أكد رئيس اللجنة التعليمية في مجلس الأمة الكويتي النائب د. حمد المطر أن اللجنة مع العودة الشاملة للتعليم مع الأخذ بالاحترازات الصحية، مشيراً إلى أن مخاطر الإصابة بـ»كورونا» لا تقاس بمخاطر استمرار جلوس الأبناء في البيوت، حيث لا يستطيعون التحصيل التعليمي بصورة حقيقية ولا يستفيدون من المدارس.
ناقشنا 3 سيناريوهات لبدء الدراسة ونرجح العودة الشاملة الآمنة للمدارس خاصة مع انحسار المرض وتطعيم الطلاب
وحول السيناريوهات المتوقعة لبدء العام الدراسي الجديد، أشار المطر، في حوار له مع «المجتمع»، إلى أنه تمت مناقشة ثلاثة سيناريوهات للعودة للدراسة؛ أولها العودة الآمنة كسابق عهدها، والثاني يتمثل في نظام الهجين، في حين يتضمن الثالث الاستمرار بالدراسة عن بُعد.
مرت الكويت بتجربتين في التعليم «أونلاين» ببداية الأزمة ومع نهايتها حيث كان التعليم في النصف الأول بالحضور والاختبارات «أونلاين»، أما في النصف الثاني فكان التعليم «أونلاين» والاختبارات ورقية، ما دوركم بالمجلس باعتباركم رئيس اللجنة التعليمية؟
– لا بد أن نؤكد بداية أن مخاطر الإصابة بـ»كورونا» لا تقاس بمخاطر استمرار جلوس أبنائنا في البيوت؛ حيث لا يستطيعون التحصيل التعليمي بصورة حقيقية ولا يستفيدون من المدارس كما ينبغي؛ فالمدرسة ليست فقط للتعليم، بل هي تعليم وسلوك ورياضة وتربية وعلاقة، وهذه البيئة غير متوافرة في «التعليم عن بُعد» الذي تسبب للطلبة في مشكلات نفسية كبيرة، وذلك وفق ما أكدته دراسات أجريت عليهم خلال الفترة الماضية.
وبلا شك، فإن الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم الآن وتأثير جائحة “كورونا” على كل دول العالم على جميع المستويات؛ سواء الاقتصادية أم السياسية أم الصحية أم التعليمية، تتطلب قرارات استثنائية، خاصة في مجال التعليم؛ وهو ما نناقشه في اللجنة التعليمية للخروج بقرار قبل انطلاق العام الدراسي الجديد، واضعين في الاعتبار مخرجات العام الماضي التي أدت إلى تضخم بعض المؤسسات التعليمية، بل والتأثير على البعثات الداخلية والخارجية بعد أن وصلت نسبة النجاح 100%؛ بل إن هناك 33% من الطلبة حصلوا على درجات ما بين 90 إلى 100%.
ما أهم السيناريوهات المتوقعة لبدء العام الدراسي الجديد، في ظل الوضع الصحي الحالي؟
– تمت مناقشة ثلاثة سيناريوهات للعودة للدراسة؛ أولها العودة الآمنة كسابق عهدها إذا أكدت قرارات اللجنة الوزارية لمتابعة «كورونا» أن الفيروس والعدم أصبحا سواء، والثاني يتمثل في «نظام الهجين» الذي يجمع بين الدوام المدرسي العادي بنسبة 50%، والدراسة «أونلاين» 50%، مع تقسيم ذلك على عدد الأيام، أما السيناريو الثالث فهو الاستمرار بالدراسة عن بُعد، مع تطوير النظام الذي كان معمولاً به في الفترة السابقة.
وتم عقد اجتماع موسع شمل الوزارات ذات الصلة؛ وهي التربية والصحة والداخلية والخارجية والهيئات المسؤولة عن العودة الشاملة الآمنة للقطاع التعليمي والهيئة العامة للطيران المدني والقوى العاملة واتحاد ملاك المدارس الخاصة.
وما تميل إليه اللجنة وتؤيده وزارتا التربية والصحة هو العودة الشاملة الآمنة للمدارس، خاصة أن مخاطر وجود أبنائنا في البيت أخطر بكثير –على سلوكهم وتدني مستواهم التعليمي ومستوياتهم الفكرية والذهنية- من احتمالية إصابتهم بـ”كورونا”، وربما يقوي رأينا هذا انحسار المرض والبدء في تطعيم أبنائنا من سن 12 إلى 18 سنة، وبعدها سيتم تطعيم الأطفال.
مخاطر وجود أبنائنا بالبيت أخطر بكثير على سلوكهم ومستواهم التعليمي من احتمالية إصابتهم بـ»كورونا»
وماذا لو تطور الوباء؟
– نحن مع العودة الشاملة للتعليم مع الأخذ بالاحترازات الصحية، لكن ماذا لو أصبح الوضع الصحي غير مطمئن بناءً على قرارات وزارة الصحة؟ فهل تستمر العودة الشاملة؟ بالطبع لا، سوف تكون هناك مراجعات للقرارات بناءً على الأوضاع الصحية الموجودة ودراستها، ومن الممكن أن يتم إقرار «نظام الهجين»؛ بمعنى نظام التعليم يوماً بيوم، أما إذا ظهر متحور جديد وأصبح الوضع الصحي غير مناسب فمن الممكن العودة إلى «أونلاين».
فالتعليم “أونلاين” لا بد أن يستمر؛ وقد استفاد الكثير منه؛ فمن الممكن أن يتم تطوير التكنولوجيا وتكون رديفة للتعليم بالحضور، حتى الاجتماعات من الممكن أن يتم الاستفادة من هذه التكنولوجيا فيها ويمكن استخدامها في حصص التقوية والمهارات المدرسية فيجب الاستمرار فيه، وإن شاء الله تكون هناك عودة شاملة.
ذكرت في أحد المؤتمرات الصحفية أن التعليم بالكويت في انحدار بالرغم من تخصيص ميزانية كبيرة له، ما السبب؟
– نعم، التعليم بالكويت في انحدار، رغم ما ينفق عليه من مبالغ طائلة وصلت إلى 2.4 مليار دينار (بواقع ملياري دينار رواتب فقط)، وأمام هذه المبالغ الكبيرة جداً ومقارنة ببعض الدول الفقيرة التي لا تنفق 10% من هذا المبلغ فنحن أمام أزمة حقيقية؛ فالكويت من أكبر الدول إنفاقاً على التعليم، وأقلها في المخرجات عالمياً وخليجياً، وهذا يرجع إلى عدم وجود رؤية إستراتيجية واضحة تسير عليها الوزارة، فالقرارات الإستراتيجية تحتاج إلى استقرار؛ ففي آخر عامين فقط تم تغيير ثلاثة وزراء للتربية، كما أن الوزارة تعمل وفق رؤى شخصية من بعض الأفراد وليس رؤى إستراتيجية واضحة وسياسية تعليمية؛ فلدينا وزير تربية ووزير تعليم عال منفصلان، كما أن المؤسسات المساندة منفصلة ومنعزلة عن بعضها بعضاً، مثل وكيل التعليم والمجلس الأعلى للتعليم ولجنة التعليم في المجلس الأعلى للتخطيط ومجلس تطوير التعليم، ورغم ذلك يقدمون تقارير ولا نراها على أرض الواقع.
التعليم بالكويت في انحدار رغم ما ينفق عليه من مبالغ طائلة وصلت إلى 2.4 مليار دينار
وأؤكد هنا أن لدينا أساتذة للمناهج في جامعة الكويت قادرين على خلق سياسة تعليمية ورؤى إستراتيجية وتطوير للمناهج بشكل أفضل، لكن للأسف الشديد الرؤية الموجود بالوزارة رؤية فردية لا تهتم لوجود رؤية إستراتيجية، بالإضافة إلى أن هناك أكثر من مؤسسة مهتمة بالتعليم في الكويت لا يهتم أحد بتقاريرها ولا يقوم بتطبيقها على أرض الواقع.
لا شك أن مخرجات الثانوية العامة في هذا العام 100%، وبالتالي فهناك أزمة أخرى في مسألة القبول والابتعاث، برأيك هل هناك حلول مطروحة في هذا الشأن؟
– مع زيادة أعداد الخريجين في الثانوية العامة، وعدم استيعاب جميع مؤسسات التعليم العالي لكل خريجي الثانوية العامة في ظل وجود جامعة واحدة يتيمة؛ أصبح مطلوباً التفكير في الدراسات التقنية وربط مخرجات التعليم بسوق العمل بشكل عملي وواقعي، وليس شعاراً وتصريحاً؛ حيث يجب التوسع في إنشاء المعاهد التطبيقية والكليات الفنية، وإيجاد تخصصات نوعية تقدم كوادر مؤهلة للقطاع الخاص لتغطي الفراغ الكبير الذي تشغله عناصر غير وطنية، ولا تجد من شبابنا من يملؤه؛ إذ تشير بعض الإحصائيات إلى شغل 7 مقيمين مقابل عنصر وطني واحد في الوظائف والأعمال الفنية بالقطاع العام؛ فكيف بالقطاع الخاص؟!
الدول المتقدمة تحرص على جودة التعليم، الذي يعتبر قاعدة نهضتها الصناعية والتكنولوجية، وتُعنى بصفة خاصة بالتعليم التطبيقي وضرورة مواكبته لمستجدات سوق العمل ومتطلباته؛ ففي ألمانيا، على سبيل المثال، وهي ثالث دولة من حيث الصادرات، تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 50% من الوظائف التي يعمل فيها الألمان، والوظائف المطلوبة تتطلب شهادات الدبلوم المهنية، بينما 22% فقط من هذه الوظائف تتطلب شهادات جامعية ودراسات عليا، وهو ما يعكس بنية الاقتصاد الألماني، واعتماده على الصناعة المتقدّمة من جهة، وعلى الشركات المتوسطة والصغيرة من جهة أخرى؛ حيث يعمل في هذه الأخيرة أكثر من 60% من الشعب الألماني، وما نريد قوله: إنه لا يمكن الوصول إلى نهضة اقتصادية دون تأسيس على نهضة تعليمية، وإعطاء أهمية كبيرة للتعليم المهني (التطبيقي) وجودته، لتساهم مخرجاته في سد حاجة سوق العمل المتنامية لهذا النوع من الوظائف.
كما أنه لا نستطيع الحديث عن الأولويات في ظل وجود وزير للتربية ووزير للتعليم العالي ولا يوجد رابط بينهما، إضافة إلى وجود جامعة واحدة يتيمة، فنحن بحاجة للاستعجال في تأسيس مجالس إدارة جامعة الشدادية، إضافة إلى تطوير المؤسسات التعليمية لتواكب سوق العمل؛ فلا يعقل أن يكون كل الشهادات جامعية ودراسات عليا؛ فالتنويع مطلوب، وهذا أيضاً مطلوب ليس في التعليم فقط بل في كل المؤسسات.