في أحدث إصداراته (مصدر القرآن، دار الربى، القاهرة، 2022م)، يقدم د. إبراهيم عوض، الأستاذ بآداب عين شمس، الكاتب الإسلامي المعروف، دراسة علمية جديدة رداً على الشبهات التي أثارها المستشرقون والمبشرون، ورددها بعض المتيّمين بالثقافة الغربية وخصوم الإسلام من بني جلتنا، والرد يدعمه المنطق والعقل، ويتكئ على المراجع الإنجليزية والفرنسية والألمانية في لغاتها الأصلية، فضلاً عن المصادر والمراجع العربية، القديمة والحديثة.
وينقسم الكتاب إلى بابين كبيرين؛ الأول: حول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ويتناول ثلاث شبهات، ما قيل عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان مخادعاً كذاباً! والثانية: وصفه أنه كان واهماً مخدوعاً! والثالثة: أنه كان مريضاً بمرض عصبي!
والباب الآخر يدور حول القرآن الكريم من خلال ثلاث نقاط؛ الأولى: مقارنة بين القرآن والأديان الأخرى، والثانية: الثقة المطلقة والعلم المحيط، والثالثة: الروح الإلهي.
وقد سجل القرآن الكريم مزاعم المشركين والمنافقين قبل أن يردد المستشرقون والمبشرون شبهاتهم وأكاذيبهم، وردّ عليهم رداً مفحماً، كما يقول مقدم الكتاب محمود القاعود، ومن ذلك قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (يونس: 38)، وقوله تعالى: (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ) (الصافات: 36)، وقوله سبحانه: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً {45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً {46} نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً {47} انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً) (الإسراء)، وقوله جل شأنه: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) (الطور: 29).
ويؤكد المؤلف أن الدراسة المدققة لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وشخصية القرآن لا بد أن تؤدي إلى الإيمان الجازم بأن ذلك الكتاب يستحيل أن يكون من نتاج عقل محمد صلى الله عليه وسلم، ومشاعره، أو أي إنسان آخر، وإنما هو وحي إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي جاء به لا يمكن إلا أن يكون نبياً ورسولاً.
إن المؤلف ينظر إلى الشخصية المحمدية والنصوص والأحداث المتعلقة بها من زاوية جديدة فتحت مغاليقها وأطلعته على أسرار عجيبة، مع أنها قلما يجهلها دارس للسيرة النبوية.
ويضيف المؤلف أنه بعد دراسته لشخصية القرآن ومحتواه؛ وجد أنه لا يمكن أن يكون قد استُقِي من أي مصدر بشري، أو اقتبس من أي ديانة أخرى، وذلك بعد مقارنته مع أديان عصره التي اتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قد أخذ عنها، وبعد تحليل ما يتلألأ على وجهه من لألاء العلم الشامل المحيط والنِّفَس الإلهي الذي لا يمكن أن تخطئه النفوس المحبة للحقيقة.