د. محمد عبدالله فرح
لا شك أن المؤمن قلق على مستقبل هذا الدين، ولكن الله حسم هذا الأمر في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105).
المسلمون قادمون وبكل ثقة، نرددها إلى كل العالم ونرددها لأبنائنا كذلك.
أخبروا أبناءكم وأحفادكم والعالم كله أننا قادمون؛ بنص القرآن في قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55).
أخبروا أبناءكم وأحفادكم والعالم كله أننا قادمون؛ بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت..» (صححه الألباني).
أخبروا أبناءكم وأحفادكم والعالم كله أننا قادمون؛ من خلال قراءة التاريخ الذي يقول لنا: ليس الضعيف يظل ضعيفاً ولا القوي يظل قوياً، إنما هي سُنة التداول، وقال الله تعالى في ذلك: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 140).
وفي التاريخ آخر حكم الأمويين ضعفت الأمة حتى فطن لهذا الأمر نصر بن سيار آخر ولاة الأمويين على خراسان، وكان والياً محنكاً حازماً؛ فاستشعر بوادر الانفجار ونذر الخطر وكتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة، والي العراق في تلك الأيام، يعلمه في أبيات من نظمه ما شاع بخراسان من الاضطراب في العامين الماضيين، ويحذره من خطورة الوضع، ويصارحه أنه إذا استمر في التدهور ولم يعالج معالجة حازمة، فإنه سيؤدي لا محالة إلى عاقبة وخيمة وكارثة عظيمة وقال:
ويوشك أن يكون له ضرام أرى تحت الرماد وميض جمر
وإن الحرب مبدؤها كلام فإن النار بالعودين تُذكى
يكون وقودها جثث وهام فإن لم يطفها عقلاء قوم
أأيقاظ أمية أم نيام فقلت من التعجب ليت شعري
وكانت النهاية، التي توقعها نصر بن سيار سقوط بني أمية.
تقدم بنو العباس لتقام دولة العباسيين، وهكذا يستلم الراية بعدهم المماليك، وهكذا يستلم الراية بعدهم العثمانيون، وكل منهم تعتريه سُنة الله سنة التداول، من بعد قوة ضعفاً.
أخبروا أبناءكم وأحفادكم والعالم كله أننا قادمون؛ من نص أقوال أعداء الإسلام:
1- المستشرق البريطاني هاملتون غيب (توفي عام 1971م وقد ولد في الإسكندرية)، من مؤلفاته «إلى أين يسير الإسلام؟»، «المجتمع الإسلامي والغرب»، يقول: إن الحركات الإسلامية تفاجئنا بسرعة بروزها وظهورها، ولعله لا ينقص المسلمين الآن غير صلاح الدين جديد يجمع شملهم.
2- المستشرق الألماني باول شمتز، وقد عاش في القاهرة ربع قرن أثناء فترة الاستعمار، استطاع أن يرصد السر الكامن في ثبات المسلمين، وقوتهم في ممارسة الدور الإيجابي على مسرح السياسة العالمية، يقول: علينا أن نسبر (ندرس بتمعن) غور المسلمين وحكمهم وخاصة أنهم حكموا يوماً ما، وأن الشعلة التي أشعلها محمد صلى الله عليه وسلم يبدو أنها لا تنطفئ.
3- الصحفي الأمريكي جو شيوا أرسل رسالة، في عام 2010م، إلى رئيس أمريكا آنذاك أوباما، قائلاً له: أنصحك ألا تثير حرب مع الإسلام، وأبقِ على الحدود الآن؛ لأن دولة الخلافة الخامسة قادمة، يقصد أن الأولى الخلفاء الراشدون، والثانية الأمويون، والثالثة العباسيون، والرابعة العثمانيون.
4- البروفيسور في سيفر، من أصول أمريكية، أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة بيردو إنديانابوليس بأمريكا، يقول: أرسلت رسالة في عام 2007م إلى شمعون بيريز، فلم يرد عليَّ، وأرسلتها له مرة ثانية في عام 2011م كذلك لم يرد عليَّ، فقمت بنشرها في الإعلام عام 2017م، قال فيها: أنصحكم ألا تستمروا في عدائكم للإسلام، وأقول لكم: لا تتفاوضوا إلا مع قادة المستقبل؛ وهم الإسلاميون، ويبرر قوله فيقول: لعلكم تحصلون منهم على وعد أن تجعلوا لليهود قطعة أرض يكون لكم فيها حكم ذاتي في الدولة الإسلامية القادمة.
5- د. نبيل خليفة، وهو مفكر ماروني ومحاضر في جامعات لبنان، يقول في محاضراته المشهورة علي «يوتيوب»: إن هذا القرن الحادي والعشرين قرن الإسلام بامتياز، ولا دين عنده قابليه للحكم وللانتشار إلاً الإسلام.
وبعد، هل نحن مستعدون لحمل الأمانة التي لها تبعاتها وتكليفها، فإن العالم كله ينتظرنا، وينتظر مشروعنا الإسلامي الذي فيه حل لكل مشكلات الحياة.
أجل، دعوتنا إسلامية، بكل ما تحتمل الكلمة من معنى، فافهم فيها ما شئت بعد ذلك، وأنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله وسُنة رسوله وسيرة السلف الصالحين من المسلمين، فأما كتاب الله فهو أساس الإسلام ودعامته، وأما سُنة نبيه فهي مبينة الكتاب وشارحته، وأما السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذو أوامره والآخذون بتعاليمه وهم المُثل العملية والصورة الماثلة لهذه الأوامر والتعاليم.