ليست الحواجز العسكرية الثابتة والطيارة الوحيدة في تعقب الفلسطينيين في الضفة الغربية، بل هناك كاميرات مركبة على أعمدة الكهرباء المثبتة على جانب الطرق الالتفافية الموصلة للمستوطنات تحصي أنفاس الفلسطينيين لحماية مركبات المستوطنين المارة بالقرب من مداخل البلدات والقرى الفلسطينية.
لا يبالون
بلدة عزون التي تبعد نحو 20 كم شرق قلقيلية من أكثر التجمعات السكانية التي تعرضت للحصار والإغلاق بذريعة إلقاء الحجارة على مركبات المستوطنين من قبل أطفال وفتية البلدة، وقد عمد الاحتلال إلى نصب أبراج أسمنتية مرتفعة غرب وشرق البلدة لمراقبة الحركة عند مدخل البلدة المطل على الشارع الالتفافي رقم (55) الواصل بين مستوطنات شمال الضفة الغربية والمدن “الإسرائيلية” داخل الخط الأخضر.
لم يكتف جيش الاحتلال بإقامة هذه الأبراج، بل عمد إلى أسلوب الكاميرات المثبتة على أعمدة الكهرباء، ويمكن مشاهدة هذه الكاميرات الكبيرة، ذات الجودة العالية عند المدخل الشمالي المعروف بمدخل البوابة للبلد وبالقرب من مدخل عزبة الطبيب الذي يبعد 3 كيلومترات غرب مدخل عزون الشمالي.
أهالي بلدة عزون البالغ عددهم قرابة 12 ألفاً لا يبالون لهذه الكاميرات التي تزود الاحتلال بحركتهم على مدار الساعة.
يقول الطالب الجامعي أحمد شبيطة: أقف يومياً أمام الكاميرا عند توجهي إلى جامعة النجاح، وتأتي دورية لفحص بطاقتنا الشخصية، حيث يتم تزويد الصور أولاً بأول، وفي كثير من الأحيان يطالبنا جنود الدورية الابتعاد عن المدخل خوفاً على حياة المستوطنين الذين يحتجون لجيش الاحتلال عند تجمعنا بالقرب من المدخل الشمالي في انتظار الحافلة التي تقلنا إلى جامعة النجاح.
ويضيف شبيطة: عندما يزداد عددنا عند المدخل نعلم علم اليقين أن دورية جيش الاحتلال ستحضر لطردنا من المكان؛ لأن الكاميرا ترصد حركاتنا ومن ضمنها تزايد أعدادنا.
عمال ومزارعون في عين الكاميرا
العديد من العمال الفلسطينيين المتوجهين إلى أماكن عملهم داخل المدن “الإسرائيلية” ترصدهم كاميرات جيش الاحتلال، ويتعرضون للتفتيش من قبل جيش الاحتلال الذي يتلقى صورهم الأولية من الكاميرات المنصوبة، وهم يحملون متاعهم أو أكياساً صغيرة فيها طعامهم.
يقول العامل عزالدين صالح: تعرضت لعملية تفتيش دقيقة من قبل دورية لجيش الاحتلال، وسألني ضابط الدورية عن كيس الطعام الذي كان بحوزتي وقد تخلصت منه بعد تناولي ما فيه، وأخبرني الضابط أن صورته موثقة من الكاميرا، عندها أيقنت أننا في عين الكاميرا لحظة بلحظة.
ولم يسلم المزارعون الفلسطينيون من كاميرات جيش الاحتلال أثناء توجههم إلى مزارعهم القريبة من المستوطنات والطرق الالتفافية، ويفاجأ العديد منهم بمراجعته من قبل جنود الاحتلال وضباط الإدارة المدنية على بعض السلوكيات التي وثقت من خلال الكاميرات المنصوبة.
يقول المزارع أبو أحمد من قرية كفر قدوم شرق قلقيلية: قريتنا تقع بجوار مستوطنة قدوميم، وفي إحدى المرات تمت مراجعتي من قبل أحد ضباط الإدارة المدنية التابعين لجيش الاحتلال الذي شخصني وهددني بعدم الاقتراب من منازل المستوطنة وسياجها، وخاطبني قائلاً: شاهدتك عدة مرات وأنت تقترب من منازل المستوطنة وسياجها، وسوف أعطيك فرصة أخرى كي لا تكرر هذه الفعلة.
وتزايد عدد المستوطنين في الضفة الغربية منذ اتفاقية أوسلو حتى الآن 5 أضعاف على الأقل، فبينما كان عدد المستوطنين لا يتجاوز 105 آلاف مستوطن عند توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، تزايد هذا العدد ليصل حسب الإحصاءات “الإسرائيلية” إلى أكثر من نصف مليون مستوطن.