقد أثار إعلان القاهرة وموسكو عزم مصر شراء المقاتلة الروسية “سوخوي 35″، وهي من الجيل الرابع (الجيل 4 ++ فائقة الحداثة)، أزمة بين القاهرة وواشنطن المزود الرئيس لمصر بالسلاح والمعونة العسكرية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وانطلقت تهديدات العقوبات على مصر حال شرائها المقاتلات الروسية.
بيد أن خبراء روساً، بينهم المصمم السابق لشركة “سوخوي” الروسية فاديم لوكاشيفيتش، قللوا في تصريحات لصحيفة “كومسومولسكايا برافدا” من التهديدات الأمريكية لمصر بشأن العقوبات عليها، ورجحوا استمرار الصفقة، وأن مصر ستقاتل من أجل هذه الصفقة، وتحدث خبراء عسكريون عن أن الأمر نتاج صراع ومنافسة روسية أمريكية على بيع السلاح، وانخفاض سعر “سوخوي 35” مقارنة بغيرها الأمريكية “إف 35″، التي لا تبيعها أمريكا للقاهرة أيضاً وباعتها لـ”إسرائيل” لضمان تفوقها العسكري.
أيضاً يرى خبراء ومراقبون أن أمريكا قد تسعى لطي هذه الصفحة سريعاً وتكتفي بعقوبات شكلية تعود لرفعها خلال أشهر قليلة على غرار ما فعل الرئيس أوباما عقب انقلاب 2013م بمنع تسليم معدات لمصر ثم سمح بذلك لاحقاً.
ويقولون: إن من أسباب التساهل الأمريكي الورطة التي يعيشها ترمب أيضاً مع تركيا التي شجعت النظام المصري على الاستمرار في الصفقة، حين رفض رجب طيب أردوغان التهديدات الأمريكية بوقف بيع طائرات “إف 35” لتركيا بعدما اشترت صواريخ “إس 400” الروسية، وبدأت تركيا تطور طائرتها الخاصة المنتظر تدشينها 2023م.
أيضا من أسباب تساهل ترمب مع النظام المصري أن الأخير ينفذ مصالح وخدمات لأمريكا لم يقدمها أي نظام سابق من قبل؛ أبرزها الانفتاح الكبير على “إسرائيل” وحمايتها، والتعاون الاستخباري مع أمريكا ضد الإرهاب، وتغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري من مواجهة العدو الصهيوني إلى محاربة عدو داخلي هو التيار الإسلامي.
قصة “سوخوي 35”
بدأت الحديث عن شراء مصر طائرات حديثة بدل طائراتها التي تنتمي للجيل الثالث والرابع من الأسلحة، حين وقع الفريق عبدالفتاح السيسي، إبان توليه مسؤولية وزارة الدفاع في عهد الرئيس محمد مرسي، اتفاقية لاستيراد أسلحة روسية أثناء زيارته موسكو، في فبراير 2014م، بقيمة 3.5 مليار دولار، استكملها خلال زيارته إلى موسكو في أغسطس 2015م، وكان الحديث يدور عن شراء 12 مقاتلة من طراز مقاتلات “سوخوي”، وهي من (الجيل الرابع) الشهيرة باسم مقاتلة السيادة الجوية الحديثة، «سو 30 كا».
ويوم 18 مارس 2019م، كشفت صحيفة “إنترفاكس” الروسية، وخبراء عسكريين مصريين أن القوات الجوية المصرية تعاقدت على 24 مقاتلة جوية روسية الصنع من طراز “Su-35” بصفقة تقدر قيمتها بحوالي ملياري دولار شاملة المقاتلات وباقي التجهيزات الخاصة بها.