في الحقيقة أريد أن تكون قراءة الكتب بالنسبة لي كالإدمان -وفق التعبير كالمخدرات – نظراً لفوائد القراءة، والتي ستعود عليّ بالنفع، وفي الواقع أنا أحبَّ القراءة لكنها مملة، وأقرأ كتاباً 30 – 40 صفحة تقريباً كأقصى حدّ، وبعدها أملُّ، ولا أريد التكملة.
ما الخطوات التي يجب أن أتبعها حتى يعتاد عقلي على القراءة إلى مرحلة الإدمان؟ وأتمنى من حضراتكم تحديد الخطوات بالمراحل.
المستشار د.يحيى الغوثاني:
شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد..
مع تحفظي على عنوان رسالتك وتشبيه القراءة بالمخدرات، لكنَّني أدرك قصدك، وهو أنَّك تريد أن تكون قارئاً نهماً مدمناً على القراءة، وكونك تسأل عن خطوات توصلك إلى الاعتياد على القراءة بل الوصول إلى مرحلة الإدمان، هذا يعني أنَّك تدرك تماماً أهمية القراءة في حياتنا، وأنَّك حريص أن تكون من القرَّاء، المقبلين على الكتاب، الراغبين في المطالعة، فأهنئك على هذا، وأشد على يدك.
إنَّ إدراكك هذا يعتبر الخطوة الأولى الموصلة لك إلى عالم القراءة الواعية؛ فالرغبة الصادقة والعزم هي أول خطوة في ضمان الوصول إلى ما نريد، فاعلم بأنَّك لن تصل إلى مرحلة الإدمان على القراءة إلا ببذل الجهد، والتدرب المستمر والمران، وتعويد النفس صحبةَ الكتاب، وألفة القراءة والصبر على كل ذلك، فالقراءة هي: نشاط ذهني، ينشط خلايا الدماغ، وهي غذاء للروح يرتقي بك إلى عالم الروح، فتحلق في عوالم في منتهى الروعة، كما أنّها تساعد الإنسان على تنمية مداركه العقلية، ومعارفه العلمية، وتطوير مهاراته في الحياة والتعامل مع الناس والأشياء.
ولكي تكون قارئاً مبدعاً يسعدني أن أشير عليك بما يلي:
أولاً: قرر من هذه اللحظة أن تكون إنساناً قارئاً، وليس قارئاً فقط بل قارئاً نهماً، واعلم أنَّ جميع الناجحين في العالم كانت بداياتهم من القراءة.
ثانياً: ضع برنامجاً لنشاطك اليومي، ولتكن للقراءة جزءاً ثابتاً فيه، بل الجزء الأهم.
ثالثاً: اختر أفضل الأوقات لديك لتعيش مع الكتاب، وليكن هذا الوقت مريحاً لك ليس فيه ضوضاء ولا إزعاج، وابدأ بتحديد وقت للقراءة من الساعة كذا إلى الساعة كذا، وليكن في البداية ربع ساعة – مثلاً – على أن تواظب عليها.
رابعاً: كونك تقرأ في اليوم 30 – 40 صفحة هذا إنجاز في هذه المرحلة، زِدْ مدة القراءة تدريجياً، فإذا اعتدت القراءة ربع ساعة في اليوم، اجعلها نصف ساعة، حتى تصل إلى أن تخصص ساعة أو ساعتين على الأقل للقراءة يومياً.
خامساً: استمتع بما تقرأ من خلال التركيز على الفوائد التي تمر معك، ومن المفيد أيضاً أن يكون معك دفتر صغير تدون فيه الفقرات التي تستهويك بأقلام ملونة، لتعود إليها متى شئت؛ فهذا سيحقق لك الأنس بالكتاب، والاستمتاع بالفوائد، وخاصة عندما تعود للكتاب مرة أخرى.
سادساً: اختر المواضيع المناسبة التي تشعر بارتياح لها، وذلك بأن تكون الكتب التي تقرؤها مما تميل إليها نفسك تحتوي على موضوعات سهلة ومحببة، كأن تقرأ بعض القصص القصيرة، أو مجلة من المجلات، ومن الكتب السهلة المفيدة كتب الأديب الكبير الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، فيمكنك أن تقرأ في البداية كتابه “مقالات في كلمات”، وهو مقالات قصيرة لا تزيد كل منها على صفحتين، وحين تأنس نفسك بالمطالعة تشرع في قراءة الكتيبات الدعوية والتربوية الصغيرة، وشيئاً فشيئاً تجد نفسك قد اعتدت القراءة، وصارت جزءاً من حياتك لا يمكن التخلي عنه أبداً.
سابعاً: لا مانع أن تكون البداية بقراءة الكتب التي تحتوي على القصص المشوقة، أو السرد التاريخي، أو المجلات العلمية المفيدة، على أن تنتقل بعد لاعتياد القراءة إلى مطالعة الكتب الجادة النافعة، التي تثري المعرفة، وترتقي بالفكر، وتوصل إلى معرفة الله ورسوله ودين الإسلام.
ثامناً: اصحب الكتاب معك دائماً أينما ذهبت لتطالعه في أي وقت فراغ يتاح لك كأوقات الانتظار في عيادة الطبيب، أو أثناء الركوب في الحافلة، فيحسن بك أن تشغل أوقات الانتظار بالقراءة، ويمكنك أن تحمل عدداً من الكتب المفيدة في جهازك المحمول ليكون متاحاً معك في كل مكان، وبدل أن تشغل وقتك في تقليب صفحات التواصل الغير منتظمة فإنَّك تفتح على أرشيفك من الكتب المحملة وتقرأ لتستفيد.
تاسعاً: ثق تماماً بأنَّ الفوائد التي ستحصِّلها من القراءة ستكون هي الدافع والمحفز إلى محبة القراءة والاطلاع، وسيكون لك مع مرور الزمن مخزوناً ثقافياً عالي المستوى، وستشعر بالفرق بينك وبين أقرانك.
عاشراً: استعن للوصول إلى محبة القراءة بأصدقاء تكون لهم هواية المطالعة، ومن محبي القراءة والاطلاع، واتفقوا سوية على قراءة كتاب محدد خلال مدة زمنية، ومن ثم تحديد يوم لمناقشة هذا الكتاب وما جاء فيه بجو من التنافس والتحدي؛ فهذا الجو سيعطيك الدافع للاستمرار.
أخيراً: ننصحك بأن تقرأ بعض الكتب التي تشجع على القراءة وترشد إلى أهميتها ومنها: “القراءة أولاً” للأستاذ عدنان سالم، و”لماذا نقرأ؟ ماذا نقرأ؟ كيف نقرأ؟” للدكتور عبدالكريم بكار، وغيرها كثير.
أشكرك على قراءة هذه الاستشارة بدقة والعمل بما فيها؛ فلعلها تكون بالنسبة لك البداية الرائعة لمشروع كبير في القراءة والاطلاع.