تمثل الدراسات المستقبلية فارقاً كبيراً بين فكرة وفكرة، وبين هيئة وهيئة، وبين نظام وآخر، حيث إنها أسلوب علمي يتيح القدرة على قراءة الماضي والحاضر وتحليلهما ليعطي خيارات واحتمالات للسير على هداها مستقبلاً في قضية ما أو عدة قضايا، وذلك في مدة زمنية محددة.
وترجع الدراسات المستقبلية لمنتصف القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية، ليس من خلال هيئات حكومية فقط، بل من خلال مؤسسات بحثية تسميها «دبابات الفكر»، كما استحوذت على معظمها في العالم حسب دراسة ماك غين عن هذه المراكز حتى عام 2007م عن وجود ما يقرب من 5080 مركزاً بحثياً لاستشراف المستقبل، منها 1776 في أمريكا وحدها، ولم تحظ أي من الدول العربية في تلك الدراسة بأي مركز، بينما نجد فرنسا التي ما فتئت تطور مدرستها في الاستشراف بمناهجها وأدواتها البحثية وبرامجها المعلوماتية(1).
وتحليل الواقع وقراءته بشكل جيد ينبثق منه استنتاجات بنسب متفاوتة في المستقبل القريب، يمكن من خلالها اتخاذ قرارات مستقبلية بناء على معطيات منطقية واقعية.
وكل خطة مستقبلية لا تنبني على قراءة تحليلية للواقع خطة منقوصة، أو تخرج عن مسمى الخطة، وكل هيئة أو مؤسسة لا تقوم بالتخطيط الجيد لتحقيق أهدافها العامة والمرحلية فهي كالسفينة في مهب ريح عاتية بغير ربان مدرك لحقيقة ما يدور حوله.
ومن اللافتات الشائكة التي تحتاج لقراءة موضوعية للواقع واستنتاجات علمية واضحة لمواجهة آثارها في المستقبل القريب والبعيد ووضع حلول مسبقة لها، مشكلة التعدد، وحل مشكلات مثل العنوسة، والحاجة لرفع نسب الإنجاب لتعويض نسب الفقد في الحروب التي تهدد المنطقة، ويبدو أنها في طريقها إلى المزيد من الاشتعال.
وهناك مشكلات أخرى تحتم فتح ملف التعدد ووضع حلول فقهية تواكب مشكلات العصر ومستحدثاته، مثل مشكلات السفر التي تجبر الملايين من الشباب والرجال على الهجرة وترك أوطانهم للبحث عن الأمان ولقمة العيش، هناك أيضاً المشكلات الناجمة عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي اجتماعياً وأخلاقياً، والاختلاط في المدارس والمؤسسات، فهناك إذن العديد من الأسباب التي تحتم فتح هذا الملف، نذكر أهم 10 أسباب منها لمواجهة تداعيات لا قبل للأمة بها إذا تركت بغير حلول:
أولاً: زيادة نسبة العنوسة بين الفتيات:
تعاني الكثير من الدول العربية خاصة الخليجية منها من زيادة نسبة العنوسة، ثم ارتفاع معدلات الطلاق بشكل مخيف، ففي الوقت الذي تحتل فيه الكويت المركز الأول في نسب الطلاق، نجد أن لبنان يحتل المرتبة الأولى في نسبة العنوسة بنسبة 85%، تليه الإمارات فسورية والعراق ثم تونس، بينما تبلغ نسبة العنوسة في المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية 42%، وفي مصر والمغرب فتصل إلى 40%(2).
ثانياً: سفر الأزواج لسنوات متتالية:
صار سفر الشباب والرجال والتماسهم الهجرة بحثاً عن الرزق ومآرب أخرى كخيار مر للبحث عن لقمة عيش أو القدرة على فتح بيت؛ صار ظاهرة اجتماعية عربية؛ إذ كشف تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، على سبيل المثال، والمنشور بمجلة «السكان»، أن إجمالي أعداد المصريين في الخارج ارتفع بمقدار 5 ملايين، فقد سجل في عام 2021م قرابة 11 مليوناً و180 ألف نسمة، مقابل 6 ملايين و11 ألف نسمة في عام 2013م، كما أشار التقرير إلى أن عدد المهاجرين للولايات المتحدة وحدها بلغ مليونين و174 ألف نسمة(3).
وبناء على تلك الأرقام في بلد عربي واحد، وفي ظل عدم قدرة هؤلاء على اصطحاب زوجاتهم وأبنائهم، فإنه يتحتم على عدد كبير منهم الزواج في بلاد مهجرهم خاصة في حال اضطرارهم للغياب، وذلك للحفاظ على قيم العفاف والالتزام الأخلاقي وعدم السقوط في كبائر.
وهنا أيضاً تظهر إشكالية أخرى وهي أن حل مشكلة غربة الزوج وحده بدون زوجته قد تصنع مصيبة أكبر، وهي ترك الزوجة وحيدة بغير زوج تعاني الحرمان، أو أن تصنع لنفسها عالماً خاصاً في الخفاء في علاقات مشبوهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتحول فيها الزوج مجرد مصدر للإنفاق ويعيشان في جزر منعزلة تبغض عودته ويعتاد غيابها.
إن الحلول الفردية ربما تكون غير كافية بقدر ما تحتاج الأمة لحلول سياسية تقوم عليها الدول لتوفير فرص عمل ملائمة تكفي لحياة كريمة للرجل ليستطيع إعالة بيته ويحل مشكلة بيت آخر، أو إيجاد حلول للمغتربين بأعدادهم الهائلة لاصطحاب عائلاتهم، إلا أن يكون هناك عدم رغبة في مصاحبة الزوجة وهنا يباح لها التعدد بغربته.
ثالثاً: رفض الزوجة أو عدم قدرتها على الإنجاب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشافعي عن ابن عمر: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم»، وفي رواية: «تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة»، وترفض الكثير من الزوجات إنجاب أكثر من طفلين أو طفل واحد، ومنهن من تخشى على جمالها وصحتها فتعرض عن كثرة الإنجاب، بينما يكون الزوج في حاجة غريزية لكثرة النسل، وقد تكون عاقراً لا تنجب، وفي كل هذه الحالات أباح الله الزواج الثاني والثالث والرابع، شرط أن يعدل بينهن ويحفظ لكل واحدة حقوقها فلا يميل كل الميل ويذرها كالمعلقة، وبهذا فإن الشرع يحافظ على مستقبل الزوجة الأولى ويكرمها بأن تظل في كنف زوجها ورعايته بحقوق كاملة رغم عدم قدرتها تلك.
رابعاً: الأرامل والمطلقات والإنفاق والرعاية:
في تقرير لهيئة الإحصاء عام 2023م، بلغ عدد النساء المطلقات في السعودية 350 ألف سيدة(4)، وفي الكويت بلغت نسب الطلاق 51.8%(5)، وقد مرت بنا نسب الطلاق في باقي الدول العربية وهي أرقام مخيفة تجبر المجتمع على التعدد رحمة بهذا الرقم غير المسبوق في بلادنا العربية، والمطلقة أو الأرملة تحمل مشكلات تفشل غالباً في حملها منفردة من تربية وإنفاق ومسؤولية، هذا غير نظرة المجتمعات العربية للمرأة الوحيدة، فهي عبء اجتماعي كبير تتخلى عنه الأنظمة ومعظم الأسر التي تنوء بحملها، فضلاً عن تحمل نفقات ورعاية ابنة مطلقة بأبنائها في ذلك الزمن الصعب.
إن كثيراً من الآباء والإخوة قد تركوا بناتهن عرضة لنهش لحومهن بساحات العمل، ومنهم من طرد أخته من رعايته من أجل أبنائه وعجزاً عن تحمل مسؤوليتها؛ فتخرج لسوق العمل وتقدم الكثير من التنازلات من أجل لقمة عيش لها ولصغارها، وقد اضطرت كثير من العفيفات لقبول أعمال مشينة أو قبول أعمال عند من أهانهن وتطاول عليهن لضيق الحال واضطرارها للاستمرار.
والمجتمعات العربية مليئة بتلك النماذج الموجعة خاصة في البلاد الفقيرة منها، فهناك حاجة لأن يتصدى الرجال لتلك الظاهرة بتحمل المسؤولية بإعفافهن ومساندتهن في تربية أبنائهن بشكل شرعي وأخلاقي، وهو أطهر لهم ولهن ومن باب السعي على الأرملة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقها: «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر» (متفق عليه).
خامساً: رغبة الرجل في الزوجة الثانية وهو أفضل من الخليلة:
تعاني المجتمعات الغربية من مشكلات أخلاقية خطيرة تهدد الوجود الأسرى، أو تسببت بالفعل في تفكيك مؤسسة الأسرة، وتلك صرخة أوروبية نشرت بجريدة «لاغوس ويكلي ركورد»، في عددها بتاريخ 20 أبريل 2001م، مقالاً لسيدة إنجليزية، تقول فيه: «لقد كثرت الشاردات من بناتنا وعم البلاء، وجد الباحثون في أسباب ذلك، وإذا كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزناً، فماذا عسى أن يفيدهن بثي وحزني، لا فائدة إلا العمل، ولله در العالم الفاضل توماس، فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكامل والشفاء وهو: الإباحة للرجل بأن يتزوج بأكثر من واحدة»(6).
وقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في نشر تلك الرذيلة، حيث يقضي الشباب والرجال وكذلك بعض النساء معظم أوقاتهن في مسألة التواصل غير البريء أو مناظرة المواقع الإباحية إشباعاً لرغباتهم المشروعة، ولكن بسبيل غير مشروع.
لقد بينت صحيفة «إيكونوميست» البريطانية، في بيانها، أن مصر احتلت المركز الـ18 عالمياً في ترتيب عدد الباحثين عن المواقع الإباحية، وفي المقابل تصدرت الدول العربية والإسلامية وحصلت على 2% من الولوج لأحد أكبر المواقع الجنسية، في الوقت الذي احتلت الولايات المتحدة الأمريكية الرتبة الأولى بـ38%، وتلتها بريطانيا بحوالي 14% (تحت عنوان مصر تتصدر قائمة الدول العربية الأكثر زيارة للمواقع الإباحية نشر موقع «فوري» بتاريخ 16 نوفمبر 2023م).
وقد حرم الإسلام كافة سبل تصريف الشهوة الإنسانية خارج إطار الزواج الشرعي حفاظاً على عفاف المسلم وكرامته، فقال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور).
وعن أبي هريرة قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لكل بني آدم حظ من الزنى، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان يزنيان وزناهما المشي فيما حرم الله، والفم يزني وزناه قول الزور، والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» (رواه مسلم، وأحمد).
وسداً للذرائع وإغلاقاً لتلك الأبواب المشبوهة، فقد استوجب على تيسير التعدد للرجال حفاظاً على الرجال والنساء على السواء من الوقوع أسرى ومدمنين لتلك المواقع المحرمة التي صار ارتيادها من السهولة بمكان بحيث تلاحق الجميع في عمق ديارهم؛ فأيهما أكرم وصوناً للزوجة؛ أن يكون لزوجها زوجة أخرى في النور تشاركها المسؤولية وتكون لها أختاً وشريكة، أم تكون له صديقات عديدات في الظلام والحرام؟!
سادساً: كراهية الزوجة:
آلاف من المآسي الحياتية التي تنتج عن كراهية الزوج لزوجته لأسباب غير معلنة، قد يكون منها سوء طباع تلك الزوجة أو حتى بدون سبب، يلجأ الزوج بعد سنوات من العشرة ووجود الأطفال أو المراهقين أو الشباب، يلجأ لتطليق زوجته ليتزوج غيرها، ثم تضيع الزوجة التي لا تقدر على العمل لتكسب قوتها أو توفير مسكن يحميها الأعين والأيدي، ففي هذه الحالة أيهما أولى؛ أن تكون زوجة ثانية تضمن كافة حقوقها لإنسانية رغم كراهيته لها مع زوجة أخرى، أم تكون مشردة، أو تضطر للزواج من غيره إن وجدت لتكون أيضاً زوجة ثانية لرجل آخر؟
سابعاً: ماذا لو كنت أنت أو ابنتك؟
تختلف الصورة تماماً حين تكون الأرملة أو المطلقة ابنة أو كانت هي أنت، أو ليست المطلقة امرأة كانت تهنأ في بيتها لولا أن انتهى التفاهم بينها وبين زوجها؟ أليست الأرملة الصغيرة التي لم تنعم بحياتها رغماً عنها فانكسر قلبها باكراً بوفاة زوجها وصار واجباً على المجتمع أن يحميها ويحمل عنها مسؤوليتها وقد حملتها مرغمة دون ذنب منها؟ ألا يمكن أن تكون تلك الأرملة بأطفالها زوجة شهيد أو صاحب رسالة تعف نفسها بينما تقضي الليالي المظلمة الباردة وحيدة تحمل هموم ذاتها وأبنائها ليست تدري كيف تصنع معهم؟ ماذا لو كانت هي أنت؟ وماذا لو كانت ابنتك؟ هي كذلك ابنة لأحدهم يحمل همها ويخشى عليها وطأة الأيام الطويلة وحدها، هي إنسانة لا ذنب لها ولا تريد الكثير، لا تريد إلا أن تكون إنسانة كاملة الإنسانية بينما الواقع والفطرة الإنسانية تؤكد أنه لا استقامة لحياة امرأة إلا بوجود زوج يحميها ويقوم عليها، الفطرة التي دفعت السيدة خديجة رضي الله عنها ترسل بنفسها لخير البشر وهو الذي يصغرها لتتزوج منه، ولتشاركه الرسالة فيما بعد وتقدم للبشرية ما لم يقدمه عشرات الرجال.
ثامناً: أسباب خاصة بقدرة الرجل:
وبعض الرجال لديهم القدرة البدنية أكبر مما تتحمله زوجة واحدة تحيض عدة أيام بالشهر، وتمر بالنفاس بعد كل ولادة، وقد يكون لا قبل له بالصبر على ذلك الوضع، فوضعت الشريعة حلاً في مثل هذه الحالة شرط القدرة المادية على إعالة زوجتين أو أكثر، ولا سبيل إلا أن يتزوج بأخرى تعفه وتقوم على أمره مساندة للزوجة الأولى التي تحتفظ بكافة حقوقها الشرعية دون فقد أو حرمان ولا ينتظر الرجل أن يكون رهينة لقدرة زوجته أو لفراغها
وفي فتوى بموقع «إسلام ويب»، بتاريخ 17 يناير 2005م، رداً على سؤال بخصوص قدرة الزوج البدنية وحاجته للزواج بأخرى، فكان الجواب: فإن القدرة البدنية شرط في الزواج عموماً، وهي من معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، قال العلماء في معنى الباءة: القدرة على الوطء، ومؤن التزويج، قال ابن عابدين نقلاً عن الفتاوى الحامدية: القدرة على الجماع شرط الكفاءة كالقدرة على المهر والنفقة. انتهى.
وضابط القدرة البدنية إعفاف الزوجة، وليس لها عدد معين وإنما بما يحصل به إعفافها بحسب قدرته وحاجتها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم (27221).
فالزواج بثانية وثالثة ورابعة مطلوب فيه ما ذكر في الأولى من القدرة على إعفاف المرأة، فيشترط فيمن يعدد أن يكون قادراً على إعفاف زوجاته جميعاً مع مراعاة العدل، وليس من حق الزوجة طلب الطلاق لمجرد زواج الرجل بأخرى، ولكن لها المطالبة بحقها من بيت خاص بها، ومن عدل في المبيت والنفقة والكسوة وغيرها (موقع «إسلام ويب»).
تاسعاً: مرض الزوجة أو عدم الإنجاب:
وليس من الإنصاف في حال عدم قدرة الزوجة على الإنجاب أن نطالبه بالصبر على فطرة وغريزة جبل الله عز وجل الرجال عليها، وهي رغبتهم في التناسل وامتداد أعراقهم في ذرية يكثر بها سواد المسلمين ويرفع بهم راية التوحيد، كذلك في حال مرضها أو ضعفها وعدم قدرتها على أداء حق الزوج أو خدمة أبنائها، فبدلاً من تركهم عالة على الآخرين أو إهمالهم؛ فالأوْلى أن يتزوج زوجها بأخرى تقدر على القيام بأمر الجميع.
عاشراً: الحد من الأمراض القلبية مثل الحسد والحقد والبغضاء:
وتنتشر الأمراض القلبية بالمجتمع بشكل كبير مثل الحسد والحقد على خطورتها المجتمعية، فالمطلقة بين النساء امرأة شبه منبوذة خوفاً منها لما يشاع بين النساء بحمق عن خطف الأزواج والسعي في خراب البيت، فهي إنسانة تتطلع أن يكون لها زوج كما للأخرى زوج يسعى عليها، فتقارن بينها وبينهن، وبين أبنائها وأبنائهن؛ فينبت الحسد والغيرة رغماً عنها كإنسانة في حاجة لأن تكون في وضع طبيعي.
إن التعدد أمر أباحه الله للمسلمين لحل مشكلات كثيرة يعجز المجتمع على السير بطهر وعفاف إلا في وجوده، فيقول د. مختار مرزوق، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: إن تعدد الزوجات من المسائل المحسوم بإباحتها شرعاً لما ثبت في كتاب الله تبارك وتعالى في سورة «النساء»: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) (النساء: 3)، وما ثبت بتعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان في مسألة تعدده خصوصية، لكن هناك جمع الصحابة قد ثبت أمر التعدد فيهم(7).
_____________________
(1) قلالة، قوة المستقبل، الجزائر: دار جسور، 2018م، ص ص 40-41.
(2) دراسة منشورة بموقع أوراس، بتاريخ 2 أكتوبر 2023م، كتبها بلال شبيلي.
(3) تقرير الجهاز المركزي للتعبة والإحصاء المنشور في جريدة أخبار اليوم المصرية، بتاريخ 1 ديسمبر 2023م.
(4) صحيفة المدينة السعودية بتاريخ 16 أغسطس 2023م.
(5) إدارة الإحصاء والبحوث التابعة لوزارة العدل والمنشور في سبتمبر 2023م، في هاشتاج الكويت تقرير إدارة الإحصاء.
(6) انظر: المرأة بين الفقه والقانون، محمد عزة دروزة، ص 82.
(7) نشر بموقع صدى البلد، بتاريخ 22 مايو 2022م، تحت عنوان شروط الزواج الثاني في الإسلام.. أحكامه ومتى يصبح ظلمًا للأولى؟