وصف الناشط الحقوقي ومسؤول قسم أخبار تركستان الشرقية في مرصد الأقليات المسلمة، عبدالتواب محمد، تركستان الشرقية بأنها «كمن يتسول وبيده وعاء من الذهب»؛ فهي غنية بكل شيء حيث تستخرج سلطات الاحتلال الصيني 80% من المواد الخام الضرورية من هذه المنطقة وتنقلها إلى داخل الصين الشعبية، في حين تمنع أهل تركستان من الاستفادة من هذه المعادن.
وأكد، في الجزء الثاني من حواره مع «المجتمع»، أنه منذ عام 1964م أجرت بكين 35 تجربة نووية في أراضي تركستان الشرقية دون اتخاذ أي تدابير لحماية المدنيين من أخطار التلوث النووي؛ وهو ما أدى إلى حدوث الكثير من الكوارث والجرائم الناتجة عن ذلك
حدثت مجازر كثيرة، وإجراءات قمعية، وحرب على الإسلام تقودها الصين في تركستان، كيف حدثت تلك المجازر؟ وكيف واجهتموها؟
– توالت المجازر منذ احتلال الصين لتركستان الشرقية عام 1949م، وكان أبرزها:
1 – عام 1966م تم إبادة ما لا يقل عن 75 ألف شخص في كاشغر وحدها؛ بسبب منع الصين المسلمين من إقامة صلاة العيد!
2 – يوم 5 أبريل 1990م تم قصف قرية بارين بالطائرات والمدفعية.
3 – عام 1995م قامت بإعدام العلماء والأئمة، وكان العدد في أورومتشي وحدها 12 ألف شخص!
4 – أحداث غولجة عام 1997م حيث قامت السلطات بمداهمة بيوت المسلمين في رمضان، واقتياد الشباب إلى أقسام الشرطة وقتلهم وتسليم جثثهم إلى ذويهم، وعندما حاولوا الاعتراض قامت القوات الصينية بإبادة البلدة بمن فيها من رجال ونساء وأطفال.
5 – مذبحة أورومتشي عام 2009م، حيث تم إلقاء القبض على عشرات الآلاف من الأويجور المسلمين ليصبحوا بين معتقل وقتيل.
6 – مجزرة خوتان عام 2014م التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 5 آلاف مسلم؛ بسبب قيام بعض الأخوات بصلاة التراويح!
7 – أما الإبادة الكبرى فقد بدأت عام 2017م ولم تنتهِ حتى الآن؛ حيث يتم احتجاز أكثر من %80 من أهل تركستان الشرقية في معتقلات الاحتلال الصيني الوحشي، ويتم إجبار الناس على ترك الدين والإيمان بالحزب الشيوعي ديناً و«شي جين بينغ» (الرئيس الصيني) قائداً وإلهاً!
بالمجمل، فإن من تم إعدامهم من قبل الصين الشيوعية من أهل تركستان الشرقية بلغ الملايين من المسلمين الأويجور.
وليس هذا فحسب، بل زيادة في الإجرام تمارس الحكومة الصينية تجارة الأعضاء البشرية عبر بيع أعضاء القتلى من المسلمين الترك، وتعتبر الصين الدولة الأولى عالمياً من حيث عدد عمليات نقل الأعضاء.
ومنذ الثمانينيات من القرن الماضي، تفرض الصين قانون تحديد النسل، وتطبقه على المسلمين بطريقة وحشية؛ حيث تتم عمليات إجهاض للنساء وقتل مئات الآلاف من الأطفال وإجبار النساء على استخدام وسائل منع الحمل أو الإجهاض.
ويزيد عدد العلماء الذين اعتقلوا على 54 ألفاً، وكثير منهم عُذبوا وماتوا في السجون، كما لا يُسمح للعلماء المسلمين بالخروج من تركستان الشرقية للتواصل مع الهيئات والمنظمات الإسلامية حول العالم، وتمنع السلطات الصينية المسلمين من التعليم وبناء المساجد.
من يحكم تركستان الشرقية اليوم؟ هل تتمتع البلاد بالحكم الذاتي؟ وما طبيعة ذلك الحكم؟
– الحكم الذاتي خدعة كبيرة؛ فالشعب التركي المسلم هناك لا يتمتع بأي استقلال، كما أن %90 من المراكز الحساسة في تركستان الشرقية يشغلها الصينيون، وأصبح المواطنون التركستان لا يملكون من أمور بلادهم وشؤونها ومجتمعهم شيئاً، فالذي يحكم تركستان الشرقية هو الحزب الشيوعي الصيني، أما تلك «الدُّمى» فلا يمثلون الأويجور وليس لهم أي كلمة.
لو تذكر لنا أهم الشخصيات التاريخية التي تنتمي إلى تركستان، وهل يوجد في البلاد حالياً شخصيات وعلماء مسلمون مؤثرون وبارزون؟
– أنجبت أرض تركستان لأمة الإسلام عظماء وعلماء كثيرين في شتى المجالات، أهمها الحديث النبوي الشريف وعلوم الحضارة الإسلامية المختلفة، منهم الأئمة البخاري، والترمذي، والبيهقي، والفارابي، وابن سينا، والخوارزمي، والبيروني، والزمخشري، وآخرون لا حصر لهم خدموا الحضارة الإسلامية، وأصبحوا من أعلامها الكبار.
تمتلك تركستان ثروات نفطية، ومناجم الذهب واليورانيوم، ما الذي ينقص الشعب الأويجوري المسلم كي يمتلك القوة التي تؤهله للوقوف في وجه الصين؟
– تتلخص الإجابة في قول أحد المسؤولين الصينيين: «تركستان الشرقية أصبحت كمن يتسول وبيده وعاء من الذهب»؛ فالبلاد غنية بكل شيء، وتستخرج سُلطات الاحتلال الصيني %80 من المواد الخام الضرورية من هذه المنطقة وتنقلها إلى داخل الصين الشعبية، ومساحة الأراضي التي تحتوي حقول البترول والغاز الطبيعي تبلغ 740 ألف كيلومتر مربع، أما مخزون الملح الصخري فيقدر بما يكفي استهلاك العالم كله لمدة ألف عام! وقد اكتشف الذهب واستخرج في 56 منطقة من أصل 70، وتبلغ مساحة مناجم الفحم 88 ألف كيلومتر مربع، ومدينة خوتن تشتهر باستخراج الحجر الأخضر الكريم وهو من أغنى الأحجار الكريمة المعروفة في العالم.
ومع الأسف الشديد، فمسلمو تركستان الشرقية لا يستفيدون من ثرواتهم الطبيعية قط؛ حيث إن استغلال تلك الموارد الطبيعية يخضع بصورة مطلقة لحكومة الاحتلال المركزية في بكين.
أما ما يمنع الأويجور من التحرك فقوة الصين العظمى؛ يكفي أن نذكر أن داخل تركستان الشرقية 750 ألف جندي صيني، ومليوناً وربع مليون جندي في الاحتياط إذا حدثت أي محاولات للثورة.
ما حقيقة التجارب النووية التي تقوم بها الصين في تركستان؟ وما موقف الأمم المتحدة؟
– منذ عام 1964م أجرت بكين 35 تجربة نووية في أراضي تركستان الشرقية دون اتخاذ أي تدابير لحماية المدنيين من أخطار التلوث النووي، وقد أثرت هذه التجارب تأثيراً كبيراً على المحاصيل الزراعية وعلى الإنجاب.
وفي عام 1990م مات أكثر من 800 مسلم تركستاني بأمراض غير معروفة، إضافة إلى ولادة 20 ألف طفل مشوه.
وتزايدت حالات الإصابة بسرطان الرئة والجلد والكبد، وغير ذلك من الأمراض الخطيرة، وكل ذلك يعتبر جرائم متعمدة من الحكومة الصينية بهدف استئصال الوجود الإسلامي في المنطقة.
ما دور دولة تركيا وغيرها من دول شرق آسيا رسمياً وشعبياً في نصرة تركستان؟ وما المتوقع حسب المعطيات الحالية؟ هل نهوض الشعب الأيجوري، أم تقدم الصين لتحتل مزيداً من الدول بالمنطقة؟
– من الغريب أن موقف تركيا على المستوى الرسمي والشعبي قبل سنوات كان أفضل من الآن؛ فقد كانت ذروة غضب الأتراك عام 2013م عندما التحمت الحكومة مع الشعب ودعت وزارة التجارة التركية لمقاطعة المنتجات الصينية تضامناً مع ما يعانيه شعب الأويجور، أما الآن فللأسف موقف الحكومة التركية أمام ما يحدث للأويجور الصمت التام وعدم التعقيب أو التعليق الرسمي.
لكن على المستوى الشعبي، فإن الشعب التركي يتضامن كلياً مع الأويجور؛ وهو ما يفسر انتشار الملصقات عن تركستان والأعلام على مباني وشوارع تركيا، كما أن هناك بعض التحركات الرسمية من قبل دول شرق آسيا مثل بنجلاديش وماليزيا وإندونيسيا، وقام رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد بفضح الدور الصيني في قضية الفساد الشهيرة للصندوق السيادي بماليزيا، كما يقوم بتحركات فاعلة لدعم الأويجور.
ولا ننسى دور مجلس الأمة الكويتي الذي قدم مبادرات ووقفات تدعم إخوانهم الأويجور المسلمين في تركستان الشرقية، تلك التحركات تعطي زخماً لقضية تركستان لم تشهده من قبل، ولكن ما زلنا ننتظر دعماً أكبر من باقي الدول العربية والإسلامية.