جاءت المظاهرات الأخيرة ومقاطعة البضائع الفرنسية من جانب الشعب المصري لتؤكد على حفاظ الشعب المصري على ثوابته والتمسك بهويته وعدم التفريط في دينه والدفاع عن مقدساته برفضه الإساءة لرسولنا الكريم؛ وهو ما تجلى في تظاهرات يوم الجمعة الماضي بالأزهر الشريف وعدد من المحافظات فضلا عن مقاطعة البضائع الفرنسية في أنحاء عديدة من البلاد.
وفي هذا السياق أكد عدد من السياسيين والدعاة على تقديرهم وتعظيمهم لما قام به الشعب المصري من فاعليات باعتبار مصر بلد الأزهر، وارتباط الشعب المصري بحب الرسول الكريم وآل بيته الكرام، لافتين إلى أنه لولا القبضة الأمنية لكانت الشوارع المصرية بطول البلاد وعرضها شاهدة على موجات كبيرة من التظاهرات، ولكن الإصرار على التظاهر بصرف النظر عن حجمه وتفعيل المقاطعة شيء طيب، ويحمد لهذا الشعب، ويعكس تمسكه بهويته وقيمه، ويرسل رسائل عدة في أكثر من اتجاه.
وطالبوا في تصريحات خاصة لـ “المجتمع” بضرورة استمرار سلاح المقاطعة للبضائع الفرنسية وعدم التوقف؛ لأن هذا السلاح الحضاري أثبت فاعليته واجبر الرئيس الفرنسي ماكرون على التراجع وهذا يدل على تأثير ما جرى على الاقتصاد الفرنسي، مؤكدين الاستمرار في المقاطعة حتى يكون هناك اعتذار واضح من جانب ماكرون وتفتح المساجد التي أغلقت والكف عن الإساءة للرموز الدينية واحترام الاسلام والمسلمين بالغرب بصفة عامة وفرنسا بصفة خاصة.
ومؤخرا نظم المصريون عدة فعاليات بأماكن مختلفة؛ ففي القاهرة تظاهر أعداد كبيرة من المصلين بالجامع الأزهر مرددين الهتافات المعادية لفرنسا وماكرون ودفاعا عن الرسول الكريم؛ وهو ما حدث في مدينة السنبلاوين بالمنصورة بالتظاهر خارج المساجد عقب صلاة الجمعة وتنظيم وقفات احتجاجية بكل من الشرقية وسوهاج فضلا عن اعلان المقاطعة في أنحاء كثيرة على مستوى الجمهورية وتفريغ المحلات من البضائع الفرنسية.
تراجع النظام
وفي سياق تعليقه يقول مستشار وزير الأوقاف الأسبق الشيخ محمد الصغير إن حاجز الخوف تم كسره في المظاهرات الأخيرة التي كانت مع حملة هدم المنازل وتراجع النظام أمامها بوضوح أما التظاهر في جمعة الغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا أقل المتاح للشعب المصري المعروف بحبه الجارف للنبي المكرم صلى الله عليه وسلم حتى عند غير المتدينين.
وأضاف لـ”المجتمع”: ومع شدة القبضة الأمنية وحكم الحديد والنار واحتمال الاعتقال خرجت هذه المظاهرات، كما شارك المصريون بفاعلية في حملة المقاطعة وحضورهم الكبير على وسائل التواصل من عوامل نجاحها، ولأول مرة منذ زمن تحقق الأمة نجاحا عاما، وتظهر متحدة على هدف واحد وتصر على الاستمرار في مقاطعة المنتجات الفرنسية انتصارا لمقام النبي المكرم صلى الله عليه وسلم.
ويطالب بالاستمرار في هذا السلاح الشعبي الحضاري (يعني المقاطعة) الذي كان له فضل السبق وإطلاق شرارته الأولى لشعب الكويت، مبديا أسفه من بغض البعض لتركيا، وحقدهم على أردوغان الذي أعماهم عن كل فضيلة وأوقعهم في رذيلة مساندة ماكرون الذي هاجم رسول الله ودين الإسلام، حسب قوله.
المقاطعة سلاح فعال
أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد الشريف فيرى أن العدوان الفرنسي على النبي أشعل الغضب في قلوب كل المسلمين؛ ولذلك انطلقت المظاهرات في كل مكان، لأن أغلى شيء لدى المسلمين هو نبيهم -صلى الله عليه وسلم- والإسلام وحب النبي متجذر في قلوب المصريين أصحاب العاطفة الدينية الجياشة فهم أكثر الشعوب حبا للنبي وآل بيته الكرام، مؤكدا على أنه لولا القمع والاستبداد الذي يسود مصر لشملت المظاهرات كل بقعة في مصر نصرة للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.
مضيفا ل “المجتمع”: ومع ذلك خرجت مظاهرات ربما تكون قليلة وضعيفة بالنسبة لمكانة مصر التي هي قلب العالم الاسلامي لكنها مظاهرات كسرت حاجز الخوف ولها دلالاتها في تحدي السلطة الغاشمة التي تجرم المظاهرات والتعبير عن الرأي وتحارب مظاهرات التدين حتى الدعوة للصلاة على النبي ،مؤكدا على دعم تلك المظاهرات التي انطلقت في الجامع الأزهر والتي له رمزية قوية في العالم باعتباره مرجعية علمية وسنية في العالم وتأتي بعد الموقف الرائع لشيخ الازهر أحمد الطيب بمقاضاة مجلة شارلي ابيدو صاحبة الرسوم المسيئة وكذلك انشاء منصة تعريفية بالنبي بكل اللغات .
وينهى كلامه بالقول: واعتقد ان المقاطعة للمنتجات الفرنسية سلاح فعال في تأديب ماكرون ولكل من تسول نفسه اهانة مقدسات المسلمين ويجب المضي في استخدام سلاح المقاطعة حتى يعتذر ماكرون عن إساءاته للإسلام بل يصدر قانونا يجرم التطاول على الأديان والأنبياء الكرام.
رسائل شجب واستنكار
ومن جانبه يرى الداعية والباحث الشرعي مصطفى إبراهيم أن الرسائل التي وجهها المتظاهرون هي رسالة شجب واستنكار شديدة اللهجة إلى ماكرون ومن على شاكلته الذين يسيئون أو يبررون الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأيضا تظهر مكانة النبي صلوات الله عليه وسلامه في قلوب المسلمين ورفضهم اي إساءة إلى مقامه الكريم، والتي على جميع الأديان والأجناس والجنسيات احترامها وتقديرها وعدم المساس به بأي شكل.
ورأى إبراهيم في حديثه ل” المجتمع” أن عودة التظاهر تعني أنه سيظل خياراً فعالاً للتعبير عن الغضب ولتوصيل أي رسالة جمعية يريد الشعب المصري توصيلها ، وهي وسيلة لجأ إليها الشعب المصري والعربي في الملمات والأحداث الكبرى ، متمنياً أن تتعاظم دعوات التظاهر لتعيد روح الثورة ولكسر حاجز الخوف الذي يسعى السيسي ونظامه إلى بنائه لإحكام قبضته الأمنية على الشعب المصري ،داعيا الأجهزة الأمنية إلى إعلاء مصلحة الوطن والدين فوق أي اعتبارات وإدراك أنهم جزء من الشعب يجب أن يندمجوا معه ويتوحدوا مع مشاعر الأمة وأن لا يكونوا كالنبت الشيطاني الذي يستأصل إذا اضر بما حوله .
واشاد بحملة المقاطعة ووصفها بأنها سلاح حضاري فعال وشعبي وغير رسمي، داعياً المسلمين جميعا إلى التمسك به لإظهار مدى القوة الكامنة في الشعوب الإسلامية بعيدا عن الأنظمة العميلة التي تمالئ الغرب على حساب دينها، وتفتقد الغيرة على مقدسات الأمة، مناشدا كل مسلم أو محب للإسلام ولنبيه الكريم أن يستمروا في سلاح المقاطعة حتى الاعتذار الرسمي وحتى تسن قوانين تحرم وتجرم الإساءة إلى الثوابت والرموز الإسلامية ويفك القيد عن المساجد وسائر العبادات والشعائر الإسلامية وحتى يتوقف سعار الإسلاموفوبيا.
التظاهر فرض عين دفاعا عن رسول الله
أما عضو المجلس الثوري احمد عبد الجواد فيقول فيما يتعلق بالمظاهرات التي خرج بعضها في مصر، نصرة لرسول الله، فهي فرض عين على كل مسلم، لكنها للأسف لم تكن على ذلك المستوى المطلوب، مقارنة بسابقتها التي كانت تحدث من قبل، من حيث الزخم الشعبي واسع النطاق، لكن على كل حال، فهي شيء جيد،
مضيفا ل “المجتمع”: أما القول بأنها كسرت حاجز الخوف مجدداً لدى الشعب، فهذا قول فيه مبالغة كبيرة، فمظاهرات نصرة رسول الله، قد يشاركنا فيه بعض مؤيدي السيسي، وقد يدفعهم النظام للمشاركة فيها، لتحسين صورة القبيح في الأساس، لكن مظاهرات رفض النظام وممارسته وقمعه وطغيانه واستبداده، فهي شيء آخر تماما، ويبدو أننا في حاجة لكثير من الوقت حتى يمكننا القول بأن الشعب عاد لكسر حاجز الخوف مجدداً، والله أعلى واعلم
وبخصوص حملات المقاطعة للبضائع الفرنسية، قال إنه يراها تسير بشكل جيد، وتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بشكل مرضي إلى حد ما.