مع تولي الحكومة الجديدة في الكيان الصهيوني مهامها، توجهت الأنظار إلى سياساتها المتعلقة بالمنطقة والإقليم، وهو ما دفع خبراء إلى الحديث عن تغيرات ربما تشهدها السياسة الخارجية.
ومن المؤكد أن تولي حكومة ائتلافية تتكون من عدة أحزاب، من عدة أطياف، ستكون لها مقاربات مختلفة على صعيد السياسة الخارجية، وخاصة تدخّل الاحتلال في مختلف قضايا المنطقة.
وينتظر أن تحصل تأثيرات تتعلق بالدرجة الأولى بالتعامل مع دول الإقليم وخاصة إيران، ومع دول الجوار العربي وخاصة مصر وسوريا، وهو ما يطرح تساؤلات عدة حيال هذه السياسات المنتظرة.
وحصلت حكومة الاحتلال الجديدة على ثقة الكنيست (البرلمان)، الأحد، ليصبح زعيم حزب “يمينا” اليميني نفتالي بينيت (49 عاما) رئيسا لها حتى أغسطس/ آب 2023، يتبعه في هذا المنصب يائير لابيد زعيم حزب “هناك مستقبل”، حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2025.
** فرص للتهدئة بالمنطقة
علي باكير، أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون، بجامعة قطر، قال إن “حكومة الاحتلال الحالية ستعطي حظوظ التهدئة الإقليمية فرصة أكبر”.
وأشار إلى أن هذه الحظوظ تأتي “في ظل المعارضة الداخلية الشديدة لمغامرات رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الخارجية، لاسيما العسكرية منها”.
باكير استدرك بالقول إنه “يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضا أنه عندما يتعلق الأمر بالملف الإيراني، فإن هناك العديد من المؤسسات التي تلعب دورا في هذا المجال من بينها الموساد ووزارة الدفاع”.
وأضاف: “الغالب أن التقييم العام حول مخاطر إيران النووية ستبقى كما هي، إلى جانب التهديدات الإيرانية المحتملة من دول الجوار، مع تعويل أكبر لحكومة الاحتلال على الضمانات الأمنية الأمريكية”.
** تكثيف استهداف مواقع النظام السوري
وفيما يتعلق بالملف السوري، قال عمار قحف، رئيس “مركز عمران للدراسات”، إن “حكومة الاحتلال الجديدة هي تحالف هش وهجين من عدة تيارات، لكن الرئيس الجديد للحكومة هو تلميذ مدرسة نتنياهو، وإن كان ينتمي إلى اليمين المتشدد فيما ينتمي نتنياهو إلى اليمين القومي الصهيوني”.
وأضاف : “على الرغم من ذلك، يبقى بينيت ابن مؤسسة الدولة، وبالتالي سيكون تعامله مع الملف السوري بشكل عسكري أكثر مما هو سياسي”.
واعتبر قحف أن “النظام السوري خسر حليفا غير معلن في نتنياهو الذي كان حامياً لبشار الأسد. أما الحكام الجدد المسيطرون على السلطة في إسرائيل، فليس عندهم الصلات السياسية التي يلطفون بها هجماتهم العسكرية”.
ولفت إلى أنه “ستوكل مهمة استهداف إيران وميليشياتها والمنظمات العسكرية التي تشكل خطراً على الكيان الصهيوني إلى مؤسسة الدفاع حصرا، من دون تلطيف وبلا صفقات سياسية حولها”.
** الملف الفلسطيني بيد الاستخبارات المصرية
وتحدث الكاتب المصري ياسر عبد العزيز، عن الملف الفلسطيني وتعامل مصر معه، بعد تولي الحكومة الجديدة في الكيان الصهيوني، بالقول إن “الحكومة الجديدة تأتي من تيار الوسط، إلا أن هناك تنسيقاً منذ فترة طويلة مع الأحزاب اليمينية في البلاد”.
وأضاف عبد العزيز إن “رئيس الحكومة الجديد لديه خلفية أمنية تدفع إلى الاستيطان وتمكين المستوطنين، وهو ما يعطينا فكرة عن الحكومة وسياستها”.
وتابع: “ومع تركة سلفه وعلى رأسها الهزيمة الأخيرة في غزة، التي تركت أثرا على المجتمع اليهودي، فإن الأطراف اليمينية في الحكومة تدفع باتجاه عمل ما لرد الاعتبار في غزة”.
وذكر أن “ما سبق يجعل القاهرة تضع في بالها وتعاملها مع الحكومة الجديدة كل الاعتبارات السابقة، وجميع الملفات الفلسطينية في مصر تعتبر ملفات استخباراتية، وأحيانا يظهر بأنه ملف دبلوماسي”.
ورأى أن “الأجهزة العميقة بين الدولتين هي التي ستعمل، ولن تكون هناك تغيرات كبيرة في التعاطي مع الملفات الأساسية”.
** تغيير السياسة الفلسطينية
الكاتب المصري ذهب إلى أن “السياسة المصرية في السنوات الأخيرة تغيرت، واستضافت المصالحة الفلسطينية، وبدأت تنفرد بالملف بشكل قوي لأنها شعرت بأهميته، وزاد الاهتمام بعد معركة غزة الأخيرة وسعي الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى احتواء الأمر بالتواصل مع القاهرة”.
وأردف: “القاهرة بعد دورها الأخير، عليها أن تثبت نفسها أمام بايدن وسعيها عبر أكثر من جهة، استخباراتية وسياسية وإعلامية، وربما كانت تتمنى استمرار نتنياهو في الحكم نتيجة علاقته الجدية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
وختم عبد العزيز قائلاً: “سيسبب الموقف الأخير لأمريكا تحدياً للنظام على صعيد العمل. فلا تريد واشنطن حريقا بالمنطقة، وأشك في نجاح القاهرة بذلك نتيجة الاتفاقيات السابقة مع الكيان الصهيوني، التي تتفق مع ضرب المقاومة، ولا أظن أن تلعب دور رجل الإطفاء في المنطقة”.
وفي 13 أبريل/ نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات “وحشية” صهيونية بمدينة القدس المحتلة.
وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية المحتلة والمناطق العربية داخل الأراضي المحتلة، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في غزة، انتهت بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، فجر 21 مايو/ أيار الماضي، بوساطة مصرية.
وتلعب مصر دورا كبيرا في عملية إعمار قطاع غزة، ففي 18 مايو/أيار الماضي، أعلنت تقديم 500 مليون دولار لصالح إعادة الإعمار، كما أرسلت معدات وأطقم هندسية للمشاركة في إزالة ركام المباني المدمرة.