حرّم الإسلام جميع المعاملات التي تؤدى إلى أكل أموال الناس بالباطل
حرّم الإسلام جميع المعاملات التي تؤدى إلى أكل أموال الناس بالباطل؛ لأنها تقود إلى المحق والشقاء والجحود وقسوة القلوب والتكبر والغلظة، وهذا كله عكس خلق الرحمة والرأفة، ويجب على الناس تجنبها؛ لأن خلق الرحمة ينعكس على السلوك الاقتصادي للمسلم مع نفسه، فيجعله يستشعر راحة القلب واطمئنان النفس وسكينة الجوارح، وحسن التوكل على الله، وهذا يدفعه إلى الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في معاملاته المالية والاقتصادية، التي هي رحمة كما سبق الإيضاح، ويكون سلوكه الاقتصادي متأثرًا بهذه الروحانيات،
ومن آثار ذلك على سبيل المثال ما يلي:
– الإيمان بأن الرزق مقدر من الله سبحانه وتعالى، وعليه أن يأخذ بالأسباب المشروعة، ويتجنب غير المشروعة منها، ويؤمن بأن الغاية من الكسب هو التقوية على طاعة الله، وأن يرضى ويقنع بما قدره الله له، وهذا رحمة. – ألا يشق المسلم على نفسه ولا يحمّلها ما لا تطيق، وذلك بالهرولة للحصول على مزيد من الكسب وتكون الدنيا أكبر همه ومصدر شقائه، إن عدم تحميل نفسه ما لا تطيق رحمة.
– أن يحقق المسلم التوازن في حياته التعبدية والاجتماعية والاقتصادية، متأسياً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه»(متفق عليه)، وهذا التوازن رحمة.
– الالتزام بالكسب الطيب، وبالإنفاق المقتصد، وبالادخار في السلوك الاقتصادي، وبالاستثمار لنوائب الدهر، وهذا التوازن في السلوك الاقتصادي يجعل الإنسان يعيش حياة فيها الرحمة والرأفة والطمأنينة والسكينة ولا يشقى. – تجنب جميع المعاملات والأعمال والسلوكيات المحرمة شرعًا، وكذلك المشتبه فيها، راجياً رحمة ربه، لإيمانه أن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به، ويسبب له الشقاء والتعاسة والمحق، فمن يعرض عن شرع الله تكون حياته ضنكاً.
– كثرة التوبة والاستغفار لتطهير الأرزاق مما علق بها من محرمات ومشتبهات، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة»(رواه مسلم)، فهذا رحمة. أثر خلق الرحمة في السلوك الاقتصادي للمسلم مع أهله وولده: إن التزام أفراد الأسرة: الزوج والزوجة والأولاد بخُلق الرحمة فيما بينهم يحقق السكينة والمودة والمحبة، ويجب أن يكون ذلك شاملاً كل نواحي الحياة المعنوية والمادية.ولقد تبين أن من أسباب الشقاء والتعاسة والقلق في البيت المسلم هو السلوك غير السوي في المعاملات المالية والاقتصادية، وذلك عندما تطغى الماديات على الروحانيات، ولا يمكن تجنب ذلك الطغيان إلا من خلال التربية الروحية التي تقود إلى التراحم الفعال بينهم،
ومن نماذج السلوك الاقتصادي المشروع والمنشود للمسلم في بيته ما يلي:
– يعتبر الإنفاق على الأهل والأولاد من الكسب الحلال الطيب رحمة، ويثاب المسلم عليه، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقه، وهو يحتسب كانت له صدقة»(رواه مسلم)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله»، قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجرًا من رجل ينفق على عيال صغار يَعفّهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم.(رواه مسلم)
– الاعتدال في النفقة دون إسراف أو تقتير يعتبر رحمة بالجميع؛ لأن في التقتير مشقة، وفي الإسراف مفسدة، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: «ما عال من اقتصد»(متفق عليه)، وفي هذا المقام لا يجب على الزوجة أن تشق على زوجها فتحمّله ما لا يطيق حتى لا تُسوّل له نفسه بالكسب الحرام فيشقى الجميع. – الرشد في تدبير شؤون البيت فهذا رحمة وسكينة وأمن، ومن الموجبات الشرعية لذلك تطبيق سلوك الشورى في إعداد ميزانية البيت؛ لأنها مسار الود والحب والتربية السلوكية السليمة للأولاد.
– إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها عند الحاجة من خلق الرحمة؛ لأن ذلك من قبيل «الأقربون أولى بالمعروف»، وهذا يقوي من رابطة التعاون على البر والتقوى. – المتابعة والتقويم المستمر والمحاسبة على الكسب والإنفاق الحلال الطيب والادخار ليوم الحاجة من مسؤولية أفراد الأسرة، وإذا ما حدث انحراف يجب سرعة علاجه، فهذا من قبيل الدين النصيحة من خُلُق الرحمة.