– رغم فداحة الألم وتهجير أكثر من 13 مليوناً واستشهاد نحو مليون فإن الأمل قائم
– منظمات المجتمع المدني والناشطون ما زالوا يحيون الثورة في قلوب السوريين بالداخل والخارج
– النظام أعلن صراحة ببداية الثورة أن أمن الكيان الصهيوني من أمن النظام نفسه
– تسليح الثورة كان خطأ إستراتيجياً ولم تكن هناك خيارات أخرى والنظام هو الذي جرنا لذلك بدعم إقليمي
– لو كان الأمر بيد تركيا لأسقطت نظام «الأسد» لكنَّ هناك دولاً أكبر تدعمه ولا تسمح بسقوطه
– يوجد في سجون النظام نحو 13500 امرأة وأكثر من 300 ألف رجل استشهد عدد كبير منهم بسبب الأوضاع المأساوية
– اعتقلتُ أنا وزوجي وأبنائي.. فاستشهد زوجي ورُحِّل أبنائي للسويد وخرجت بصفقة تبادل
– الوعي السياسي والحرية والديمقراطية جعلت الشعب الكويتي أكثر الشعوب دعماً للقضية السورية
قالت الناشطة السورية مجد شربجي، مديرة منظمة «بصمات من أجل التنمية» (منظمة سورية تعمل في لبنان وتركيا): إن تسليح الثورة كان خطأ إستراتيجياً، لكن لم تكن هناك خيارات أخرى، ورأت أنه لو بقيت الثورة سلمية لسقط «بشار الأسد» منذ بدايتها، وأكدت أن تسليح الثوار يحتاج إلى دعم دول وحكومات؛ وهذا يؤثر على استقلالية قرار الثوار لصالح الدولة التي توفر السلاح والدعم.
وذكرت، في حوارها مع «المجتمع» الذي أجرته معها أثناء زيارتها للكويت أخيراً، أن الكيان الصهيوني على ثقة تامة بأن النظام السوري يحمي حدوده، وأن سقوطه سيكون له أثر سلبي على الكيان نفسه.
نرحب بكِ في «المجتمع»، واسمحي لنا في البداية بهذا السؤال: ما الذي تبقى من سورية؟
– يتبقى الأمل رغم فداحة الألم، وبالرغم من بشاعة الأهوال التي يعانيها الشعب السوري في الداخل والخارج، فما زالت سورية موجودة على الخريطة، ومازال الشعب السوري موجوداً ينبض بالحياة، وفي نهاية الأمر ستكون سورية لشعبها ولأصحابها، بالرغم من الدمار الهائل الذي أصاب بنيتها التحتية، وهدم الدور والمنازل والمرافق.
يبقى الأمل رغم تهجير أكثر من 13 مليون مواطن خارج بلادهم، وهذا يعني أن نصف الشعب السوري أصبح خارج سورية، فضلاً عن استشهاد أكثر من مليون إنسان، ونصف مليون معتقل، ورغم كل ذلك الدمار وتلك النكبة فإننا ما زلنا موجودين، والشعب السوري ما زال يتمسك بالأمل ويتشبث به بالرغم من فداحة الألم وعمق الجراح.
والغريب في الأمر هو الصمت العالمي المريب، وغض الطرف عن معاناة الشعب السوري، والقتل الممنهج، وسياسة الأرض المحروقة، وضياع الأجيال، خصوصاً أننا أوشكنا الدخول في السنة العاشرة منذ بداية الثورة، وما زال القصف اليومي مستمراً على المدنيين في إدلب وحماة، وفي كل يوم يرتقي العديد من الشهداء، ويزداد الدمار في سورية، ورغم ذلك نحن نتسمك بأهداب الأمل.
يعني بعد هذه السنوات، وهذا الدمار، هل ما زالت الثورة السورية موجودة؟
– لا أستطيع أن أقول: إنها مشتعلة مثلما كانت في بدايتها، فطول الفترة، ومرور السنوات، وكثرة الدمار المنتشر في كل مكان، ومئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين، كل ذلك أثَّر في أيقونة الثورة، فلم يعد الاندفاع موجوداً كما كان، ومع ذلك عندما يخف القصف عن الشمال في المناطق المحررة، تخرج المظاهرات حاملة أعلام الثورة.
ولا ننسى دور منظمات المجتمع المدني والناشطين السوريين، فهم ما زالوا يُحيون ويحركون الثورة في قلوب السوريين في الداخل والخارج، وفي قلوب الرأي العام العالمي.
عندما بدأنا بالثورة عام 2011م كانت لنا أحلام، وأمنيات محددة، أما الآن فقد اختلفت أحلامنا وأمانينا، ففي العام 2011م كنا نحلم بدولة ونظام ديمقراطي يؤمن بتداول السلطة، أما الآن فأحلامنا هو أن يتوقف القصف عن استهداف المدنيين الأبرياء، وتتوقف عجلة الموت التي تحصد يومياً العديد من الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، فلا يمر يوم إلا ويسفر عن شهداء وجرحى وهدم وتهجير، فبلا شك أحلامنا تغيرت من دولة ديمقراطية إلى وقف عجلة الموت، ولكن إيماننا بقيام دولة سورية ديمقراطية ونظام ديمقراطي ما زال يراود أحلامنا، حتى ولو بعد حين، وإن لم يتحقق هذا الأمل في جيلنا، فإننا نطمح أن يتحقق في الأجيال القادمة.
هل استطاع النظام السوري وحلفاؤه (روسيا وإيران و»حزب الله») أن يصل بالشعب السوري إلى درجة الإحباط؟
– نعم أستطيع أن أقول: إنهم نجحوا لحد ما، فالنظام السوري بدون مساندة هؤلاء كان من الممكن أن يسقط في العام 2013م، وحينها كان الثوار يسيطرون على أكثر من 75% من الأراضي السورية، والنظام حينها كان يتهاوى ويترنح، وفي طريقه إلى السقوط.
وبعد مجزرة الكيماوي التي كانت الإدارة الأمريكية أحد أسبابها، وبعد اختراق الأسد للخط الأحمر، لم تقم أمريكا بأي إجراء ضد النظام السوري بالرغم من استخدامه للأسلحة المحرمة دولياً، وهذا كان بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للأسد أن يفعل ما يشاء من قتل وإبادة ودمار دون حسيب أو رقيب.
وبعد أن استخدم النظام السوري الأسلحة المحرمة دولياً ضد الشعب السوري، ولم يحاسبه أحد أو يدينه؛ استوحش هذا النظام، واستأسد على الشعب الأعزل، وشعر الناس بعدها بفقدان الأمل بعد الصمت الدولي المُقر لجرائم “الأسد”، وأنه لا توجد نية لدى النظام الدولي بإزالة هذا النظام.
هل كان موقع سورية في هذه البقعة من العالم من مجاورة الكيان الصهيوني المحتل له أثر في التعاطي الدولي ضد النظام السوري؟
– هذا صحيح، فلو كانت سورية في القارة الأفريقية، أو في بقعة أخرى من العالم، كان من الممكن أن يتم حلها من قبل المجتمع الدولي في أسرع وقت، ولكن طبيعة سورية الجغرافية، وقربها من الكيان الصهيوني، كان له أثره الإيجابي لصالح النظام السوري في البقاء حاكماً لسورية، وكذلك كان له أثره السلبي على الشعب السوري.
وأعلن النظام صراحة في بداية الثورة أن أمن دولة الكيان الصهيوني هو من أمن النظام السوري، والكيان الصهيوني على دراية تامة بأن النظام السوري يحمي حدوده، وسقوطه سيكون له أثر سلبي على الكيان نفسه، حيث مرت عشرات السنين ولم يتم إطلاق طلقة واحدة من الأراضي السورية على الكيان الصهيوني، لذلك كان على هذا الكيان أن يتشبث بذاك النظام، وأن يقنع الإدارات الأمريكية المتوالية بأهمية بقاء نظام “الأسد” في سدة الحكم؛ لأن بقاءه يساهم في استقرار المنطقة، ويؤمن حدود الكيان.
بدأت الثورة «سلمية»، ثم «تسلَّحت»، هل كان ذلك «خياراً» إستراتيجياً أم «خطأ» إستراتيجياً؟
– هو خطأ إستراتيجي، لكن لم تكن هناك خيارات أخرى، وأنا في ظني أنه لو بقيت الثورة سلمية كان -بلا شك- سيتم سقوط «بشار الأسد»، كما أن الثورة السلمية تحتاج إلى وعي كبير من الشعب السوري، فالثورة السلمية ليست بالأمر السهل، وعندما لجأ الشعب إلى تسليح الثورة والخروج بها من نطاق السلمية إلى العسكرة والمقاومة المسلحة كان له مبرراته، في ظل نظام متوحش ودموي ومغتصب، وكان من الطبيعي أن ينفجر الناس ضد هذا النظام.
النظام السوري هو الذي جرَّ الناس جرّاً إلى استخدام السلاح، حيث كان يتعمد أن يترك سيارات مليئة بالعتاد الحربي وشتى أنواع الأسلحة في مناطق عديدة؛ حتى يتسلح الشعب بتلك الأسلحة، وهي في النهاية أسلحة خفيفة، لا تستطيع مقاومة الأسلحة الثقيلة من دبابات وطائرات ومدرعات، المهم هو توفير الذرائع لاستخدام تلك الأسلحة الثقيلة في مواجهة الشعب السوري، وبالتالي كان موقف النظام أقوى عندما جرّ الشعب السوري للتسلح.
ثم طالبت بعض الدول بضرورة تسليح الثوار السوريين بالأسلحة المضادة للدروع والطائرات لإحداث نوع من التوازن بين الطرفين (النظام والثوار) في المواجهة المحتدمة، وفي النهاية كانت المناداة بتسليح الثوار مجرد كلام أجوف بلا قيمة على أرض الواقع، وكان الغرض منه شحن الشعب لاستخدام السلاح ضد النظام، وعندما استخدم الشعب ما لديه من أسلحة خفيفة في مواجهة النظام، لم يأته الدعم الذي كان يطمح إليه.
وأنا شخصياً كنت ضد تسليح الثورة؛ لأن تسليح الثوار يحتاج إلى دعم دول وحكومات، وعندما تقوم دولة ما بتسليح الثوار، فهذا يعني أن قرار الثوار واستقلاليته خرج من أيديهم، وأصبح في يد الدولة أو الدول التي توفر السلاح والدعم بكافة أنواعه؛ لذا أعلن أن تسليح الثورة وعسكرتها كان قراراً خاطئاً، وفي الوقت نفسه كان قراراً لا بد منه.
هل نسمّي ما يحدث في سورية «حرباً بالوكالة»؟
– بلا شك هي تصفيات دولية تتم على الأراضي السورية، فالبداية كانت حرباً بين شعب ونظام مستبد، ثم تحولت إلى حروب إقليمية، وتصفية حسابات بين بعض الدول، والضحية هو الشعب السوري، الذي لا يأبه له أحد، وفي الوقت الحالي لا توجد مجابهة بين الشعب والنظام، فالروس -على سبيل المثال- عندما يكونون في حاجة إلى شيء ما يقومون بقصف الشعب السوري الأعزل، والنظام عندما يريد أن يضغط على إحدى الدول لغرض ما يقوم بقصف الشعب السوري، وفي النهاية الشعب السوري يموت من أجل تصفية الحسابات وتحقيق مصالح الدول الأخرى.
الآن، هل تؤيدين الحل العسكري في سورية؟
– إذا كان الحل العسكري يقضي على النظام السوري نرحب به؛ لأن عشر سنوات من المفاوضات لم يتحقق من ورائها أي شيء، غير المزيد من الدمار والتهجير والقتل.
ما دور المنظمات الدولية الإنسانية في سورية؟
– في اعتقادي أن المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة لم تقدم شيئاً يُذكر للشعب السوري، أو بمعنى أصح لم تقدم الشيء الذي يطمح إليه الشعب، وأكثر من ذلك الأمم المتحدة تتعامل مع منظمات سورية تابعة لـ”أسماء الأسد”.
كيف كان دور دولة الكويت في دعم القضية السورية من خلال المؤتمرات الثلاثة التي عقدت على أراضيها؟
– هذه أول زيارة أقوم بها لدولة الكويت، لكنني شعرت فيها بأن الشعب الكويتي هو أكثر شعب يدعم القضية السورية، وأنها ما زالت حية في وجدانهم، لدرجة لم أتوقعها، وبقية الشعوب العربية بعد مضي 9 سنوات أصبحت الأمور عندهم ضبابية وغير واضحة، والإعلام يمارس دوراً لا يُستهان به في تغذية هذا المفهوم، خصوصاً عندما يتم التطرق إلى «داعش»، وأصبح «داعش» السوري يتشابه في نظر المواطن العربي مع «داعش» العراقي والليبي والجزائري.. وغيره، وكأن ما يحدث في سورية فقط محاربة إرهاب «داعش»، أما ما يجري للشعب السوري من مآسٍ ومعاناة يومية يكاد لا يشعر بها إلا الشعب الكويتي، ولا يجد المرء منا صعوبة أن يشرح قضية الشعب السوري للمواطن الكويتي؛ لأنه يتفهمها تماماً.
هل هذا يرجع إلى مناخ الحرية الذي تتمتع به دولة الكويت؟
– نعم هذا صحيح، ولهذا تصدَّر الشعب الكويتي بقية الشعوب العربية من حيث الوعي السياسي، والحرية والديمقراطية، فضلاً عن المساعدات الكبيرة التي تقدمها الكويت حكومة وشعباً، وهي تفوق مساعدات كثير من الدول، ونحن نعلم أن للكويت فرقاً تطوعية تُعدُّ بالمئات منتشرة في كثير من دول النزاعات والأزمات لمساعدة الشعوب المنكوبة، ونعلم أن هذه الفرق التطوعية وكذلك المؤسسات الخيرية الكويتية تضع سورية على رأس القائمة.
كذلك لا نتجاهل جهود الحكومة الكويتية في تهدئة الأوضاع السورية، ولكن في ظل عدم وجود إرادة دولية، وخصوصاً من الدول الكبرى مثل روسيا وأمريكا، لن تنتهي المشكلة من وجهة نظري.
كيف نشأت منظمة «بصمات من أجل التنمية»؟ وما أهدافها؟
– تأسست منظمة «بصمات» عام 2014م في لبنان، وتعمل على تعليم الأطفال اللاجئين، وتمكين وتدريب النساء السوريات اللاجئات، ولدينا مركز في لبنان، ومدرسة يدرس فيها نحو 1200 طالب وطالبة، وقمنا بتوسيع نشاطنا ومشاريعنا في الشمال السوري، ولدينا مشاريع تدريبية في تركيا، وبحمد الله تعالى نتلقى الدعم من جهات كويتية متعددة، من خلال الفرق التطوعية الكويتية التي تأتي إلى لبنان وتقوم بتقديم المساعدات للاجئين السوريين، حيث كانت تلك الفرق محط إعجاب الجميع، خصوصاً ما تقوم به من أعمال إنسانية في مخيمات اللاجئين.
هل يوجد اعتراف دولي بالمنظمة؟
– لدينا تراخيص في لبنان وتركيا وكندا وفرنسا، ولدينا تزكية دولية من السفارة الفرنسية وأخرى من الخارجية الأمريكية، ونعمل على أن يكون لدينا ترخيص وتزكية من السفارة الكويتية في تركيا.
ما الذي قدَّمته تركيا للشعب السوري؟
– قدمت تركيا مساعدات كبيرة للشعب السوري، ويكفي أن نحو 6 ملايين سوري موجودون على الأراضي التركية، وتم تجنيس الكثير منهم، وتوفير فرص عمل كثيرة، وما تفعله تركيا تجاه الشعب السوري لم تقدمه أي دولة أخرى، ولا حتى الدول الأوروبية مجتمعة، فلا يوجد سوريون على أراضي الدول الأوروبية إلا بأعداد قليلة، باستثناء ألمانيا، هذا على المستوى الإنساني.
وعلى المستوى السياسي، كنتُ معتقلة في سجون النظام السوري، وخرجت في صفقة تبادل برعاية الحكومة التركية، وهي أكثر من اشتغلت على موضوع المبادلات والتسويات السياسية ما بين المعتقلين والنظام السوري، فتركيا كان لها دور كبير في حلحلة ملف المعتقلين بسورية.
وعلى مستوى الثورة، لو كان الأمر بيد تركيا فقط لأسقطت نظام بشار الأسد، ولكنَّ هناك دولاً أكبر من تركيا تدعم الأسد، ولن تسمح بسقوطه؛ لذا تتعرض تركيا لضغوط كبيرة من جانب تلك الدول، وهي ترغب أيضاً في الحفاظ على أمنها ومصالحها، فهي بالفعل تساعدنا ولكن بالقدر الذي لا يعرّض مصالحها للأذى، لأنها لا تستطيع بمفردها مجابهة الدول الكبرى، التي تدعم بقاء النظام السوري في الحكم، ومع ذلك تظل تركيا هي المتنفس الوحيد للشعب السوري.
ماذا عن تجربة الاعتقال التي مررتِ بها؟
– الكل يعلم مدى الظلم الذي يقع على المعتقل في السجون السورية، فأنا كنت معتقلة في المخابرات الجوية، بقيادة جميل حسن، ومكثت في هذا المعتقل 7 أشهر، على خلفية نشاطي السلمي، وتم اعتقالي أنا وزوجي وأولادي، الذين كانت تتراوح أعمارهم بين عامين ونصف عام وثمانية أعوام، وعُذبت بكل أنواع التعذيب، وتم اختفائي بشكل كامل؛ لأن الاعتقال في سورية اختفاء قسري، وليس اعتقالاً رسمياً في سجون رسمية نظامية، واستشهد زوجي في المعتقل، وخرجتُ على خلفية مبادلة، وأولادي الآن في السويد.
فضلاً عن التعذيب اليومي، كانت ظروف الاعتقال سيئة، حيث يتم وضع 20 معتقلاً في زنزانة (مساحتها 4 أمتار مربعة!) تحت الأرض بطابقين، فلا يوجد نوم، بل كنا نتناوب على الجلوس والوقوف، وقد تعرضنا للجرب والأمراض والأوبئة المختلفة، لدرجة أنني في 7 أشهر لم أتحمم إلا مرتين فقط، غير ما تسمعه من أنين وصراخ المعذّبين من الشباب والأطفال على مدار 24 ساعة، فالمعتقلات السورية كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، ولا أتخيل أنه يوجد شبيه في العالم للسجون السورية، والجميع يعلم بما كان يحدث في سجن تدمر أثناء أحداث حماة في الثمانينيات، وكل السجون السورية واحدة من حيث البطش والتعذيب والتنكيل بالمعتقلين.
فحتى دمشق العاصمة لا تخلو من السجون تحت الأرض، وهي مليئة بالمعتقلين الذين يذوقون شتى أنواع العذاب.
والمعتقلات السورية يوجد بها رجال ونساء وأطفال وشباب وشيوخ ونساء حوامل، ونساء مع أطفالها، وهذه قضية إنسانية بحتة، لم يتحرك الضمير الإنساني العالمي من أجل حلها بالضغط على النظام، مع أن هذا الملف ليس له علاقة بالسياسة، والدولة الوحيدة التي تسعى لحل هذا الملف هي تركيا.
أنا خرجت من المعتقل في صفقة تبادل خاصة بالمختطفين من الحرس الثوري الإيراني، ومع أن الاختطاف جريمة دولية يحاسب عليها القانون الدولي، لكن ليس أمامنا من سبيل إلا الاختطاف حتى تتم عمليات المبادلة بين المعتقلين في سجون النظام والمخطوفين الذين يتم اختطافهم، وأسوأ ملف لدينا منذ قيام الثورة السورية هو ملف المعتقلين في سجون النظام.
تضم المدرسة التي نشرف عليها 1200 طالب، من بينهم 300 طالب لآباء مختطفين منذ 6 سنوات، ولا يدري عنهم أحد إن كان في الأحياء أو الأموات.
يوجد في سجون النظام السوري 13500 امرأة، وما يزيد على 300 ألف من الرجال، جزء كبير منهم استشهد؛ نظراً للأوضاع المأساوية في تلك المعتقلات، والذي لا يموت تحت التعذيب يموت خنقاً، كون السجون تحت الأرض، فلا هواء ولا ضوء شمس، ولا غذاء كافياً، فضلاً عن انتهاك الحُرمات والخصوصيات، والاغتصابات، وأنا على سبيل المثال نُزع حجابي أكثر من مرة، والكلام يطول فيما يحدث في تلك المعتقلات.
في النهاية، هل نستطيع القول: إن الثورة السورية توقفت وانتهت؟
– سنظل صامدين ثائرين إلى أن يشاء الله تعالى، ولن نستسلم أبداً، فالقضية قضيتنا حتى الممات، وهي بين الحق والباطل، وما دامت الدنيا موجودة، سيظل الصراع بين الحق والباطل قائماً إلى قيام الساعة، ورسالتنا نحن كمسلمين هي نصر المظلوم والقصاص من الظالم.