كشف تقرير عن تعرض المهاجرين المسلمين في الدنمارك للتمييز في عدة نواحٍ بالحياة، ويشير التقرير الذي جاء بعنوان «الإسلاموفوبيا في أوروبا 2021» إلى أنّ المسلمين المهاجرين والمرشحين لنيل الجنسية الدنماركية يتعرضون للتمييز في التعليم والإعلام والتوظيف، وفي إجراءات منح الجنسية.
ويفرد التقرير، الذي شارك في إعداده 35 أكاديمياً، حيزاً كبيراً لما يتعرض له مسلمو الدنمارك من تمييز، مؤكداً أنّ السياسة والقوانين في الدنمارك تشكل عوائق هيكلية أمام المسلمين في المجتمع.
ويستشهد التقرير باستطلاع للرأي أجرته مؤسسة «ميغا فون» في عام 2021، حيث تبين أنّ 42% من المجتمع الدنماركي يرون أنّ العنصرية باتت مشكلة متفشية بالبلاد، في حين أنّ 32% من الدنماركيين في عام 2020 كانوا يرون أنّ العنصرية مشكلة عامة.
تمييز بالمعاملة
ويبين التقرير أنّ القادمين من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان وتركيا يعامَلون بشكل مختلف عن القادمين من مناطق أخرى من العالم، وهذا التمييز بالمعاملة يهدف إلى وضع تصنيف بين الغربيين وغيرهم من السكان.
وقدم وزير الاندماج ماتياس تسفاي هذا التصنيف للبرلمان، وبدأ تطبيقه في عام 2021، حيث جرى إقرار تقييم منفرد لملفات المتقدمين لنيل الجنسية الدنماركية القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن غيرهم من المتقدمين.
وبدأت الحكومة الدنماركية، في يونيو 2021، بتطبيق سياسات تنظيم الهيكلية الديموغرافية في المناطق التي يزيد عدد سكانها على 30% من المهاجرين (غير الغربيين) لمنع نشوء مناطق «غيتو».
وتهدف الحكومة الدنماركية حتى عام 2030 إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمناطق التي غالبية سكانها من غير الغربيين، وسيجري تقييد منح السكن لغير المواطنين الدنماركيين ومواطني الاتحاد الأوروبي، وفق “الأناضول”.
قيود منح الجنسية
وفي مايو الماضي، بدأت الحكومة الدنماركية بتطبيق سياسات تصعّب منح جنسيتها.
واستشهد التقرير بنتائج بحثية للمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، الذي يبين أنّه في عام 2021 جرى تسجل أدنى رقم للحاصلين على جنسية البلاد منذ 40 عاماً.
ويفيد التقرير بأنّ متوسط سنوات الحصول على الجنسية الدنماركية 19 عاماً، وأنّ 35% من المسلمين الذين ولدوا وكبروا في الدنمارك لا يحملون جنسية البلاد، ما يخلق حالة عدم مساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين.
ويصف المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان عدم تسهيل منح الجنسية للذين وُلدوا وكبروا في الدنمارك بأنه «انتهاك للقوانين الدولية».
ويشير تقرير «الإسلاموفوبيا في أوروبا 2021» إلى أن المتقدمين للحصول على الجنسية الدنماركية يُصنفون على الشكل التالي: دول الشمال، الدول الغربية ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها.
وتجري الدنمارك اختباراً للمرشحين لنيل جنسيتها، من أسئلة تتعلق بالقيم الدنماركية عن حرية التعبير وحرية الأديان، يجري من خلالها تقييد منح الجنسية للمسلمين، كما أفاد التقرير ذاته.
ويشير التقرير إلى تعرض النساء المسلمات لاعتداءات جسدية ولفظية عام 2021 وتعرض أماكن عمل لمسلمين للاعتداء.
وتعرض الكثير من المهاجرين للاعتداء بسبب لون البشرة وظناً أنهم من المسلمين.
ويرى التقرير أنه يوجد خلل في القوانين الدنماركية لا يوضح الفرق بين جرائم العنصرية والكراهية؛ ما يدفع عناصر الشرطة إلى عدم الانضباط في تعاملهم وتنصلهم من المحاسبة جراء تهم جرائم الكراهية الموجهة ضدهم.
وحسب التقرير، تتبع مؤسسات التوظيف في القطاع العام، منذ عام 2015، خوارزميات لتصنيف الأشخاص المتقدمين.
ويبين أنّ الحزب الديمقراطي الاشتراك، تعرض لانتقادات بدعوى عدم الالتزام بالوعود التي قطعها في عام 2018 بتخفيض عدد الطلاب في المدارس التي غالبية طلابها من أصول غير الدول الغربية.
ويضرب التقرير مثالاً على الصورة النمطية التي يسوّق لها الإعلام للمرأة المسلمة من خلال قناة «دي آر» المحلية الدنماركية، التي استخدمت صورة لامرأة محجبة مع طفلين في إشارتها إلى النساء المهاجرات.
ويشير إلى أنّ هذا النوع من السياسات الإخبارية يروج أيضاً لأنّ المرأة المسلمة تفضل عدم العمل والبقاء في المنزل مع الأولاد والعيش على المساعدات الاجتماعية.
وفيما بعد قدمت قناة «دي آر» اعتذاراً عن الصورة التي نشرتها وأكدت ضرورة عدم نشر الصورة مجدداً.
وفي يونيو 2022، دعت المفوضية الأوروبية الحكومة الدنماركية لتناول مشاكل معاداة الإسلام والعنصرية في البلاد، مشيرة إلى تعرض الأقليات والمهاجرين في الدنمارك للعنصرية.
وأعربت المفوضية عن قلقها جراء وصف بعض الأحزاب الدنماركية للمهاجرين، وعلى رأسهم المسلمون، بـ”تهديد على الثقافة الدنماركية”، وانتقدت خطة الحكومة للتوسع الحضري والتي تنص على وضع الأجانب في أحياء منفصلة.
وأشارت إلى أن قيام الحكومة بنقل الكثير من العائلات المهاجرة من بعض الأحياء إلى أحياء أخرى قسراً أدى إلى ظلم وإجحاف بحق تلك العائلات، مضيفة أن خطابات الكراهية وهذا النوع من القرارات المضرة بالمهاجرين، تؤدي إلى تزايد الضغوطات على الأقليات والمهاجرين.
وطالبت المفوضية الحكومة الدنماركية بإعداد خطة وطنية بهدف مناهضة العنصرية ومعاداة الإسلام.
وشهدت السنوات الخمس الماضية تمرير أكثر من 100 قانون في الدنمارك لتقييد حقوق المهاجرين أو الأشخاص من أصول مهاجرة.
الجدير بالذكر أنّ تقرير «الإسلاموفوبيا في أوروبا» ينشر سنوياً منذ عام 2015 بمساهمة عدد كبير من الخبراء.