أسهمت مدينة القدس في الحركة العلمية في العصور الإسلامية المتلاحقة، ونتيجةً لأهميتها الدينيّة ففيها ثالث المساجد التي لا تُشدّ الرحال إلا إليها، تحولت المدينة إلى واحدة من مراكز الحضارة الإسلامية، وكانت محطة مهمة في الخريطة الثقافية العربية والإسلامية في التاريخ الإسلامي، وشهدت المدينة تفاعلاً علمياً ومعرفياً غزيراً، اتسق مع أهمية المدينة الدينيّة؛ ما جعل الرحلة إليها والمكوث فيها جزءاً من الرحلات العلمية التي كانت أبرز مظاهر طلب العلم في العصور الإسلامية المتلاحقة، ومن أبرز علماء القدس:
1- خالد بن معدان (ت 104هـ/ 722م)، من أبرز القراء في القدس في زمنه.
2- إبراهيم بن أبي عبلة المقدسي (ت 152هـ/ 769م)، وهو أحد الثقات من التابعين، أخذ القراءة عن أم الدرداء رضي الله عنها.
3- شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر البشاري المعروف بالمقدسي، يعدُّ من أعظم الجغرافيين في الإسلام وفي العالم (ت 380هـ/ 990م) مؤلف «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم»، التي تعد من أهم الموسوعات الجغرافية في تلك المرحلة؛ حيث تصف أحوال العالم الإسلامي خلال القرن الرابع الهجري، ويذكر وصف الأمصار التي زارها، وما يتصل بها من آلات وتجارات، إضافة إلى طعام السكان وشرابهم، والعناصر الطبيعية من جبال وسهول وغيرها.
4- العلامة محمّد بن أحمد بن سعيد الحكيم التميمي المقدسي التُرياقي (ت 390هـ/ 1000م)، وهو طبيب وصيدلي وعالم بأنواع النبات وفوائدها، ولُقب بالترياقي لبراعته بتركيب الأدوية والمعاجين، حتى أصبح أبرز الأطباء في بلاد الشام، ومقصدًا للطلاب.
5- ابن قدامة المقدسي (ت 620هـ/ 1223م) صاحب «المغني»، وقد نزحت العائلة واستقرت في مدينة دمشق بعد الاحتلال الصليبي للقدس، وقد وصف ابن قدامة أنه «شيخ الإسلام، كان إمامًا حجة مصنفًا، محررًا، متفننًا متبحرًا في العلوم»، وبرز من هذه الأسرة الضياء المقدسي (ت 643هـ/ 1245م)، وغيرهم.
6- العلامة أحمد بن محمـد بن عماد (ت 815هـ/ 1412م)، الذي يُعرف بابن الهائم الحاسب، وهو إلى جانب كونه من كبار فقهاء الشافعية في زمانه، برع في علوم الرياضيات والفرائض، وابتكر نظريات جديدة في الحساب والجبر والمقابلة، ما زال العديد منها مستخدمًا في وقتنا الحاضر، وترك العديد من المصنفات في الرياضيات وعلوم الفرائض ومكث في القدس وتوفي فيها.
7- أبو المعالي الكمال بن أبي شريف (ت 906هـ/ 1501م)، كان من علماء القدس عني بالإشراف على الخانقاه (مكان للعبادة) الصلاحية بالقدس، فعمل على عمارتها وإصلاح ما اختل من نظامها.
________________________
1- علي إبراهيم، شذرات من الحركة العلمية في مدينة القدس إبان العصور الإسلامية، مؤسسة القدس الدولية، 2019، https://archive.org/details/20220617_20220617_0858
2- جاسر أبو صفية، علماء القدس وترقية الفكر الإنساني، مجلة عالم الفكر، العدد 4 المجلد 38، أبريل- يونيو 2010، ص 18.
3- محسن صالح (محرر)، دراسات في التراث الثقافي لمدينة القدس، مركز الزيتونة، بيروت، ص 41 -51.
4- عامر جاد الله أبو حسنة، الحركة العلمية في القدس من الفتح الإسلامي 15 – 132 هـ، مجلة حوليات آداب عين شمس، ص 288.