- ما حكم الإسلام فيما تقوم به مصر الآن من بناء جدار فولاذي على الحدود مع غزة (فلسطين)؟
– إن بناء الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر هذه الأيام على الحدود بينها وبين غزة عمل محرم شرعاً؛ لأن المقصود به سد كل المنافذ على غزة للزيادة في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم؛ حتى يركعوا ويستسلموا لما تريده “إسرائيل”.
حين أذيع هذا الخبر أول الأمر أنكرت أن يكون صحيحاً، وقلت: هذا خبر يراد به الوقيعة بين مصر وأهل فلسطين، وأنكرت مصر في أول الأمر ذلك، ثم فجعنا –ولا حول ولا قوة إلا بالله– بأن الخبر صحيح.
صحيح أن مصر حرة لها حق السيادة على بلدها، ولكنها ليست حرة في المساعدة على قتل قومها وإخوانها وجيرانها من الفلسطينيين، لا يجوز لها هذا عربياً بحكم القومية العربية، ولا يجوز لها هذا إسلامياً بمقتضى الأخوة الإسلامية، ولا يجوز لها هذا إنسانياً بموجب الأخوة الإنسانية.
إن القرآن الكريم يقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10)، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله”، معنى لا يسلمه؛ أي: لا يتخلى عنه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”، ولم يقل: حاصر أخاك، جوّع أخاك، اضغط على أخيك لحساب عدوك.
إن واجباً على مصر أن تفتح معبر رفح لأهل غزة، فهو الرئة التي يتنفسون منها، هذا واجب عليها شرعاً، وواجب عليها قانوناً، لا أن تخنق أهل غزة وتشارك في قتلهم.
وإنما لجأ أهل غزة إلى هذه الأنفاق ليستطيعوا منها أن يجدوا بعض البديل عن المعبر المغلق في معظم الأيام، حتى أمام قوافل الإغاثة، فإذا منعوا من هذه الأنفاق، فمعنى هذا أن مصر تقول لهم: موتوا، ولتحيا “إسرائيل”.
إني لم أقابل مصرياً حراً إلا وهو ساخط على الجدار الحديدي، وما قابلت عربياً ولا مسلماً ولا إنساناً شريفاً في شرق أو غرب إلا ينكر إقامة هذا الجدار الذي لا نظير له إلا جدار “إسرائيل” العازل.
إن “إسرائيل” تقيم جداراً عازلاً لخنق الفلسطينيين، ومصر تقيم جداراً آخر، هو في النهاية يصب في صالح “الإسرائيليين”!
أرجو من كل أصدقاء مصر أن يضغطوا عليها لتتراجع عن هذه الجريمة التي لا مبرر لها، وأرجو من الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن يتدخلوا لوقف هذه المأساة.
كما أرجو من مصر التي خاضت حروباً أربع من أجل فلسطين، ألا تقوم بعمل هو ضد الفلسطينيين مائة في المائة، وهو لحساب “الإسرائيليين”، المتربصين مائة في المائة، وأن تتقي الله في إخوانها المظلومين المحاصَرين، ولتخش من حرارة دعوات المظلومين المنكوبين، فإن دعوتهم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: “وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين”.
وإنا لنستعين على كل ظالم وجبار بسهام القدر، ودعاء السحر، وكل أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره.
ربنا إننا مغلوبون فانتصر، مظلومون فانتقم، متضرعون فاستجب، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث.
العدد (1885)، ص46-47 – 1 صفر 1431ه – 16/1/2010م