ربما يعجز قلمي عن التعبير عن مأساتكم ومأساة ما حل بأهلنا الأعزاء الكرام الأبطال في كافة أنحاء قطاع غزة العزة الصامد المرابط.
أعلم أن مصابكم الجلل قد أصاب عشرات الآلاف من الأسر المكلومة في القطاع، لكن ما يميز مصابكم أنه جسّد المأساة بالصوت والصورة.
إن ما حل بكم وبغيركم كشف لنا عدة نقاط، منها:
– مدى همجية اليهود الغاصبين الذين لا يرقبون في غزّي إلاً ولا ذمة، فهم قتلة الأنبياء.
– ينظرون لأهلنا في القطاع على أنهم مجرد قطيع من الحيوانات لا قيمة لهم ولا وزن، هذا معتقدهم التوراتي فضلاً عن تصريحات قادتهم المجرمين.
– لا حرمة لكائن حي في القطاع، ولا مكان آمناً، فكل ما في القطاع يعد هدفاً مشروعاً لجرائمهم وبمباركة أمريكية غربية صليبية حاقدة وبتأييد منقطع النظير من قبل أنظمة عربية مطبعة.
– إن صبرك ورباطة جأشك وكلمتك العظيمة التي حملت معاني عظيمة «معلش» بعد معاينتك لمحنتك التي حلت بأسرتكم الشهيدة بإذن الله، جسدت لنا كل معاني الصبر والاحتساب عند الله، والمضي في جهادك الإعلامي بنقل جرائم اليهود بالصوت والصورة، واستمرارك الدؤوب في عملك البطولي المحفوف بالأخطار في كل محطة من محطات عملك.
نعم، إنها معركة الإعلام التي يريد الصهاينة المجرمون طمسها.
– إنك وجهت رسالة للعدو الغاشم أنهم مهما أوغلوا في دماء أهلنا في القطاع وقاموا بقتل المدنيين والأطفال وتدمير البيوت ودور العبادة والمستشفيات وقطع كافة سبل الحياة عن أهلنا من ماء وكهرباء ودواء ووقود وقطع لشبكة الإنترنت.. إلخ، فلن يفت في عضد المقاومة وحاضنتها الشعبية، ولن يفت في عضد العاملين من أطباء ورجال إسعاف وممرضين وإعلاميين أمثالكم، وسيبقى الغزّي شوكة في نحورهم صامداً صابراً محتسباً شامخاً لا يخشى إلا الله.
سيبقى الغزّي مبايعاً لله لإحدى الحسنيين؛ إما النصر وإما الشهادة.
– لقد كشفت لنا يا بطل عن مدى عجزنا، فوالله إن الواحد منا ليفقد أعصابه ويعتريه الغضب والانفعال لمصاب صغير ألمّ به أو بأهله، رغم عقيدتنا وإيماننا الراسخ بقضاء الله وقدره.
وقد يأخذ أحدنا إجازة طويلة لمصاب صغير ألمّ به أو بأهله، بينما أنت عدت لمواصلة عملك وبكل احتراف واقتدار بعد أقل من مضي 24 ساعة من مصابك الجلل، عدت لتواصل العمل وسط معركة خطيرة محفوفة بالأخطار دون خوف أو وجل.
نعم، قد علمتنا معنى الصبر والثبات ورباطة الجأش بصورة عملية، فيالك من رجل في زمن قلَّ فيه الرجال!
في الختام، أسأل الله العلي القدير أن يجيركم في مصابكم، وأن يرزقكم أجر الصابرين أنت وكل غزّي، وأن يتحقق وعده سبحانه لكم جميعاً: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر: 10).
وإن شاء الله النصر آت بإذنه سبحانه.
وسيهزم الجمع ويولون الدبر، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.