أصدرت الدائرة الجناحية في قضايا الإرهاب لدى محكمة تونس الابتدائية حكماً بالسجن لمدة عام، وبخطية مالية قدرها ألف دينار، في حق الشيخ راشد الغنوشي، رئيس مجلس نواب الشعب المنتخب رئيس حركة النهضة؛ بسبب كلمة تأبين ألقاها بمدينة قابس ثمَّن خلالها مناقب عضو بحركة النهضة قائلاً: إنه قضى حياته في مقاومة الطاغوت، وقد اعتبر أحد أعضاء النقابات الأمنية أن الأمنيين هم المقصودون بـ«الطاغوت».
ويذكر أن الشيخ راشد الغنوشي سبق أن مثل أمام قاضي التحقيق للرد على هذه التهمة الكيدية، ولكنه رفض المثول أمام الدائرة الجناحية، معتبراً أن القضية ملفقة ولا سند لها في الواقع والقانون.
إن إيداع أحد أبرز الشخصيات السياسية السجن بسبب تصريحات يقع تأويلها على خلاف منطوقها ومدلولها يثبت من جهة أن السلطة لم تستطع إثبات أي أعمال مادية مجرمة في حق رئيس حركة النهضة وعموم السياسيين الموقوفين، وتقوم دليلاً إضافياً من جهة أخرى على أن الاعتباط حل محل القانون في الحياة العامة، وأن لا أحد من المعارضين مهما كان موقعه أو انتماؤه في مأمن من مصادرة حريته والزج به في السجن.
ويضاف الحكم الصادر هذا اليوم (الإثنين) إلى إيداع أكثر من عشرين شخصية سياسية بالسجن للشهر الثالث على التوالي دون حجة أو تبرير سوى كيل التهم جزافاً والانحراف بالسلطة والقانون.
وفي سياق هذه التبعات الجائرة، يندرج إيقاف النائب الصحبي عتيق هذا الأسبوع، والناشط السياسي يوسف النوري اللذين أعلنا إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ تاريخ إيقافهما وحتى الإفراج وكف الضيم عنهما.
إن سياسة القمع هذه نتيجة مباشرة للانقلاب على الدستور والانفراد بالحكم المطلق، وهي ملاذ السلطة في وجه إخفاقها في إدارة الشأن الاقتصادي وفشلها في معالجة الأزمة المالية والاجتماعية الخانقة التي تجتازها البلاد.
إن سياسة القمع لا تفرق بين المعارضين والمخالفين في الرأي، سواء كانوا سياسيين أو نقابيين أو إعلاميين أو قضاة أو محامين أو مدونين، وهي سياسة تدفع بالبلاد إلى عدم الاستقرار وخطر الانهيار، وإن واجب القوى السياسية والمدنية جمع كلمتها من خلال حوار وطني جامع لرسم خارطة طريق للخروج من الأزمة وإعلاء سلطة القانون وتجديد المؤسسات الدستورية من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.
تونس في 15 مايو 2023
عن جبهة الخلاص الوطني
أحمد نجيب الشابي