تظاهر آلاف في العاصمة المغربية، الرباط، احتجاجا على ارتفاع الأسعار في ظل التضخم الذي يشهده المغرب، وضد قمع حرية التعبير والفساد والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
والتظاهرة دعت إليها تنسيقية “الجبهة الاجتماعية المغربية”، وتضم منظمات نقابية يسارية؛ وشارك فيها آلاف بحسب تقديرات صحفيين، لكن المديرية العامة للأمن الوطني قالت إن عدد المشاركين تراوح بين 1200 و1500 شخص”.
الشعب يريد إسقاط الغلاء
وردد المحتجون شعارات “الشعب يريد إسقاط الغلاء” و”إسقاط الاستبداد”. ورفع المشاركون لافتات تدين “الفساد” و”الرشوة”، قبل أن يتفرقوا بهدوء وسط العاصمة.
وقال يونس فراشين المنسق الوطني للجبهة التي تضم أحزابا وجمعيات ونقابات يسارية، في كلمة باسم التظاهرة “جئنا لنحتج ضد الغلاء (…) ضد حكومة تجسد زواج المال والسلطة وتدعم الرأسمال الاحتكاري”.
وأضاف أن “أكثر من ثلاثة ملايين مغربي أصبحوا فقراء”، بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 والتضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وشهد المغرب ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر الماضية في أسعار الوقود والمواد الغذائية والخدمات، فضلا عن جفاف استثنائي أدى إلى تراجع التوقعات الرسمية للنمو إلى 0.8 بالمئة فقط هذا العام.
وارتفع معدل التضخم بنسبة 7.1 بالمئة في تشرين الأول/ أكتوبر مقارنة مع الشهر نفسه العام الماضي، فيما يتوقع أن يصل إلى 6.3 بالمئة نهاية العام. وهو ما يؤثر على الفئات الفقيرة والمتوسطة، في بلد يعاني أصلا فوارق اجتماعية.
موحدون ضد الغلاء وضد التطبيع
إلى جانب الاحتجاج على الغلاء نددت التظاهرة التي شارك فيها نشطاء من مدن مختلفة، “بكل أشكال التضييق على حرية التعبير”، وفق ما أكد فراشين في كلمته.
وأضاف أن “هناك مجموعة من المناضلين والمدونين والصحفيين في السجون.. لا يمكن أن نقبل هذه التراجعات في مغرب 2022”.
ورفع بعض المحتجين شعارات “تحية” للصحفيين سليمان الريسوني وعمر الراضي وهما مسجونان منذ 2020 بعد الحكم عليهما بالسجن 5 و6 أعوام تواليا، في قضيتي اعتداء جنسي منفصلتين بالإضافة إلى قضية تجسس بالنسبة للراضي.
ورفع متظاهرون آخرون الأعلام الفلسطينية وشعارات مناهضة للتطبيع مع الاحتلال الذي ترفضه منظمات اليسار والإسلاميون عموما، مؤكدين أنهم “موحدون ضد الغلاء وضد التطبيع”.
في مواجهة الاحتجاجات ضد الغلاء تؤكد الحكومة، التي يقودها رجل الأعمال الثري عزيز أخنوش، أنها تنتهج سياسة “اجتماعية” تشمل خصوصا تنفيذ برنامج أعلن العام 2020 لتعميم التغطية الصحية على كافة المغاربة.
الوقفة الاحتجاجية الإنذارية أمام البرلمان
وقال نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل في المغرب، عبد الإله دحمان إن الوقفة الاحتجاجية الإنذارية أمام البرلمان، تأتي رفضاً لارتفاع الأسعار وضرب القدرة الشرائية للمواطنين، لافتاً إلى أن نقابته تطالب بضرورة تخفيض الأسعار، خاصة المحروقات والمواد الأساسية، حيث بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة، خصوصا أن أسعار المحروقات تراجعت دوليا مقارنة مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
وتابع: “نحتج أيضا بسبب عدم قيام الحكومة بأدوارها في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، إذ لم تكلف نفسها عناء وضع سياسات لتخفيف تأثير الغلاء على المواطن الذي اكتوى بنار الأسعار”، لافتاً إلى أن “ما يزيد في تأزيم الوضع ما تضمنه تقرير مجلس المنافسة، حيث حققت شركات المحروقات أرباحا خيالية نهبت من جيوب المواطنين”.
وقال دحمان إن الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات “يبقى غير ذي جدوى ما دامت آثاره لم تظهر أمام عموم الشغيلة والأجراء، وهو ما أعلنت عنه بعض النقابات المشاركة في هذا الحوار، كما سبق أن نبهنا له”.
واعتبر المسؤول النقابي أن “الطامة الكبرى هي أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 جاء دون تطلعات وانتظارات الشغيلة المغربية. بل حتى الفرضيات التي بُني عليها تبقى غير واقعية، سواء فيما يتعلق بنسب النمو أو التضخم، خصوصا في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وغياب إجراءات عملية لتحقيق الدولة الاجتماعية”.
ارتفاع أسعار المحروقات
إلى ذلك، طالب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في البيان الختامي للوقفة الاحتجاجية، بالتعجيل بإيقاف الارتفاع غير المسبوق للأسعار، وتحسين القدرة الشرائية لعموم الأجراء والمتقاعدين، بما يصون كرامتهم ويؤمّن متطلبات عيشهم الكريم.
كما طالب بالمراجعة الجذرية لسياسات الحكومة الاجتماعية، والعمل على تصحيح مسار الحوار الاجتماعي، والمبادرة إلى سن إجراءات ملموسة وذات مصداقية لدعم الفئات الهشة والمتضررة، مع العمل على الزيادة الفورية في الأجور والمعاشات.
المسيرة الاحتجاجية
ونقلت وكالة فرانس برس عن يونس فراشين، منسّق مجموعة الجبهة الاجتماعية المغربية للأحزاب السياسية والنقابات اليسارية التي نظمت المسيرة، قوله “جئنا للاحتجاج على حكومة تجسّد زواج المال والسلطة”.
وأضاف فراشين “هذه المسيرة الاحتجاجية تأتي بعد سلسلة من الوقفات التي نظمتها الجبهة على المستوى الوطني. اليوم المواطنون قدموا من مختلف المدن المغربية للاحتجاج على الغلاء الذي أثقل كاهل المغاربة”.
وأدمج 11 مليون مغربي من ذوي الدخل المحدود ضمن المستفيدين من التغطية الصحية، من دون أداء رسوم اشتراك، ابتداء من الأول من كانون الأول/ ديسمبر الذي وصفه الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس “باليوم التاريخي”.
لكن المملكة التي يبلغ عدد سكانها نحو 36 مليون نسمة، تراهن أساسا على تحريك الاستثمارات العامة والخاصة لتنشيط الاقتصاد، إذ إنه أعلن في الفترة الأخيرة عن إطلاق صندوق استثمار سيادي بقيمة 4,1 مليار يورو.