تعد تركيا من الدول ذات الثقل الكبير اقتصادياً وثقافياً وسكانياً في منطقة الشرق الأوسط، ولها إرثٌ طويل من العلاقات مع المنطقة العربية، التي بقي معظمها لقرون تحت حكم الدولة العثمانية، وقد نشطت خلال العقدين الأخيرين، بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، كقوة إقليمية فاعلة في المنطقة العربية، وأثارت سياساتها تجاه هذه المنطقة وقضاياها ردود فعل متنوعة ومتناقضة، سواء عند النخب الحاكمة أو المثقفين أو عامة الناس.
سعياً نحو التعرف على المواقف العامة للجمهور العربي تجاه تركيا، تم الاستناد إلى عشرة من استطلاعات الرأي العام، العربية والعالمية، التي تناولت هذا البلد، وانخرط الكاتب في تنفيذ بعضها مثل «الباروميتر العربي» الذي يعتبر أقدمها وأكثرها تنفيذاً بشكل دوري:
المؤشر العربي 2016: الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، الذي نفذ في 12 بلداً عربياً، هي: الجزائر، موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، على عينة بلغ عددها الكلي 18310 مستجيبين ومستجيبات.
المؤشر العربي 2017/ 2018م: الذي نفّذ في 11 بلداً عربياً، هي: موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، وشمل 18830 مستجيباً ومستجيبة.
المؤشر العربي 2019/ 2020م: الذي نفذ في 13 بلداً عربياً، هي: السعودية، والكويت، وقطر، والعراق، والأردن، وفلسطين، ولبنان، ومصر، والسودان، وتونس، والمغرب، والجزائر، وموريتانيا، على عينة قوامها 28 ألف مستجيب ومستجيبة.
البارومتر العربي– الدورة الأولى 2006-2009م: الذي نفذته شبكة البارومتر العربي بالتعاون في 7 بلدان عربية، هي: الجزائر، البحرين، الأردن، لبنان، المغرب، فلسطين، اليمن.
البارومتر العربي– الدورة الثانية 2010-2011م: الذي نفذته شبكة البارومتر العربي في 10 بلدان عربية، هي: الجزائر، مصر، العراق، الأردن، لبنان، فلسطين، السعودية، السودان، تونس، اليمن، وقد تكونت العينة في معظم البلدان من 1200 مواطن.
البارومتر العربي– الدورة الثالثة 2012-2014م: الذي نفذته شبكة البارومتر العربي في 12 بلداً عربياً، هي: الجزائر، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، السودان، تونس، اليمن.
البارومتر العربي– الدورة الرابعة 2016-2017م: الذي نفذته شبكة البارومتر العربي في 7 بلدان عربية، هي: الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، فلسطين، تونس، وقد تكونت العينة في معظم البلدان من 1200 مواطن، إضافة إلى 300 مواطن سوري ممن يعيشون خارج مخيمات اللاجئين في كل من الأردن ولبنان.
البارومتر العربي– الدورة الخامسة 2018/2019م: الذي نفذته شبكة البارومتر العربي في 12 بلداً عربياً، هي: الجزائر، المغرب، تونس، مصر، السودان، فلسطين، لبنان، الأردن، العراق، الكويت، ليبيا، اليمن، وشمل 25 ألف مستجيب ومستجيبة.
استطلاع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: الذي نفذته لصالح المعهد، في أواخر عام 2018م، شركة استطلاع تجارية إقليمية رائدة، في 6 دول عربية، هي: الإمارات العربية المتحدة، السعودية، الكويت، الأردن، لبنان، مصر.
مسح المواقف العالمية 2017م: الذي أجراه مركز «PEW” للأبحاث عن طريق الهاتف والمقابلات الوجاهية، على عينات وطنية مختارة من 37 دولة.
ونعرض فيما يلي أبرز النتائج:
النظرة إلى الرئيس التركي
كشفت نتائج استطلاع «PEW 2017”، في 5 من دول الشرق الأوسط، أن النظرة الإيجابية إلى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد وصلت إلى ذروتها في الأردن بنسبة 66%.
على حين ارتفعت هذه النسبة، في الأردن كذلك، وفي استطلاع معهد واشنطن 2018م، لتصل إلى 72%، ثم 77%، وفي استطلاع البارومتر العربي/ الدورة الخامسة، أما في لبنان، فقد تطابقت نسبة النظرة الإيجابية في لبنان في كلا الاستطلاعين الأولين 42%، لكنها انخفضت في البارومتر العربي لتصل إلى 30% فقط.
النظرة إلى تركيا كدولة ديمقراطية
أظهرت نتائج البارومتر العربي/ الدورة الأولى، أن 59% من المستطلعين في اليمن، و55% في الأردن، يعتبرون تركيا دولة ديمقراطية، على حين ارتفعت النسبة في البارومتر العربي/ الدورة الثانية، لتصل إلى 80% في اليمن، و77% في الجزائر، و74% في الأردن، وكان لبنان في كلتا الدورتين الأقل في اعتبار تركيا دولة ديمقراطية.
العلاقات الاقتصادية مع تركيا
أظهرت نتائج البارومتر العربي، في دورته الثالثة، أن 51% يفضلون أن تكون العلاقات الاقتصادية مع تركيا أقوى مما كانت عليه في السنوات الماضية، ثم انخفضت هذه النسبة إلى 47% في دورة البارومتر العربي الرابعة، وارتفعت مجدداً في دورته الخامسة لتصل إلى 54%، وعلى مستوى الأقطار، كانت فلسطين، في الدورة الثالثة، وبنسبة 63% أكثر البلدان التي فضل المستطلعون فيها أن تكون العلاقات الاقتصادية مع تركيا أفضل مما كانت عليه في السنوات الماضية، أما في الدورة الرابعة، فقد كانت المغرب كذلك بنسبة 71%، ثم أصبح الأردن كذلك، في الدورة الخامسة، وبنسبة 81%.
السياسة الخارجية التركية في المنطقة العربية
أظهر المؤشر العربي 2016م، أن 54% يعتبرون أن السياسات الخارجية التركية في المنطقة العربية إيجابية، وبقيت ذات النسبة في المؤشر العربي 2017/ 2018م، ثم ارتفعت لتصل إلى 58% في المؤشر العربي 2019/ 2020م، وعلى مستوى الأقطار، كانت السعودية، في المؤشر العربي 2016م، وبنسبة 85% الأعلى في التقييم الإيجابي للسياسات الخارجية التركية في المنطقة العربية، على حين كانت فلسطين كذلك في المؤشر العربي 2017/ 2018م، وبنسبة 86%.
السياسة التركية تجاه مجموعة من القضايا العربية
أظهر المؤشر العربي 2016م، أن 49% يرون أن السياسة التركية إيجابية تجاه فلسطين، في مقابل 43% من يرونها كذلك تجاه سورية، و38% تجاه العراق، و36% تجاه اليمن، و35% تجاه ليبيا، وفي المؤشر العربي 2017/ 2018م، شهدت جميع هذه النسب ارتفاعاً، باستثناء اليمن، بينما بقيت نسبة التقييم الإيجابي للسياسة التركية تجاه سورية دون تغيير، على حين شهدت جميع هذه النسب انخفاضاً ملموساً في المؤشر العربي 2019/ 2020م.
تركيا كتهديد لأمن واستقرار الوطن العربي والدول العربية
1- تركيا كتهديد لاستقرار الدول العربية كل على حدة:
أظهر البارومتر العربي في دورته الرابعة، أن 0.8% فقط يرون أن تركيا هي الأكثر تهديداً لاستقرار بلدانهم، لكن هذه النسبة ارتفعت إلى 1.9% في الدورة الخامسة، أما على مستوى الأقطار، فقد كانت مصر، في كلتا الدورتين، الأعلى في النظر إلى تركيا كمصدر تهديد لاستقرارها.
2- تركيا كأكبر تهديد لأمن الوطن العربي:
أظهرت نتائج المؤشر العربي في إصداراته المتتالية، أن 1% فقط يعتبرون تركيا الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربي.
في المقابل، تراوحت نسبة من يرون، في المؤشر العربي، أن السياسات التركية الراهنة تهدد أمن المنطقة واستقرارها، ما بين 38% في عام 2016م، لتنخفض إلى 34% في عام 2017/ 2018م، ثم لترتفع إلى 35% في عام 2019/ 2020م.
