أكد د. محمد صالح، وكيل كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة، أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم من أصحاب الابتلاءات التي يؤجر أصحابها من الله سبحانه وتعالى، ويكون جزاؤها الجنة لمن صبر وتحمل قسوة هذا الابتلاء، وكما يقول العلماء، فإن الله تعالى قد وعد الصابرين على الابتلاء في محكم كتابه أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10).
جاء ذلك في كلمته أمام المؤتمر الذي عقدته كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة ومركز تكنولوجيا المعلومات لذوي الاحتياجات الخاصة بالكلية بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي بعنوان “الذكاء الاصطناعي وتمكين ذوي الإعاقة”، بحضور أكاديميين وخبراء وإعلاميين وعدد من ذوي الإعاقات وذويهم.
وتابع قائلاً: وفي الصحيح عن صُهيب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتْه سراء شَكَر فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضراء صبر فكان خيرًا له”.
والمقصود بالابتلاء المصائب المكفِّرة، إذا قُوبِلت بالصبر؛ كما في الحديث: “إنَّ عِظم الجزاءِ من عِظمِ البلاء، وإنَّ الله عز وجلَّ إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَن رَضِي فله الرضا، ومَنْ سَخِط فله السُّخْط”، ومن فضل الصبر على المصائب أنها تطهر المبتلى من الذنوب والخطايا فيلقى الله تعالى نقيًّا، فهو بمثابة منحةٌ من الله سبحانه يمنحُها لعباده؛ لأن فيها الخيرَ الكثير.
وتحدثت صفاء طه عبداللطيف، الطالبة بالمرحلة الثانوية، عن تجربتها في تحدي إعاقتها الحركية، فقد ولدت بلا ذراعين، ونتيجة جهودها الاجتماعية والتأليف منحتها دوائر السلام العالمية في سويسرا وفرنسا لقب “سفيرة السلام العالمي للشباب لعام” عام 2015، وهو لقب يعطي للأشخاص الذين يؤثرون في المجتمع من خلال أقوالهم وأعمالهم وكتاباتهم ولقاءاتهم وينشرون السلام والأخوة ويحافظون علي البيئة.
نموذج فريد لتحدي الإعاقة
وتروي صفاء ظروفها مع الإعاقة قائلة: أتعلم وأؤدي الاختبارات الخاصة بالمدرسة عبر “اللابتوب”، وقد كنت أرسم بقدمي من قبل، وشاركت في معارض ومسابقات عديدة، وأكتب القصص القصيرة وحصلت على جوائز متعددة في الكتابة، كما نشر لي المجلس القومي لثقافة الطفل في عام 2017 كتاباً صغيراً أسميته “قصتي” وهو موجه للأطفال من سن 8-12 سنة أتكلم فيه عن مشواري وتحدياتي وكيف تخطيت الصعاب والمشكلات التي قابلتها.
ووجهت الشكر لكلية الحسابات والذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة ود. أبو العلا عطيفي، الأستاذ بالكلية، مشيرة إلى أنها تعلمت أكواد لغة البرمجة ولغة البايثون على يد المتطوعين في مركز تكنولوجيا المعلومات لذوي الاحتياجات الخاصة بالكلية.
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي انتقل في عام 2018 من مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمي ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية ابتداء من مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على التنقل في المدن وتجنب زحمة المرور واستخدام مساعدين تكنولوجيين لمساعدتهم علي قضاء حوائجهم.
واستشهدت بمقولة لوكاس جوبا، رئيس برنامج الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، أن الذكاء الاصطناعي من خلال أجهزة الحاسوب يعتمد عليه الآن ذوو الإعاقة للسماع والرؤية والتحليل والتحويل الفوري للكلام إلى نص ليقرأه الصم فاقدو حاسة السمع وخدمات أخرى مهمة للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية والسمعية والحركية والإدراكية والمهاراتية، فضلاً عن الحالات التي تعاني أمراضاً عقلية لتحقق لهم التوظيف والانخراط والتكيف مع المجتمع والتواصل مع من حولهم والاستقلالية والإنتاجية.
وقال د. خالد حنفي، النائب بالبرلمان: إن سبب معاناة المعاقين في مصر -الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 10 ملايين معاق- هو عدم صدور اللائحة التنفيذية لقانون ذوي الإعاقة الذي يوفر لهم عدداً من الخدمات والتيسيرات والتخفيضات في وسائل المواصلات ونسبة 5% من الوظائف تلتزم أجهزة الدولة بتقديمها، ولفت الانتباه إلى أنه قدم عدداً من الاستجوابات حول هذا الموضوع بدون فائدة.
مطلوب قاعدة بيانات للمعاقين
وأوضح د. خالد أن كل ما تحقق للمعاقين هو صدور نصف مليون بطاقة خدمات تتيح لهم معاش التكافل والكرامة والخدمات الأخرى، معرباً عن أسفه من أن وزارة الصحة المنوط بها عمل قاعدة بيانات للمعاقين في مصر تمهيداً لمنحهم بطاقات الخدمات والتيسيرات لم تقم حتى الآن بعمل تلك القاعدة.
وأضاف قائلاً: قدمت عدداً من الاستجوابات وطلبات الإحاطة لتنفيذ قاعدة البيانات للمعاقين في مصر وسرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون ذوي الاحتياجات بدون أن أجد أي استجابة، بل كان رد الفعل هو منعي من الظهور على عدد من القنوات الفضائية بسبب نقدي للحكومة، كما أن القرارات التي اتخذها بعض المسؤولين لم يتم تنفيذها.
وبالنسبة للإنجازات التكنولوجية التي تحققت للمعاقين، أوضح أنه تم إنتاج سيارات ذاتية القيادة للمكفوفين يتم توجيهها من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهناك تطبيقات على الهواتف الآندرويد والآيفون والآي باد للمكفوفين تتيح لهم إمكانية التعرف الفوري على النص المكتوب على شاشة التليفون صوتياً، والتعرف على الكائنات المحيطة بهم، ويحدد لهم مكان وجودها بل والتعرف على النقود وكارت الشحن.
وأشار إلى أن مشكلة تلك التقنيات والمنتجات أنها بالإنجليزية، وتحتاج لمن يقوم بترجمتها وتعريبها ليستفيد منها المكفوفون العرب، وتوفيرها بسعر مناسب للمعاقين من محدودي الدخل، لافتاً إلى أنه تم وضع إستراتيجية لتعامل البنوك مع ذوي الإعاقة، وبدأت بعض هذه البنوك تطبيق ماكينات الصراف الآلي الناطقة للمكفوفين.
التسوق الإلكتروني
وقال د. نور الدين محمود، الأستاذ بكلية الحاسبات بجامعة القاهرة: إن الذكاء الاصطناعي يعمل على محاكاة حواس الإنسان مثل التفكير والرؤية والآلة التي تعين الإنسان على إنجاز أعماله، ويحاكي حواس الإنسان لمساعدة ذوي الاحتياجات على التواصل مع ذويهم، والاندماج في المجتمع، وتقليل الاعتماد على الآخرين والحركة عن طريق العربات ذاتية القيادة وإرسال إنذارات بمشكلات صحية لدى المعاق للمقربين منه لإنقاذه وترجمة رغباته إلى أصوات.
وأوضح د. أبو العلا عطيفي حسنين، الأستاذ بكلية الحاسبات جامعة القاهرة، أن إنتاج تلك التطبيقات محلياً وترجمتها للغة العربية لتكون متاحة وبأسعار مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة يعد مطلباً ملحاً ينبغي أن تضطلع به الجامعات المصرية والجهات الحكومية المختصة إلى جانب ضرورة وجود ميثاق شرف أخلاقي تلتزم به الدولة والمجتمع تجاه المعاقين.
ومن جانبه، طالب د. عادل حسين، خبير التكنولوجيا الرقمية، بضرورة تعريف المجتمع بآليات التسويق الدولي للسلع والخدمات عبر الإنترنت والموبايل الذي يمكن أن يوفر للمعاقين فرص عمل ومصدراً للدخل من خلال تسويق السلع وكتابة وتسويق المقالات وتصميم المواقع الإلكترونية، وعمل صفحات على “فيسبوك” وبيعها وهم جالسون في منازلهم.
وأوضح أن له قناة باسم د. عادل حسين على “يوتيوب” توضح للناس “كيف يربحون من الإنترنت؟” من خلال التسويق الإلكتروني، مؤكداً ضرورة عقد دورات تدريبية للمعاقين للاستفادة من هذه الوسيلة لتكون معيناً لهم على التكسب وتوفير متطلبات الحياة ليصبحوا قوة منتجة وفاعلة رغم إعاقتهم.