يمثل انتشار مرض السرطان في دول مجلس التعاون الخليجي أحد التحديات الصحية، التي تعمل الحكومات على مواجهتها، من خلال تكثيف جهود التوعية وتوفير الخدمات الصحية اللازمة، وتطوير البحوث الخاصة بهذا المرض.
ومع انطلاق فعاليات اليوم العالمي للسرطان، الذي يوافق 4 فبراير من كل عام، والأسبوع الخليجي للتوعية بمرض السرطان، تجدد منظمة الصحة العالمية تحذيراتها من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان، الذي يعد ثاني أكثر الأمراض غير السارية شيوعاً وتسبُّباً في الوفاة عالمياً.
وتشير الإحصائيات العالمية إلى زيادة الحالات، حيث ارتفعت حالات السرطان عالمياً من 14 مليون حالة في عام 2001 إلى 19.3 مليوناً في عام 2020، مع توقع زيادة عدد الحالات الجديدة في عام 2040 إلى 27.5 مليون حالة على مستوى العالم، بسبب تغير نمط الحياة.
السرطان في الخليج
دول مجلس التعاون الخليجي اعتادت بدورها إحياء الأسبوع الخليجي المشترك السادس للتوعية بمرض السرطان؛ سعياً منها لتسليط الضوء على هذا المرض الفتاك، ومحاولة مواجهته والتغلب عليه.
ولكونه يتوافق مع الرابع من فبراير، وفيه اليوم العالمي للسرطان الذي يحتفي فيه العالم كله بمرضى السرطان، اختير الأسبوع الأول من فبراير ليكون الأسبوع الخليجي المشترك للتوعية بمرض السرطان.
وتكثف الجهات الحكومية المختصة جهودها؛ في محاولة لخفض الإصابة بهذا المرض، لكن أسباباً عديدة تقف خلف انتشاره فيها، لا سيما سوء النظام الغذائي والسمنة، إذ تعد السعودية من بين أكثر البلدان التي تعاني شعوبها من البدانة في العالم.
أرقام كبيرة
وسجلت دول الخليج خلال العقدين الماضيين أعداداً كبيرة من مرضى السرطان، حيث كشف المدير التنفيذي للمركز الخليجي لمكافحة أمراض السرطان د. علي الزهراني، عن تسجيل 254 ألف حالة سرطان في الخليج خلال الأعوام الـ20 الماضية.
وأوضح الزهراني لصحيفة «الوطن» السعودية، في 10 فبراير 2022، أن السعودية تمثل قرابة 75% من إجمالي الإصابات في الخليج، وثلث المصابين في دول الخليج من الوافدين.
وفي آخر إحصائية رسمية معلنة بلغت الإصابات بمرض السرطان في السعودية 12 ألف حالة للسعوديين، و4 آلاف لغير السعوديين.
ويشكل سرطان الثدي أغلب الإصابات في المملكة بنسبة 16%، يليه سرطان القولون والمستقيم بـ12%، ثم سرطان الغدة الدرقية بـ8%، يليه سرطان الغدة الليمفاوية وسرطان الدم، مع قابلية للزيادة في المستقبل.
وبلغ عدد الإصابات بالسرطان في الإمارات، وفق الإحصائيات الرسمية المعلنة، 3816 حالة، كان الأكثر شيوعاً لدى الذكور سرطان القولون والمستقيم، يليه البروستاتا، ثم سرطان الدم، يليه سرطان الرئة، في حين كان لدى الإناث سرطان الثدي، يليه سرطان الغدة الدرقية والقولون، والمستقيم، وعنق الرحم، وابيضاض الدم.
أما في البحرين فتفيد الإحصاءات الرسمية بأن عدد المرضى المصابين بالسرطان بلغ 1784، وتركزت أكثر الحالات للفئة العمرية بين 50 و59 عاماً.
وفي الكويت لا توجد إحصائية رسمية معتمدة بعدد المصابين بالمرض، لكن وفقاً لصحيفة «الأنباء» المحلية، فإن معدل إصابة الرجال الكويتيين بمرض السرطان كان 183 لكل 100 ألف شخص، في حين كان معدل الإصابة لدى الإناث الكويتيات 161 من أصل 100 ألف أيضاً.
وكشفت الصحيفة الكويتية أن حالات سرطان الثدي والمستقيم والغدة الدرقية والدم والغدد الليمفاوية والرئة بلغت 59% من مجمل الحالات التي شُخِّصت.
أما في قطر فآخر إحصائيات طرحتها الدوحة تفيد بوجود 1566 حالة سرطان في البلاد، 21% منهم قطريون (بمعدل 42% من الإناث، و58% من الذكور).
ويعتبر سرطان الثدي هو الأكثر شيوعاً في قطر بمعدل 20.66% من مجمل الحالات، ويليه سرطان القولون والمستقيم بنسبة 12%، فيما وصل معدل الإصابة الخام إلى 59.8 لكل 100 ألف حالة.
وفي سلطنة عُمان كشف آخر تقرير صادر عن وزارة الصحة عن ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في السلطنة؛ إذ بلغ 1840 حالة.
وأوضحت الإحصائيات أن معدل حدوث مرض السرطان هو 103.8 لكل 100 ألف من السكان، وجاء سرطان الثدي كأكثر الأنواع شيوعاً بين الإناث، وسرطان البروستاتا بين الرجال.
21 ألف إصابة
وسبق أن توقع مركز الخليج لمراقبة السرطان ظهور 21 ألف حالة سرطان جديدة بين مواطني دول مجلس التعاون بحلول عام 2030.
وخلال المؤتمر التاسع لأمراض الأورام الذي عُقد بدبي، في أكتوبر 2017، ذكر المركز أن الإصابات المسجلة عام 1998 في دول المجلس كانت 8065 حالة، وفي عام 2009 بلغت 11 ألفاً و894 حالة.
ويأتي ارتفاع معدلات السرطان في دول الخليج متسقاً مع ارتفاع الإصابات عالمياً، إلا أن ثمة إشكالية تتعلق بمسألة التعاطي مع الإحصاءات والأرقام المتعلقة بهذا الأمر.
وقالت وزارة الصحة البحرينية، في 1 فبراير 2022: إن سرطاني القولون والمستقيم هما الأكثر انتشاراً بين الرجال بالخليج، في حين يعد سرطان الثدي هو الأكثر انتشاراً بين النساء في دول مجلس التعاون.
جهود مشتركة
وتواصل دول الخليج العربي جهودها في محاولة لخفض الإصابة بهذا المرض، ويشير الاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان إلى أن فعاليات التوعية بمرض السرطان، التي تقام في الوقت نفسه بدول مجلس التعاون الخليجي قد حققت نقلة نوعية بالتوعية على مستوى مجلس التعاون.
ويؤكد الاتحاد أن هناك دراسة جارية الآن لرصد التغيرات في قدوم مرضى السرطان، ونسبة التوعية، ودراسة مقارنة للسنوات الخمس الماضية حتى تكون هذه الدراسة أمام أصحاب القرار.
ويوضح أن أسبوع التوعية، الذي يقام كل عام من 1 حتى 7 فبراير، أسبوع رسمي أقره مجلس الصحة بدول الخليج، ويتعاون فيه كل من المركز الخليجي لمكافحة السرطان والاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان.
ويشدد على أن هناك دولاً عربية قد تقدمت بطلب للانضمام إلى هذا الأسبوع الخليجي؛ لما لاحظوا من نتائج إيجابية بالتوعية على المواطن والمقيم، بمجلس التعاون.
منظمة الصحة العالمية
وفي هذا السياق، يقول د. خالد الصالح، أمين عام الاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان: إنه لأول مرة في تاريخ الأمة العربية المعاصر تجتمع دول على برنامج صحي توعوي شعبي يعكس مدى تقدم هذه الدول ورغبتها الصادقة في التنمية، وعلى رأسها التنمية الصحية.
وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية أثنت على التكاتف بين القطاعين الأهلي والحكومي لمكافحة السرطان، وذلك في أكثر من مناسبة، وشددت على أهميته حتى تكون دول الخليج نموذجاً يحتذى به في منطقة الإقليم حول أهمية التكاتف من أجل الصحة العامة.
جهود جمعية الإصلاح الاجتماعي
هذا، وقد كشفت جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت عن إنجازات نماء في المشروعات الصحية ومنها وحدة زراعة الخلايا الجذعية بمستشفى البنك الوطني.
وبينت الجمعية أن نماء الخيرية وضعت المشروعات الصحية على رأس أولوياتها وذلك بسبب ارتفاع تكاليف العلاج لبعض الأمراض الصعبة ووجود مرضى عاجزين عن تحمل قيمة العلاج والدواء.
وأوضحت أن المشروعات الصحية التي تطلقها نماء تسعى من خلالها إلى بث الأمل في نفوس المرضى غير القادرين على تحمل نفقات العلاج، لتساهم في تحقيق التكافل الاجتماعي للمرضى وإزالة العوائق الاجتماعية والنفسية والمادية التي تواجه المريض، ليبدأ رحلة العلاج لتحقيق الشفاء، خاصة وأن بعض المرضى لا يتمكنون من الحصول على العلاج لأنها تكلّف مبالغ كبيرة.
وبينت الجمعية أن نماء الخيرية تسعى إلى تحقيق الأمن الاجتماعي والأمن الصحي والأمن المعيشي، فهي تهدف إلى تخفيف من معاناة مرضى السرطان خاصة أن بعضهم لا يتمكنون من الحصول على جميع جرعاتهم العلاجية بشكل منتظم لأنها تكلف مبالغ كبيرة حيث تصل قيمة الجرعة الواحدة إلى حوالي 1850 ديناراً ولا يستطيعون الحصول عليها، مما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية.
وأكدت الجمعية أنها وضعت ضمن إستراتيجيتها الخيرية ضرورة التعاون والشراكة مع الجهات الخيرية، وذلك بهدف تطوير العمل الخيري وتفعيل آلية تعامله سواء كان مع المؤسسات والجهات الرسمية أو مع جميع أفراد المجتمع أو مع المبرات الخيرية.