هذه قصة اعتناقي المسيحية ثم العودة إلى دين الله الحق.. الإسلام
هذه قصة اعتناقي المسيحية ثم العودة إلى دين الله الحق.. الإسلام
عندما يولد الإنسان نصرانياً، ويوفقه الله إلى دينه الحنيف الإسلام، فيكتشفه بعد «ضلال الوراثة» إذا صح هذا التعبير، فإنّ طعم الرجوع إلى الله تعالى يكون مميّزاً بحلاوة العثور على تلك الطمأنينة التي لا تتوافر إلا في الإسلام، دين الله الذي لم يتبدل ولم يتغيّر، ولن يتغيّر إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.. ولكن حين يولد الإنسان مسلماً على ملّة الآباء والأجداد، ثم ينتكص على عقبيه، ويبدّل دينه ويخرج إلى المسيحية ظنّاً منه أنها خلاصه في الدنيا والآخرة، ثم ما يفتأ يعيد اكتشاف أنّ النصرانية التي أراد بها الخلاص، إنما كانت مجرد سراب زائف، يحسبه الظمآن ماءً، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
هذا ما حدث بالضبط للأستاذ الجزائري محند أزواو عندما بدّل دينه وخرج من الإسلام إلى المسيحية، لكنه شعر بأنّ خروجه كان تسلّلاً مثلما تقول قوانين الكرة المستديرة، فأعاد مراجعة ذاته ليكتشف أنّه بفعلته تلك إنما فقد جوهرة لا تقدر بثمن تسمّى الإسلام، وأدرك بعد بحث وتمحيص أنّ المسيحية تحمل في طياتها متناقضات عدة فعجّل بعودته إلى دين آبائه وأجداده، وألّف كتاباً يُسجّل تفاصيل تلك المغامرة من الإسلام إلى المسيحية، وما الفوائد التي خرج بها من تلك المغامرة.. وفي هذا الحوار إجابات عن جملة من التساؤلات التي طرحناها على محند أزواو بخصوص تلك التجربة والدروس المستخلصة منها.
– قبل أن تعتنق المسيحية، كيف كانت علاقتك بالإسلام؟
– علاقتي بالإسلام كانت ضعيفة جداً، ومعرفتي به كانت سطحية، خاصة وأنّ ميلي للثقافة الغربية كان أكثر من الثقافة العربية والإسلامية، وكنت أطالع كثيراً في كتب الأدب والفكر الغربي، وبطبيعة الحال نشأت في مجتمع إسلامي، ولكن ورثت الدين بصفة تقليدية ولم أكن واعياً بحقيقته، باختصار كنت مسلماً بالاسم فقط.
– اعتنقت المسيحية في سنوات التسعينيات، هل للأمر علاقة بتدهور الوضع الأمني في الجزائر في ذلك الوقت؟
– نعم.. هذا من الأسباب المباشرة لتنصُّري؛ الجهل بحقائق الإسلام الحنيف ونبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، والذي لخّص الله عز وجل دعوته بالرحمة للعالمين، واضف إلى ذلك التطرف والإرهاب الذي عانيناه في التسعينيات ساهم كثيراً في رؤيتي للإسلام بصورة سوداء ومخيفة، وقُدِّمت النصرانية لنا كبديل للشعور بالأمن الداخلي، وأعتقد أنّ هذه النقطة بالذات ساهمت في تنصُّر الكثير من الناس ومن الشباب بالخصوص، وذلك بربطهم حال وواقع بعض المسلمين السياسية والثقافية والاجتماعية بالإسلام؛ لأن في اعتقاد الكثير أن الحضارة العربية والإسلامية تعيش نوعاً من الانهزام أمام الثقافة الغربية.
– ما شعورك عندما تركت الإسلام وذهبت إلى المسيحية؟
– أنا لا أستطيع أن أقول: إنني تركت الإسلام لأتنصر، وهل يتركه من عرفه حق المعرفة وذاق حلاوته ولمس يقينه؟ مستحيل، إلا أن يشاء ربي شيئاً، كنت جاهلاً بالإسلام، ولم أندم على شيء لم أكن أعرفه، ولكن كنت أرى في النصرانية البديل والوسيلة للتغيير الأمثل ولحياة أفضل وأسعد علماً أنني كنت شاباً وفي مقتبل العمر.
– ما التناقضات التي اكتشفتها في الكتب التي تحث على المسيحية؟
– كما أسلفت الذكر كنت أحبُّ المطالعة، وأول التناقضات التي وجدتها بعد تنصُّري بمدة تتمركز أساساً على ما يدرسه النصارى عن المسيح عليه السلام الذي يناقض تماماً ما يدرسه المسيح عن نفسه ودعوته.. ألوهية المسيح عليه السلام مثلاً، فعيسى عليه السلام لا يقول في نص واحد من كلامه: إنه الله أو إنه إله تجسّد أو إنه إله مركب من ثلاث، بل بالعكس وحسب أقواله فإنه ينفي ألوهيته ويثبت الوحدانية الخالصة لله عز وجل، كقوله عليه السلام في (يوحنا 3:17): «والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك».. وهذا النص هو الأول الذي فتح قلبي للشك في النصرانية، وأنا الآن أقول بكل وضوح: كل نصراني صادق يعمل بوصايا وأقوال المسيح عليه السلام وفقط في الأناجيل؛ سيكفر بكل ما تَعَلَّمَه من الكنيسة، وحتماً سيكفر بألوهية المسيح عليه السلام، سيكفر بالتثليث، بطبيعة اللاهوت والناسوت في المسيح عليه السلام، سيكفر بالخلاص بالإيمان فقط، وسيكفر بكل تعاليم بولس الذي حرف دين المسيح عليه السلام.
– وكيف كان رد فعل أسرتك إزاء هذا التحوُّل من الإسلام إلى النصرانية؟
– بما أنها عائلة مسلمة، فكان رد فعلهم المعارضة بالطبع، وكان عنيفاً خاصة من طرف إخوتي الكبار، وهذا خطأ يخالف منهج القرآن الذي يأمر باستخدام الحكمة والموعظة الحسنة في دعوة الضال، إذ الاضطهاد كثيراً ما يزيد الطين بلة، ويبعد عن القضية الجوهرية، وهي إظهار الحق وكشف زيف الباطل، وخاصة النصراني الذي تعلم من إنجيله أن يكون سعيداً عندما يضطهده الناس من أجل عقيدته، والحمد لله الذي جمع شملنا الآن بنعمة الإسلام.
– ما الأساليب التي ينتهجها المنصّرون لإقناع ضعيفي الإيمان من المسلمين باعتناق المسيحية؟
– نعم.. صدقت، ضعيفو الإيمان والجُهَّال من المسلمين؛ لأنني متيقن أن المنصّرين لا يذهبون إلى المسلم الواعي بدينه وإفلاس النصرانية ليدعوه، بل يخافون من هذا الصنف؛ لأن ما يقومون به ببساطة ليس إلا غسل للدماغ والتركيز على العواطف في دعوتهم، هذه هي طبيعة التنصير، فهم يستغلون حاجات الناس وخاصة المنكسرة قلوبهم بالمشكلات النفسية أو العائلية أو الاجتماعية وغيرها، فالخطر كل الخطر هو البحث عن الله والعقيدة بالعاطفة، ولكن بالعلم والدليل يميّز المرء بين الحق والباطل، ثم إن النصارى قد حققوا أهدافاً سطروا لها من قبل، وتقرير «مؤتمر كولورادو» عام 1978م يبين ذلك بوضوح، حيث ابتدأ من ذلك الوقت، تغيير إستراتيجية التنصير خاصة نحو البلدان الإسلامية، فقبل ذلك كانت النصرانية جسماً غريباً في المجتمعات الإسلامية، تجد القس مثلاً معزولاً عن المجتمع هو وعقيدته وثقافته، وربما يعيش بين المسلمين 50 سنة ولا يتنصر على يده أحد، لذلك غيّروا إستراتيجيتهم التي يسمُّونها Contextualization Approach ، والتي تعني أخذ – بعين الاعتبار – المحيط الثقافي والاجتماعي للمحيط المستهدف تنصيره، يبدؤون بتنصير فئة معينة من أفراد المجتمع المسلم، خاصة المنكسرة قلوبهم أو حتى المنبوذين من المجتمع، المهمُّ إيجاد أفراد يكوّنونهم تكويناً دقيقاً يكونون بمثابة نواة أو كنيسة بأفراد محليين تبنى عليهم عملية التنصير، ويقومون بعملية تأليف هذه العقيدة والثقافة النصرانية في المجتمع المسلم، ومن اطلع على «تقرير كولورادو»، سيعرف كيف شرّحوا المجتمعات الإسلامية، وقسّموها كلاً حسب ظرفه وطبيعة ثقافته وهويته.. وللأسف نجحوا في تحقيق أهدافهم نسبياً.
– كيف عدت إلى الإسلام بعد رحلة 3 سنوات مع المسيحية؟
– بفضل الله تعالى وحده أولاً، ثم بفتح عقلي الذي خدّروه ثانياً.. نعم، عندما يبدأ العقل يتساءل في النصرانية، تبدأ الحيرة معه لعدم وجود أجوبة تطمئن النصراني وتزيل شكوكه في عقيدته، لذلك يعتبر الشك في النصرانية، العدو الثاني بعد الشيطان، عشت في النصرانية متحمّلاً كل شيء من أجل عقيدة ظننتها الحق، وما سواها باطل، ولم يمنعني أحد من ممارستها، لكن عندما بدأت أتساءل عن حقيقة هذا الدين، تأكد عندي أنه مُحرّف، وليس هو الدين الحق الذي أنزله الله عز وجل ولا الذي كان يدعو إليه، سواء المسيح عليه السلام أم غيره من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، ويكفي تطبيق أقوال المسيح عليه السلام في الأناجيل ليكفر النصراني بكلّ ما تعلمه من الكنيسة أو رجال الدين النصارى عن المسيح عليه السلام كما قلت من قبل.