يُوَصِّمُ البعض -خاصة أمريكا وأوروبا- حركة المقاومة الإسلامية حماس بالإرهاب، ويدَّعون أنها تقتل النساء وتقطع رؤوس الأطفال!
ولكي نقف على بطلان هذه الشبهة لا بد لنا أن نقف مع تعريف مصطلح «الإرهاب».
تعريف الإرهاب
ينبغي لنا أولاً كما هو منهج الدراسات العلمية المتزنة أن نحرر مصطلح الإرهاب؛ لنرى هل ينطبق هذا المصطلح على حركة «حماس» أم لا!
لا يقدِّم القانون الدولي تعريفًا واضحًا لمصطلح الإرهاب، ويبقى تعريف الإرهاب محملًا بدلالات سياسية وأيديولوجية، إذ يمكن لشخص أن يُعتبر إرهابيًا من قبل البعض ومقاتلًا في سبيل الحرية في نظر البعض الآخر، وعلى الرغم من محاولات الأمم المتحدة، لم تتفق الدول بعد على تعريف موحد للإرهاب!
تُعرِّف الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، الموقعة في 9 ديسمبر 1999م، الإرهاب في مادتها (2-1 ب) بأنه «أي عمل يهدف إلى التسبب في موت شخص مدني أو أي شخص آخر أو إصابته بجروح بدنية جسيمة عندما يكون هذا الشخص غير مشترك في أعمال عدائية في حالة نشوب نزاع مسلح وعندما يكون غرض هذا العمل بحكم طبيعته أو في سياقه موجهًا لترويع السكان أو لإرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به».
وأوضح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في قراره (1566)، الصادر في أكتوبر 2004م، هذا التعريف إذ نص على أن الأعمال الإرهابية هي «الأعمال الإجرامية بما في ذلك تلك التي ترتكب ضد المدنيين بقصد القتل أو إلحاق إصابات جسمانية خطيرة أو أخذ الرهائن بغرض إشاعة حالة من الرعب بين عامة الجمهور أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين أو لتخويف جماعة من السكان أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو عدم القيام به».
أما الاتحاد الأوروبي فعرَّف الإرهاب: بأنه الجرائم التي بموجب القانون الوطني وبالنظر إلى طبيعتها وسياقها قد تلحق ضررًا خطيرًا ببلد أو منظمة دولية وترتكب بهدف ترويع السكان بشكل خطير؛ أو إجبار حكومة أو منظمة دولية بدون داع على أن تنفِّذ أو تمتنع عن تنفيذ أي عمل؛ أو الزعزعة بشكل خطير أو التدمير للهياكل الأساسية السياسية، أو الدستورية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية لبلد ما أو منظمة دولية.
وتعتبر الجرائم التالية جرائم إرهابية:
– اعتداء على حياة شخص قد يفضي إلى وفاته.
– اعتداء على السلامة البدنية لشخص ما.
– الخطف أو احتجاز الرهائن.
– إحداث دمار واسع لمنشأة حكومية، أو عامة، أو شبكة النقل، أو مرفق بنية تحتية، ومن ذلك شبكة المعلومات، أو منصة ثابتة على الجرف القاري، أو مكان عام أو ملكية خاصة من المحتمل أن يعرض للخطر حياة الإنسان أو يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة.
– خطف طائرات أو سفن أو وسائل أخرى للنقل العام أو السلع.
– التصنيع، أو الحيازة، أو الشراء، أو النقل، أو التوريد، أو الاستخدام لأسلحة، أو متفجرات، أو أسلحة نووية، أو بيولوجية، أو كيماوية وكذلك البحوث في الأسلحة البيولوجية والكيماوية وتطويرها.
– إطلاق مواد خطرة أو التسبُّب في حرائق أو فيضانات أو انفجارات تؤدي آثارها إلى تعريض حياة البشر للخطر.
– عرقلة، أو تعطيل إمدادات المياه، أو الطاقة، أو أي مورد طبيعي أساسي آخر بما يؤدي إلى تعريض حياة البشر للخطر.
وبنظرة سريعة لهذه الجرائم التي حددها المشرعون نجد أنها تنطبق على الكيان الصهيوني لا على حركة «حماس»، فـ«حماس» لم ترتكب أي جريمة من هذه الجرائم خارج أرضها، ولم تتسبب في أي ضرر لأي دولة من الدول؛ ولكنها تدافع عن وطنها وتريد تحريره من المحتل الذي استباح لنفسه كل الجرائم اللاإنسانية.
الأمم المتحدة تؤيد حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم
بتاريخ: 22/ 11/ 1974م، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة خاصة بالقضية الفلسطينية جاء فيها:
إن الجمعية العامة، وقد نظرت في قضية فلسطين، وقد استمعت إلى بيان منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة شعب فلسطين، وقد استمعت أيضاً إلى بيانات أخرى ألقيت خلال المناقشة، وإذ يقلقها عميق القلق أنه لم يتم، حتى الآن، التوصل إلى حل عادل لمشكلة فلسطين، وإذ تعترف بأن مشكلة فلسطين لا تزال تعرّض السلم والأمن الدوليين للخطر، واعترافاً منها بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وإذ تُعرب عن بالغ قلقها لكون الشعب الفلسطيني قد منع من التمتع بحقوقه، غير القابلة للتصرف، لا سيما حقه في تقرير مصيره، وإذ تسترشد بمقاصد الميثاق ومبادئه، وإذ تشير إلى قراراتها المتصلة بالموضوع، التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
1- تؤكد من جديد حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين، غير القابلة للتصرف، وخصوصاً:
أ- الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.
ب- الحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين.
2- وتؤكد من جديد أيضاً حق الفلسطينيين، غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شُرّدوا منها واقتُلعوا منها، وتطالب بإعادتهم.
3- وتشدّد على أن الاحترام الكُلّي لحقوق الشعب الفلسطيني هذه، غير القابلة للتصرف، وإحقاق هذه الحقوق، أمران لا غنى عنهما لحل قضية فلسطين.
4- وتعترف بأن الشعب الفلسطيني طرف رئيس في إقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط.
5- وتعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
6- وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق.
7- وتطلب إلى الأمين العام أن يقيم اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية في كل الشؤون المتعلقة بقضية فلسطين.
8- وتطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى الجمعية العامة، في دورتها الثلاثين، تقريراً عن تنفيذ هذا القرار.
9- وتقرر أن يدرج البند المعنون «قضية فلسطين» في جدول الأعمال الموقت لدورتها الثلاثين.
ازدواج المعايير عند أمريكا والغرب
عقب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، توالت تصريحات الغرب وأمريكا التي تؤكد حق الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم، وأنه حق يكفله القانون الدولي، بل صدرت دعوات لإرسال مقاتلين متطوعين للدفاع عن أوكرانيا، ولم يوصف ذلك بأنه إرهاب كما توصف به عمليات المقاومة في فلسطين وفي مناطق الاحتلال الأخرى.
قالت مجلة «فورين بوليسي»: إن المشكلة الأكثر ضرراً بالنسبة لأوكرانيا هي اتهامات النفاق التي يوجهها المراقبون وصناع السياسات من مختلف أنحاء العالم إلى الغرب، حيث رأى الكثيرون حول العالم منذ فترة طويلة معايير مزدوجة في الغرب، يدين الاحتلال غير القانوني في أوكرانيا بينما يقف بقوة خلف «إسرائيل»، التي احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1967م وتحتفظ بالمستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي خطوات تعتبر غير قانونية من قبل معظم المجتمع الدولي، وتفرض «إسرائيل» حصارًا بريًا وجويًا وبحريًا على قطاع غزة منذ عام 2007م.
وبينما سارعت الحكومات الغربية إلى إدانة روسيا لانتهاكها القانون الدولي عندما شنت غزواً واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير 2022م، بينما تردد الغرب والأمريكان في إدانة «إسرائيل» سواء بسبب احتلالها الدائم أو بسبب استمرارها في قتل آلاف المدنيين من النساء والأطفال في غزة.
وقد نددت العواصم الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بهجوم المقاومة المباغت وشددت على حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها، ولكنهم اختاروا حتى الآن عدم ممارسة أي ضغط على «إسرائيل» لحملها على تبنى وقف إطلاق النار حتى مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين بسبب القصف «الإسرائيلي» وتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة.
«حماس» حركة تحررية
إننا نؤكد بأن حركة «حماس» ليست منظمة إرهابية، بل هي حركة تحررية لأرضها ومقدساتها وشعبها، ومن حقها أن تدافع عن شعبها وأرضها بكل الوسائل الممكنة كما قررت ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة.