يبدو أن معلمة سابقة للغة الإنجليزية بالغة من العمر 37 عامًا وليس لديها خبرة سياسية ستدخل تحديًا محتملًا لديكتاتور روسيا البيضاء الزعيم الوحيد لها منذ أكثر من ربع قرن.
وقد توحدت مختلف فصائل المعارضة وراء ترشيح سفياتلانا تسيخانوسكايا وجذبت عشرات الآلاف من المؤيدين إلى مسيرات مؤيدة لها قبل الانتخابات الرئاسية يوم الأحد القادم.
تقول تسيخانوسكايا إن الحشود المؤيدة لها والمتمثلة في أكبر المظاهرات التي شهدتها روسيا البيضاء منذ استقلالها في عام 1991 – تعكس توقًا يائسًا إلى التحول عن حكم الرئيس ألكسندر لوكاشينكو المستمر منذ 26 عامًا.
وفي مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، تصف تسيخانوسكايا نفسها بأنها “رمز للتغيير”.
تقول تسيخانوسكايا: “الناس لا يرونني كسياسة بارعة تكافح من أجل السلطة، ولكنهم يرونني مجرد شخص عادي مثلهم – يحبونه”. “وهم يفهمون أنني لا أريد أي شيء لنفسي.”
وقد اجتذب تجمعا مؤيدا لها قبل بضعة أيام في بريست على الحدود مع بولندا أكثر من 20 ألف شخص، وهو استعراض ضخم بالنسبة لمدينة لم تشهد أبدًا احتجاجات سياسية كبيرة. وقبل ذلك بأيام قليلة، اجتذب تجمع مؤيد لتسيخانوسكايا في العاصمة مينسك أكثر من 60 ألف شخص. وقد كان هذا أكبر تجمع للمعارضة في بيلاروسيا منذ المسيرات في الأشهر التي سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وقالت تسيخانوسكايا للحشد المتحمس في بريست: “لقد سئمت من التحلي بالصبر والصمت، وسئمت من الخوف”.
كان لوكاشينكو، 65 عامًا، مديرا لمزرعة في الدولة السوفيتية قبل أن يصبح أول رئيس لبيلاروسيا في عام 1994. ومنذ ذلك الحين قام بقمع وسائل الإعلام المعارضة والمستقلة في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 9.5 مليون نسمة، وهو صاحب لقب “ديكتاتور أوروبا الأخير”.
لكن لوكاشينكو في هذه المرة، يبدو أنه قد خسر شجاعته حيث يبدو متوتراً بشكل متزايد في مواجهة مسيرات المعارضة. فقد قام باعتقال أكثر من 1000 شخص لمشاركتهم في الاحتجاجات منذ بدء الحملة.
وقد أدت التداعيات الاقتصادية المؤلمة الناجمة عن جائحة كورونا واستجابة الحكومة الفاشلة لها إلى تآكل مكانة لوكاشينكو.
وقد رفض لوكاشينكو تطبيق إجراءات الإغلاق ورفض الاعتراف بفيروس كورونا معتبرا أنه “ذهاني” حتى اعترف هو نفسه الشهر الماضي بأنه أصيب لكنه شفي بسرعة.
وقد قالت تسيخانوسكايا إن نصيحة لوكاشينكو للبيلاروسيين بأن يحموا أنفسهم من الفيروس باستخدام جرعة يومية من الفودكا كانت بمثابة “بصاق في الوجه”.
وأخبرت وكالة أسوشييتد برس أن اعتقال زوجها هذا العام، وهو مدون شعبي معارض كان يطمح في الترشح للرئاسة بنفسه، لم يترك لها أي خيار سوى الدخول في السياسة.
“نحن مقموعون منذ أكثر من 20 عامًا نعيش خائفين طوال ذلك الوقت ولا يجرؤ أحد على قول كلمة واحدة”. “ولكن تمكني من التغلب على خوفي، قد يشجع الجميع.”
وظل زوجها سيارهي تسيخانوسكي في السجن منذ اعتقاله في مايو بتهمة مهاجمة ضابط شرطة. وقد وصف التهمة بأنها مستفزة.
وفي الأسبوع الماضي، فتحت السلطات البيلاروسية تحقيقاً جديداً ضد زوج تسيخانوسكايا بتهمة التخطيط لشن “أعمال شغب جماعية” مع 33 مقاولاً أمنياً روسياً اعتقلوا يوم الأربعاء الماضي. ورفضت روسيا الاتهامات قائلة إن الرجال كانوا في طريقهم إلى بلد آخر.
ورفضت تسيخانوسكايا الاتهامات الموجهة إلى زوجها ووصفتها بأنها خدعة. وقالت: “ليس له علاقة بذلك، والناس يدركون ذلك جيدا”.
وتقول تسيخانوسكايا إنها إذا فازت، فسوف تفرج عن جميع السجناء السياسيين، وتأمر بإجراء استفتاء دستوري من شأنه أن يحد من عدد الفترات الرئاسية وتقوم بإدخال تغييرات ديمقراطية أخرى. وتعهدت بالتنحي بعد ستة أشهر لإجراء انتخابات رئاسية جديدة وحرة.
وقالت أيضا إنها ستعمل على التخلص من “معاهدة الاتحاد” التي تنص على علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية وثيقة مع روسيا. ويرى الكثيرون في المعارضة البيلاروسية أن ذلك يمثل تهديدًا لاستقلال البلاد.
وقد اعتمد لوكاشينكو على الإعانات والقروض الروسية للحفاظ على اقتصاد بيلاروسيا كما كان في الحقبة السوفيتية. واستنكر ارتفاع أسعار الطاقة الروسية هذا العام كجزء من ضغوط الكرملين على روسيا البيضاء للتخلي عن استقلالها، وأشار إلى اعتقال 33 مقاولًا أمنيًا روسيًا كعلامة على خطط موسكو التخريبية.
ووصف مراقبون غربيون الانتخابات الرئاسية السابقة في بيلاروسيا بأنها كانت مزورة لإبقاء لوكاشينكو في منصبه.
وكانت تسيخانوسكايا قد برزت كشخصية وحدت المعارضة بعد أن رفض مسؤولو الانتخابات تسجيل اثنين آخرين من المرشحين المحتملين للراسة اعتبروا أقوى المنافسين المحتملين للوكاشينكو.
أحدهم، فيكتور باباريكو، رئيس بنك كبير تسيطر عليه روسيا، سجن في مايو بتهمة غسيل الأموال والتهرب من الضرائب التي رفضها معتبرا أنها إتاوة سياسية. وفر آخر، وهو فاليري تسيبكالو، إلى روسيا مع أطفاله الشهر الماضي بعد تلقي تلميح يفيد بأن اعتقاله وشيك وأن السلطات مستعدة لتجريده من حقوق الوالدية.
وقد تعاونت تسيخانوسكايا مع زوجة تسيبكالو، التي بقيت في بيلاروسيا، ومدير حملة باباريكو لإدارة حملة نشطة. وينظر على نطاق واسع إلى ثلاثة متنافسين آخرين على الاقتراع كمرشحين رمزيين.
وقالت تسيخانوسكايا إنها اضطرت إلى إرسال ابنها البالغ من العمر 10 سنوات وابنته البالغة من العمر 5 سنوات إلى بلد أوروبي لم تذكر اسمه بعد تلقي تهديدات. : “تلقيت مكالمة هاتفية: سنضعك خلف القضبان ونضع أطفالك في دار للأيتام”. “ولذلك كنت مترددةً وعلى وشك التنحي.”
وأضافت إنه كان قرارًا معذبًا: “لكنني اتخذت هذا الخيار” لمواصلة الكفاح. “يجب أن يكون هناك رمز للحرية.”
——————————-
Associated Press