ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻓﻨﻌﺮﻓﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻓﻼ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻳﺘﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨة ﺳﻤﻊ ﺣﻮارﺍً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﺍﺑﻨﻪ.
ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻻﺑﻨﻪ: ﻛﻢ ﺻﺪﻳﻘاً ﻟﺪﻳﻚ؟
ﺍﻻﺑﻦ: ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺻﺪﻳقاً .
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻷﺏ: ﺃﻧﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﻻ ﺃﻣﻠﻚ ﺇﻻ ﺻﺪﻳﻘاً ﻭﻧﺼﻔاً .
ﺳﻤﻊ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻓﺴﺄﻝ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ: ﻫﻞ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﺣﺪ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻲ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻧﺼﻒ! ﻗﺎﻟﻮا: ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻓﻨﻌﺮﻓﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻓﻼ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻫﻮ.
ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ: ﻟﻌﻞ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﺰﺡ ﻣﻊ ﺍﺑﻨﻪ.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﻻ، ﺃﺣﻀﺮﻭا ﻟﻲ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻷﺳﺄﻟﻪ.
ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻓﻴﺠﻠﺲ ﻗﺮﺑﻪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﻳﺴﺄﻟﻪ: ﻫﻞ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺻﺪﻳﻖ ﻭﻧﺼﻒ؟
ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ: ﺃﻧﺎ ﺑﺨﺪﻣﺘﻚ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻱ، ﻭلكن ﻫﺬﺍ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺷﺮﺣﻪ، ﺳﺄﺭﻳﻚ إﻳﺎﻩ.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﻛﻴﻒ؟
ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ: اﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻱ ﺃﻥ ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻣﻌﻠﻨاً ﺇﻋﺪﺍﻣﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌة.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﻣﺎﺫﺍ؟
ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ: ﻛﻤﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ، ﻭﺳﺘﻌﺮﻑ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻧﺼﻒ.
ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻱ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌة ﻭﻳﻌﻠﻦ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮﻻﺭﺗﻜﺎﺑﻪ ﺟﺮماً ﻋﻈﻴﻤﺎً، ﻳﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﺍﻗﻒ ﻭﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺤﻜﻢ… ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﻳﻘﻒ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: “ﻣﻮﻻﻱ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺪﻓﻊ ﺃﻱ ﻣﺒﻠﻎ ﺗﻄﻠﺒﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺇﻋﺘﺎﻕ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ”.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﻻ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ؛ ﺇﻥ ﺟﺮﻣﻪ ﻋﻈﻴﻢ.
ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﺃﺗﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﻧﺼﻒ ﺃﻣﻼﻛﻲ.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﻭﻻ ﻛﻞ ﻣﺎﻟﻚ ﻳﻜﻔﻲ.
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: “ﺃﺳﻤﻌﺖَ ﻳﺎ أﺧﻲ؟ ﺗﺒﺮﻋﺖ ﺑﻜﻞ ﻣﺎﻟﻲ ﻷﻓﺪﻳﻚ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺭﻓﺾ، ﻫﻞ ﻭﻓﻴﺖ ﻣﻌﻚ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺒﻲ؟
ﻓﺮﺩ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ: نعم الوفاﺀ، ﺍﻧﺼﺮﻑ ﺑﺄﻣﺎﻥ.
ﻭﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﻘﺮﺏ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ، ﻳﺄﺗﻲ ﺭﺟﻞ ﻣﺴﺮﻋﺎً، ﻭﻳﻘﻒ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: “ﺃﺗﺮﻳﺪ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ، ﺇﻧﻪ ﺑﺮيء، ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﺬﻧﺐ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ”، ﻭﻳﻠﺘفت ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ: “ﻳﺎ ﻧﺎﺱ، ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ بريﺀ ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻌﻠﺔ ﺍﻟﻨﻜﺮﺍﺀ ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳُﻌﺪﻡ”.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﺣﺴﻨﺎً ﺳﻨﻌﺪﻣﻚ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ.
ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﻧﻌﻢ ﺃﻋﺪﻣﻮﻧﻲ ﻓﺄﻧﺎ ﺍﻟﻤﺬﻧﺐ.
يأﺧﺬ ﺍﻟﺤﺮﺱ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺼﺔ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ﻭﻳﻮﺛﻘﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺤﺒﺎﻝ.
ﺍﻷﻣﻴﺮ: ﺃﻻ ﺗﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻚ؟
ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﻻ، اﺫﻫﺐ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻚ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ.
ﻭﺣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻣﺒﺘﺴماً ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻱ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ؟
ﻓﻤﻦ ﻳﻔﺪﻚ ﺑﻤﺎﻟﻪ ﻓﻬﻮ ﻧﺼﻒ ﺻﺪﻳﻖ، ﻭﻣﻦ ﻳﻔﺪﻚ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻕ.