لا يكاد يخرج من السجن ثم يعود إليه، وبعد تحرره تكون الاقتحامات لمنزله والاستدعاءات الأمنية، التي يتخللها الوعيد والتهديد بالاعتقال.
الشيخ حسن يوسف “65 عاما” من مدينة البيرة القيادي في حركة “حماس” والنائب في المجلس التشريعي، يعود للاعتقال مرة ثانية بعد شهرين من الإفراج عنه من اعتقال إداري بدون تهمة.
زملاء الأسر وصفوه بالقائد الذي لا يستريح من عناء الاعتقال والملاحقة، فهو صاحب تجربة اعتقالية طويلة امتدت إلى أكثر من 22 عاما ذاق عذاب الإبعاد إلى مرج الزهور، وفي محطة الإفراج الأخيرة كان منزله، محطة لقاء مع كل ممثلي الفصائل وقيادات حركة “فتح” واعضاء اللجنة المركزية للحركة في صورة عكست مظاهر الوحدة من جديد والتي غابت منذ بداية الانقسام.
قبل اعتقاله أكد المعتقل القيادي حسن يوسف قائلا: “ضباط المخابرات هددوني بالاعتقال وعدم السماح بنجاح المصالحة والمشاركة فيها”.
حالة فلسطينية فريدة
المحرر الكاتب والأديب وليد الهودلي يقول لـ”المجتمع”: “الشيخ حسن يوسف عكس حالة فلسطينية فريدة من نوعها، فهو لا يكل ولا يمل في مقارعة الاحتلال، فمحطة الإفراج الأخيرة اغاظت الاحتلال، عندما كانت التهنئة للشيخ حسن يوسف من كل المواقع التنظيمية والفصائلية، والتي أكدت على ضرورة المصالحة والوحدة وانتقال المصالحة إلى مربع الواقع الميداني، ومقولة الشيخ حسن يوسف أعطينا التعليمات للقواعد بالمضي في المصالحة”.
وأضاف: “الشيخ حسن يوسف نموذج للوحدة وهو يسعى دوما لتحقيقها ي كل المواقع سواء كان خرج الأسر او داخله ، فهو صمام امان للوحدة الوطنية الحقيقية”.
محاولة كسر إرادة
ويقول المحرر ماجد حسن من رام الله الذي أمضى في السجون قرابة العشر سنوات وعاشر الشيخ حسن يوسف: “منذ اواخر ثمانينيات القرن الماضي، والاحتلال الغاشم الظالم يحاول كسر إرادة هذا الرجل بكل ما أُوتي من امكانيات ووسائل ولا زال، ولكن يبدو ان الاحتلال والى الان لم يعرف طبيعة هذا الرجل وقدرته على الصمود والتحدي والإصرار على المضي في طريقه الذي اختاره لنفسه، وان إرادته لا يمكن كسرها، نعم “حسن يوسف ” بشر، له مشاعره وله أحاسيس، وهو يحب ان يعيش حياة مستقرة مع اسرته وذويه شأنه شأن باقي البشر، ولا يحب ان يكون نزيل السجون يخرج منها شهرا او شهرين ليعود اليها ماكثا السنة والسنتين، ولكن اذا تم مقايضة ذلك بثنيه عن طريق التضحية والعطاء والفداء، طريق الحرية والعزة والكرامة، فإنه وبلا ادنى شك، سيختار طريق ذات الشوكة”.
امتطا صهوة العز
ويذكر المحرر صالح شنار من بلدة كفر الديك قضاء سلفيت: “في تاريخ القضية الفلسطينية انهارت قيادات وتنظيمات ودول ومبادئ تغيرت من قبل قادة،ضعفت نفوسهم وأصبحت القضية تجارب ووجهات نظر،وبقي هذا الجبل يدخل ويخرج،م ن سجون الظلم شامخاً لا يمل، امتطا صهوة العز والشموخ لم يتعب ولم يهزم ولم ييأس بوعد الله انه الشيخ حسن يوسف ثبته الله”.
اما القيادي المحرر خالد الحاج من جنين فيقول: “يا صاحب الهمة والعزيمة، الله بقوته معك، فأنت صاحب القول الفصل مع الاحتلال والمودة مع ابناء شعبك بكل مشاربهم، والكل يكن لك الاحترام والتقدير “.
صاحب همّة وعزيمة
الكاتب ساري عرابي من رام الله يقول: “عرفته أستاذًا في المدرسة الشرعية، درّسني من الصفّ السابع وحتى التوجيهي، والتقيته في السجن أكثر من مرّة، منها مرّة ، في العام 1998، عشنا فيها في غرفة واحدة، غرفة رقم 9، في قسم الغرف القديم في سجن “مجدّو”، واعتقلنا معًا في حملة اعتقالات العام 2005 التي سبقت الانتخابات التشريعية بوقت وجيز، وعملت معه في مكتب واحد سنة كاملة، ويمكنني أن أقول بعد ذلك، إنني من أعرف الناس بالشيخ، من جوانبه كلّها، الظاهرة والباطنة، الشخصية الإنسانية، والعملية الحركية، وما بينهما من اتصال”.
ويضيف: “ما يمكن قوله بعد ذلك كثير، لكن ممّا يقال الآن، إنّني لا أظنّ وجود أحد، عندنا في فلسطين، وفي ساحة الضفةّ خصوصًا، في همّته وعزيمته والإصرار على هذا العمل، ومن رصد هذه الساحة، وعايش أحداثها، والتصق بأوضاعها، يدرك عمق الأثر وسعته الذي يحدثه وجود الشيخ خارج السجن، ولا أحسب أحدًا يملك ما يملكه من انتماء عميق لهذا المشروع والفكرة والحركة”.
ويتابع قائلا: “حتّى يبدو لي أنّ معنى وجود الشيخ واستمراره ووعيه بكينونته مرتبط بهذا المشروع، فلا يكلّ ولا يكفّ، مع أنّ كثيرًا من محبيه، شفقة عليه، ومحبة له، يرجون لو أنّه يرتاح قليلاً، أو يختطّ مسارًا آخر للعمل، كالدعوة التي بدأ منها، خريجًا من كليّة الدعوة وأصول الدين، وإمامًا لمسجد، ومعلّمًا للقرآن، وخطيبًا جاذبًا، بصوته الجميل في التلاوة وخطابته الأخّاذة، أو يتفرغ للعمل الاجتماعي، وهو دور يقوم به بداهة في إطار حركته النشطة، لكنّه وبالرغم من كل المحن التي استهدفت اقتلاعه ظلّ مصرًا على هذا النموذج الذي يقدّمه، والدور الذي يسدّ به ثغرة لم يتهيأ لسدّها غيره”.
ويختم: “حظّ الشيخ خارج السجن، لا يكاد يتجاوز الشهرين إلا فيما ندر، وقد توقّفت منذ زمن عن عدّ سنوات اعتقاله التي جمعها، ولكنّها حتمًا لا تضيع عند الله”.