أنهى رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي مهمة تشكيل حكومته وتقديم برنامجها للبرلمان العراقي، قبل انقضاء المهلة الدستورية الممنوحة له التي تنتهي في 17 أبريل الجاري.
الزرفي أعلن، أول أمس السبت، أنه أكمل تشكيلته الحكومية، وأنه بانتظار تحديد مجلس النواب (البرلمان) موعداً لعقد جلسة التصويت عليها، ووصف تشكيلته بأنها تتكون “من أصحاب الكفاءات من داخل العراق”.
في هذه الأثناء، أصدرت 8 فصائل في الحشد الشعبي بياناً مشتركاً هو الأول من نوعه، أعلنت فيه رفضها لما وصفته بـ”مرشح الاستخبارات الأمريكية”، وهو ما شكل تصعيداً خطيراً من قبل الفصائل الموالية لإيران، بعد أيام من زيارة أجراها رئيس فيلق القدس الجديد إسماعيل قاآني إلى بغداد، في أول اختبار له لمعرفة ما إذا كان سينجح في توحيد الموقف الشيعي مثلما كان يفعل سلفه قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة الأمريكية.
صداع إيراني
يعتبر الخلاف بين الأحزاب الشيعية العراقية حول اختيار رئيس وزراء جديد، هو الأول منذ غياب سليماني، وهو الأشد بين هذه الأطراف بسبب تشتت البيت الشيعي بعد انتخابات عام 2018، التي لم تتمخض عن جهة ذات أغلبية مريحة قادرة على التحكم بالمشهد العراقي.
وتخشى القيادة الإيرانية من أن تؤدي الخلافات الشيعية الشيعية إلى وصول رئيس وزراء للحكم من خارج دائرة تأثيرها؛ ما يعني خسارتها المكاسب التي تحققت لها منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003، لذلك أوفدت طهران، الأسبوع الماضي، رئيس فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى بغداد، سعياً لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية الشيعية.
زيارة قائد فيلق القدس أحيطت بسرية شديدة، حيث اكتفى الجانب العراقي بالإشارة إلى وصول وفد إيراني، دون إيضاح الشخصيات التي يتشكل منها الوفد، فيما لم تعلن طهران أي معلومات عن هذا النشاط الدبلوماسي.
ورغم التكتم الذي حظيت به الزيارة، فإن المعلومات حولها سرعان ما تسربت عبر وسائل الإعلام العالمية، حيث كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، عن نبأ وصول قاآني إلى بغداد، مساء الإثنين 30 مارس الماضي.
وأشارت الوكالة إلى أن قائد فيلق القدس الجديد غادر مطار بغداد فور وصوله تحت حراسة مشددة في موكب من ثلاث سيارات، مشككة بقدرته على التوصل لتوافق في المشهد السياسي العراقي المنقسم بشكل حاد، بسبب ضعف لغته العربية، وافتقاره للعلاقات الشخصية مع الرموز المهمة.
جلسة متعثرة
عقد جلسة مناقشة برنامج الزرفي الحكومي، والتصويت على تشكيلته الوزارية من قبل البرلمان العراقي أمر متعثر هذه الأيام، بسبب ظروف أزمة انتشار فيروس كورونا وعزل المحافظات العراقية عن بعضها، وقد يستغرق انعقاد البرلمان عدة أيام أو ربما أسابيع.
مقررة البرلمان خديجة علي لم تحدد موعداً للجلسة المرتقبة، واكتفت بالقول: إن هيئة رئاسة البرلمان ستحدد الموعد لاحقاً.
ووصفت في تصريح صحفي البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء المكلف بأنه مختلف عن البرامج السابقة للحكومات الماضية.
ويتطلب تمرير الحكومة الجديدة، وفقاً للدستور العراقي، أغلبية النصف زائد واحد، بمعنى أن رئيس الوزراء المكلف، سيحتاج إلى 166 نائباً من أصل 329 نائباً، هو مجموع مقاعد البرلمان العراقي.
وبحسب متابعة “المجتمع”، فإن الكتل التي أعلنت رفضها ترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء هي: تحالف “الفتح” بقيادة هادي العامري الذي يمثل الحشد الشعبي، إلى جانب كتل “ائتلاف دولة القانون”، و”بدر”، و”عطاء”، و”صادقون”، و”إرادة”، و”سند”، و”الفضيلة”، ويبلغ مجموع مقاعد هذه الكتل في البرلمان 100 مقعد.
ويدعم ترشح الزرفي الكتل السُّنية ولها 70 مقعداً، والكردية ولها 60 مقعداً، إلى جانب تحالف “سائرون” 54 مقعداً، و”تيار الحكمة” 19 مقعداً، وتحالف “النصر” 30 مقعداً، وهو ما يعني أن احتمالات تمرير حكومة الزرفي كبيرة.
وأكد الصحفي العراقي فارس سنجاري أن كتل المكون التركماني، وكتل الأقليات المسيحية واليزيدية، ستؤيد الزرفي بعد أن تفاوض معها وأجرى محادثات مع قياداتها السياسية والدينية، وهو ما يرفع حظوظه بتمرير تشكيلته الحكومية.
سنجاري الذي يعمل في أروقة البرلمان العراقي، قال لـ”المجتمع”: إن هناك معلومات مسربة تشير إلى احتمال تصويت نواب من الكتل الشيعية لصالح الزرفي، بسبب الخلافات الداخلية وعدم قدرة قادة الكتل الشيعية على تجاوز خلافاتهم البينية.
وأضاف أن المعلومات التي يتم تداولها في البيت الشيعي تشير إلى أن خلافات قادة الكتل تدور حول مصالح شخصية، وهو ما اعتبر من قبل قاعدة شعبية عريضة تؤيد هذه الكتل، شكلاً من أشكال الفساد الذي قاد إلى احتجاجات عارمة في الشارع الشيعي منذ نهاية العام الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن كتلة تحالف “الفتح”، التي تعتبر الذراع السياسية للحشد الشعبي، وجهت كتاباً إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، طالبته فيها بسحب المرسوم الخاص بتكليف الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة.
واستندت في طلبها إلى قرار محكمة التمييز، الذي قضى ببطلان القرارات الصادرة عن المحكمة الاتحادية التي اعتبرت تكليف الزرفي دستورياً من قبل رئيس الجمهورية.