عَبَقُ التُّرابِ عَلَى القَدَاسَةِ شَاهِدُ وَعَلَى الثَّرَى هَذا النَّبِيُّ السّاجِدُ
وَبِكُلِّ شِبْرٍ آيَةٌ قَدْ رُتِّلَتْ وَبِكِلِّ زَاوِيَةٍ تَقِيٌّ عَابِدُ
تِلْكَ الدِّيارُ مِنَ الإِلَهِ تَضَوَّعَتْ مِسْكًا، وَفَاحَتْ بِالعَبِيْرِ مَساجِدُ
وَطَنٌ هُوَ الدُّرُّ النَّظِيْمُ إِذَا بَدَتْ كُلُّ الدِّيارِ كَأَنَّهُنَّ قَلائِدُ
وَمُرَابِطُونَ عَلَى ثَرَاهُ تَجَمَّعُوا وَعَلَى الفِدَاءِ لِطُهْرِهِ قَدْ عَاهَدُوا
هُوَ ذَا الرِّباطُ فَلا تُضَيِّعْ أَجْرَهُ إِنْ شَوَّقَتْكَ إِلى الجِنانِ مَوَاجِدُ
فَالعَاشِقُونَ عَلَى ثَرَاهُ تَساقَطُوا وَالصَّالِحُونَ إِلى رُباهُ تَوَافَدُوا
لَيْسَ الّذِي يَقْضِي الهَزِيْعَ مُرابِطًا مِثْلَ الّذي يَقْضِيْهِ وَهْوَ الرَّاقِدُ
فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ فِي المَماتِ حَياتَها إِنّ الّذي يَقْضِي الحَياةَ لَوَاحِدُ
أَجْرُ الشَّهادَةِ فِي الرِّباطِ، وَمَنْ يَمُتْ رَهْنَ الرِّباطِ فَإِنّما هُوَ خَالِدُ
وَالنَّاظِرُونَ صَلاتَهُمْ، مِنْ بَعْدِها تَأْتِي الصَّلاةُ، وَفِي المَسَاجِدِ جَالَدُوا
والحَافِظُونَ أُجورَهم لا تَنْتَهِي بِالمَوْتِ، فَالأَجْرُ العَمِيْمُ مَوارِدُ
فَاعْرِفْ مِنَ المَوْلَى الأُجورَ وَوَزْنَهَا: مَنْ رَابَطُوا يَوْمًا كَمَنْ هُمْ جَاهَدُوا
وَاللهُ يُثْبِتُ ثُمَّ يَمْحُو فَارْتَقِبْ يَوْمًا بِهِ تَمْحُو الذُّنوبَ شَدائِدُ
وَاصْبِرْ عَلَى أَجْرِ الرِّباطِ، فَلَمْ تَزَلْ فِيهِ إِلى يَوْمِ المَعادِ فَوَائِدُ
يَوْمٍ بِهِ كُلُّ الخَلائِقِ تَشْتَهِي ألاّ تَعُودَ كَمَا يَعُودُ الفَاقِدُ
إِنَّ الّذينَ عَلَى الشَّدائِدِ صَابَرُوا وَتَصَابَرُوا، وَعَلَى الرِّباطِ تَعَاضَدُوا
قَدْ أَفْلَحُوا، وَسُقُوا الرِّضا مِنْ رَبِّهِمْ وَمَضَوْا وَقَدْ مَلأَ الكِتابَ مَحامِدُ
الزَّاهِدُونَ بِكُلِّ شَيْءٍ فِي الدُّنا لَكِنَّهُمْ بِأُجُورِهِمْ مَا زَاهَدُوا