تصاعدت مؤخرًا في أكثر من دولة أوروبية جريمة قيام سياسيين بإحراق نسخ من المصحف الشريف.. وهذه الجرائم لم تكن منفصلة؛ فهي تدخل في عمق الفكر الغربي، وعمق المجتمعات، وهي مرتبطة بالأحوال السياسية والاجتماعية الداخلية في أوروبا، والنظر إلى الماضي والحاضر والمستقبل..
هنا، يتوجب علينا التوقف عند بعض الحقائق:
– إحراق المصحف جريمة وعمل إرهابي واعتداء، وليس له علاقة بأي شكل من أشكال الديمقراطية أو الحرية أو التعبير عن الرأي.
– هذا العمل جريمة منظمة تحظى بغطاء سياسي رسمي من الحكومات، وكل جرائم إحراق المصاحف كانت تحصل على إذن رسمي، وتسهيلات من السلطات المحلية، وكان يتم الإعلان إعلاميًّا عن موعد ارتكاب الجريمة، إضافة إلى حماية أمنية رسمية من الشرطة..
– هذه الجرائم المتكررة تفضح كل ما يدعيه الغرب من قيم إنسانية وحرية اعتقاد.. وهي تدل على الحقد الأعمى على الإسلام والمسلمين، وتظهر نوازع هؤلاء الأقوام في محاربتهم للإسلام وكرههم لهذا الدين.
– كما تُظهر هذه الجرائم اتجاه هذه المجتمعات نحو التطرف والعنصرية وتصاعد الكراهية، وهي استمرار لمجموعة من القوانين التي صدرت في أكثر من دولة أوروبية لمنع الحجاب، والتضييق على المساجد، وطرد الدعاة، والاعتداء على المجتمعات الإسلامية في هذه الدول، وكل أعمال فيها تشويه لصورة الإسلام والمسلمين.
– إن الإدارات السياسية في هذه الدول -أي الرئاسات، والحكومات، والأحزاب السياسية، ووزارات الداخلية والعدل، والأجهزة الأمنية، ووسائل الإعلام- تتحمل المسؤولية الكاملة عن جرائم إحراق المصحف وعن جرائم الاعتداء على المسلمين وعن غلو المجتمعات الغربية ضد الاسلام والمسلمين.
– كما تُظهر منظومة الحكم في عدد من الدول الأوروبية الإسلام عدوًا بهدف تخويف المجتمعات الغربية، والتغطية على مشكلاتها الداخلية وإخفاقاتها الاقتصادية والاجتماعية. وأفضل نموذج هو فرنسا التي تعاني من مشكلات داخلية كثيرة، وكذلك خارجياً، منها مثلاً أنها تُطرد من أفريقيا.
– وهذه المنظومة جعلت الإسلام عدوًّا، ونظمت جرائم إطلاق نار وتفجير، واتهمت مسلمين بسطاء بها، وشوهت سمعتهم وقتلتهم لتخفي أدلتها.
مستقبل الإسلام يقلقهم
في الوقت نفسه فإن هذه الجرائم تُظهر خوف هذه النظم من الإسلام وخشيتهم من المسلمين؛ فهم يعترفون في عمقهم بأن الإسلام دين الرحمة والعدل والتسامح، وأنه قوة حقيقية موجودة وتتصاعد، وأن المستقبل للإسلام، وهذا ما يقلقهم فيلجؤون إلى ممارسة الحقد والاعتداء.
الملاحظ أن هذه الجرائم ضد المصحف تتزامن مع سقوط مريع لما يدعيه الغرب من أخلاقيات؛ فهو (الغرب) تلقى مؤخراً خسارة مدوِّية في معركة الشذوذ، ورفض الاعتراف بإنجاز دولة قطر في تنظيم مونديال عالمي، واستغرب مشاعر اللاعبين تجاه أمهاتهم، واستغرب وصول فريق مغربي للنهائيات، وشن حملة عنصرية على لاعبين أفارقة مجنسين لأنهم خسروا مباراة.
هذا هو الغرب الذي اشتغل سنوات طويلة ليعلمنا -كما يدَّعي- الحرية والتعدد وحرية التعبير.
إن جريمة إحراق المصحف يجب أن تدفعنا للمزيد من حماية الدين الإسلامي والدفاع عنه، كما يجب أن تدفعنا للمزيد من الثقة بالله، والاعتقاد بسيادة هذا الدين على العالم، وإن جرائم هؤلاء تزيدنا حبًّا للقرآن واحترامًا له والتزامًا به؛ فهو كتاب الله دستورنا الذي حمله خير البشر محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو فيه الخير والعدل والرحمة للإنسانية.