ازدادت وتيرة الصراع السياسي بين الحكومة العراقية والمليشيات التابعة لها والحكومة التركية منذ انطلاق الشرارة الأولى للعمليات العسكرية العراقية ضد تنظيم “داعش” في الموصل في 17 من الشهر الماضي، ولم يقتصر الأمر عند التراشق الكلامي والإعلامي اليومي عند قادة الطرفين ضد بعضهما بعضاً، بل وصل إلى التلويح بالحرب وفرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية، وبلغ التصعيد بينهما إلى درجة أن دفعت بإيران التي تحرك بغداد وتقودها طائفياً وسياسياً وتخوض صراعاً إلى عرض وساطتها لإنهاء التوتر القائم بين البلدين.
بدورها رحبت أنقرة بالوساطة الإيرانية، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، تعليقاً على تصريحات نظيره الإيراني جواد ظريف الذي أبدى استعداد بلاده للقيام بدور الوساطة لحل الأزمة القائمة بين البلدين: إن تركيا ترحب بكافة الأدوار البناءة من أي دولة كانت.
يذكر أن العراق يرفض رفضاً قاطعاً مشاركة تركيا في حربه الحالية ضد قوات “داعش” في الموصل، ويطالب قواتها بالانسحاب من مدينة “بعشيقة” (12 كلم عن الموصل) التي تتمركز فيها من أجل مساعدة وتدريب الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية، وما زاد من التصعيد العراقي ضد تركيا تصويت البرلمان التركي لصالح بقاء القوات العسكرية في العراق للتصدي للتنظيمات الإرهابية في إشارة إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي (pkk) المعارض.
وأوضح جاويش اوغلو أن معسكر بعشيقة الذي تتواجد فيه قوات تركية، خلق توتراً لا معنى له بين الدولتين، مؤكداً أن بلاده مستمرة في بذل المساعي الدبلوماسية لإزالة هذا التوتر.
وفي خطوة اعتبرتها السلطات العراقية عدائية، أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية كبيرة إلى حدودها مع العراق تتضمن دبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة لإسناد عملياتها العسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، ومنعهم من تحويل منطقة “سنجار” في مدينة الموصل إلى معقل آخر مشابه لمعقلهم في جبال “قنديل”، وكذلك لمواجهة التهديدات الطائفية التي تشكلها فصائل الحشد الشعبي الشيعي التي أوكلت إليها مهمة اقتحام مدينة “تلعفر” (69 كلم عن الموصل) التي يشكل التركمان فيها نسبة (80%) من سكانها، وهم ينتمون عرقياً وتاريخياً إلى تركيا.
وقالت تركيا: نحن مصممون على حماية حقوق أشقائنا التركمان في تلعفر، ونحن لله الحمد قادرون على ذلك.
ومن جانبه، هدد الرئيس رجب طيب أردوغان بالتدخل بصورة مباشرة، إذا حدث تهديد لمنطقتي تلعفر وسنجار من قبل قوات “الحشد الشعبي”، واصفاً المنطقتين بأنهما تعتبران حساستين بالنسبة لتركيا، لافتاً إلى أن ارتكاب أي أعمال إرهابية هناك ستقابل برد مختلف.
فهل نحن على أبواب حرب إقليمية واسعة تقوم على أساس طائفي وعرقي لا تبقي ولا تذر، تشمل المنطقة برمتها، تكون الشعوب المسلمة الضحية الأولى والأخيرة فيها، وقد لاحت في الأفق إشارات قوية تؤكد ذلك.