قالت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، إن مشروع الدستور الجديد في تونس يقوّض الضمانات المؤسساتية لحقوق الإنسان عبر الإمعان في الحدّ من استقلالية القضاء ومنح رئيس البلاد صلاحيات طوارئ غير مقيّدة إلى حد كبير.
والخميس، نشرت “الرائد الرسمي”، وهي الجريدة الرسمية في تونس، مشروع الدستور المقرر طرحه في استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/ تموز الجاري.
وأضافت المنظمة الدولية، في بيان، أن مشروع الدستور جاء “بعد مسار صياغة مُبهم ومُسرّع”.
واعتبرت أنه “لا يوفر للقضاء الضمانات اللازمة للعمل باستقلالية وحيادية تامّتَيْن ويزيل آليات الرقابة المُعتمدة لمحاسبة السلطات”.
وحذرت من أن هذا الوضع “يتضمن أحكاما مثيرة للقلق من شأنها أن تُعطي مجالا للسلطات لتفسير الحقوق بطرق تقييدية باسم الإسلام”.
بينما رأت أن المشروع “لا يزال يصون العديد من الحقوق الرئيسية، إلا أنه يمنح الرئيس صلاحيات طوارئ غير مقيّدة إلى حد كبير قد يستعملها لتقويض حقوق الإنسان”.
وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة هبة مرايف في البيان إن المشروع “يفكك العديد من الضمانات المنصوص عليها في دستور ما بعد الثورة (دستور يناير/ كانون الثاني 2014) ولا يوفر ضمانات مؤسساتية لحقوق الإنسان”.
وأضافت أن “إزالة هذه الضمانات (المؤسسة لحقوق الانسان) تبعث برسالة مروعة وتمثّل نكسة لجهود بُذلت على مدى أعوام لتعزيز حماية حقوق الإنسان بتونس”.
وتابعت: “من الصادم أن الشعب التونسي حُرم من شرح شفاف يوضح كيف تمت صياغة مشروع الدستور الجديد”.
وشددت على أنه “يتوجّب على السلطات ضمان توفر المعلومات التي تحظى باهتمام عام للجميع، وإخضاع مشروع الدستور، كما هو الحال مع أي تشريع جديد، لتمحيص عام وسياسي فعلي ومجدٍ”.
ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من السلطات التونسية بشأن موقف منظمة العفو الدولية من مشروع الدستور الجديد.
لكن في وقت سابق الثلاثاء، دعا الرئيس سعيد التونسيين عبر بيان إلى التصويت بـ”نعم” على المشروع”، وفق الرئاسة.
وقال إنه “لا خوف على الحقوق والحريات إذا كانت النصوص القانونية تضعها الأغلبية تحت الرقابة الشعبية سواء داخل المجلس النيابي أو مجلس الجهات والأقاليم”.
ويتضمن مشروع الدستور الجديد 142 مادة تمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية خلافا لدستور 2014 الذي كان ينص على نظام شبه برلماني.
ويأتي الاستفتاء المرتقب ضمن مسار إجراءات استثنائية بدأ سعيد فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021 وتضمنت أيضا إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول القادم.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات الاستثنائية “انقلابا على الدستور”، بينما ترى فيها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011”.