من الوارد أن تتعرض لموقف أو أكثر من مظاهر الصدام أو الاختلاف مع رئيسك في العمل، أو من ينوب عنه من المديرين والتنفيذيين؛ الأمر الذي يستلزم لباقة ومرونة للخروج من دائرة الخلاف، وتجنب الصدام، والمحافظة على علاقة صحية ومهنية مع الآخر.
ومن المهم في هذا السياق عدم التوتر، أو التذمر، مع ظهور بوادر الخلاف في العمل، بل اعتبار ذلك علامة صحية، واختلافاً طبيعياً من منطلق اختلاف وجهات النظر بين فريق العمل، أو تضارب المهام، وربما تعارض المصالح.
لكن يبقى من الذكاء اللباقة في الاختلاف، والحفاظ على المساحات المشتركة، واحترام وجهة النظر المعارضة لك، وإدارة الخلاف بشكل جيد يعزز مصداقيتك ومهاراتك المهنية والوظيفية والقيادية.
يقول خبراء التنمية البشرية: إن إدارة الخلاف في الرأي مهارة وظيفية تتطلبها الكثير من المهن اليوم، بالنظر إلى أن الاختلاف في بيئة العمل أمر صحي وجيد، ويصب في صالح منظومة العمل، طالما التزم بالأطر الوظيفية والأخلاقية.
في هذا السياق، نوجز لك 5 نصائح تصب في هذا الإطار.
أولاً: تقدير رأي رئيسك في العمل، ومحاولة تفهم وجهة نظر مديرك، وزوايا الموضوع المختلف حوله، حتى تكتمل الصورة لديك، دون تسرع في مخالفة الرأي الآخر، وانتقاده بشكل سلبي مثلاً، أو إبداء معارضته بشكل غير لائق.
ثانياً: حسن إبداء الرأي وتوجيه النصح بشكل لائق وطرح وجهة النظر الأخرى بشكل أفضل، قال سبحانه وتعالى إخبارًا عن نوح عليه السلام: (وَأَنصَحُ لَكُمْ) (الأعراف: 62)، وعن هود عليه السلام: (وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) (الأعراف: 68).
وقال النبي ﷺ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «للَّه، وَلِكِتَابِهِ، ولِرسُولِهِ، وَلأَئمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» (رواه مُسْلم).
ولذلك، على المرء أن يقتدي بسُنة نبيه الكريم في النصح، وأن يلتزم الصدق والأمانة في النصيحة، وأن يقدم النصيحة على أكمل وجه، وأن يبديها على نحو ما يحب هو أن ينصح، حتى تلقى القبول من أخيه في الإسلام، الذي هو رئيسه في العمل، ففي في سنن أبي داود عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه».
ثالثاً: ينصح المستشار في الموارد البشرية والمدرب في إدارة الأعمال محمد تملي، في حديثه لـ«الجزيرة نت»، بالرفق والتلطف، دون تسفيه آراء الآخرين، مع إعلان أن رأيك قد يحتمل الخطأ والصواب، مذكراً بما كان عليه نصحه صلى الله عليه وسلم، من عبارات اللطف والمودة، كما في سنن أبي داود عن معاذ بن جبل، أن رسول الله ﷺ أخذ بيده، وقال: «يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك»، فقال: «أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك».
رابعاً: أن تتضمن النصيحة أو عملية إدارة الخلاف مع رئيسك في العمل، تقديم الحلول بما يناسب ظروف العمل، أي لا تنتقد فقط، وترفض وضعاً ما، دون طرح البديل، وتقديم المقترحات، والأفكار البناءة التي تساعد بشكل أكبر على تطوير منظومة العمل، وقتها ستكتسب ثقة مديرك، وسيسمع لك جيداً، وسيبدي اهتماماً بأفكارك وآرائك.
خامساً: الاختلاف مع مديرك يتطلب جهداً مسبقاً يؤكد مهنيتك ومصداقيتك ومثابرتك في العمل، فهذا مما يبني الثقة بينكما، ويكسبك الاحترام في العمل؛ بمعنى أوضح، إذا كنت مهملاً في عملك، أو تأتي متأخراً، أو ترتكب العديد من الأخطاء، فكل هذا لن يصب في مصلحتك عندما تعارض رئيسك في العمل، أو تطرح رأياً مخالفاً لتوجهاته وسياساته، بينما ستكون الحال مختلفة إذا كنت من المتميزين في فريق العمل.